أنا لم أعلم بهذا سوى اليوم!!
يحكى أن سائحا إنجليزيا كان يمشي في شوارع باريس فاستوقفه رجل فرنسي مخمورا وسأله: هل أنت إنجليزي؟ قال السائح: نعم.. أعاد عليه الفرنسي السؤال مرة أخرى: هل أنت متأكد أنك إنجليزيا!؟.. رد عليه: نعم أنا متأكد.. فما كان من الفرنسي إلا أن شمر عن ساعده وصفعة بقوة على وجهه.
الإنجليزي فاجأته قوة الصفعة فقال بغضب: لماذا فعلت ذلك؟ رد الفرنسي المخمور: لأنكم قتلتم جان دارك.. قال الإنجليزي مستغربا: ولكن حدث ذلك قبل 600 عام!!.. فقال الفرنسي المخمور: أنا لم أعلم بهذا سوى اليوم!!
فبعض الخطط والأفكار الموجودة الآن قد تمثل خطرا على أصحابها قبل أن تمثل خطرا على المجتمع نفسه، هذه الخطط والأفكار التي تبدأ بالسرية واصحابها يزعمون أن لديهم أفكار ومعارف خاصة يصعب على الناس فهمها ويصعب إخضاعها للظواهر والقواعد المعرفية المعترف بها ويدعون أن هذه الأفكار كالزهرة لا تحتمل اللمس بالأيدي وبالتالي فإن تداولها غير ممكن وغير مفيد.
هنا نستطيع أن نقول: إن قوة الخطة في إمكانية نشرها وتبليغها، والخطة التي لا تقبل النشر تفتقر من الدرجة الأولى إلى القوة والنمو، فالأفكار والخطط التي ستخدم المجتمع من الضروري أن تكون مشاعة بين الناس بما يلامس تطلعاتهم واحتياجاتهم، وتكتسب المعرفة قوتها وصلابتها من تداولها بين عقول الناس وأفهامهم ومن عرضها على محكات الخبرة والتجربة، وهذا هو الطريق الوحيد لنضجها واكتمالها، لأن بتداولها تمر بكثير من العمليات الجراحية الكبرى والصغرى من إضافة وحذف وتعديل حتى تستوي على سوقها.
فكثير من الخطط تحدث بها "عفونة داخلية" بسبب خضوعها لرؤية أحادية ومحدودة، لذا فإن كل المذاهب المنحرفة نشأت في الظل وهى بذلك تستمد استمرارها بعدم تعرضها للتداول والخبرة العامة حتى تصبح أشبه بعملات ونقود أثرية ليس لها أي وزن في تبادل الأسواق التجارية.
تشريعات صارمة يجب أن تُسن وأعين كثيرة يجب أن تظل مفتوحة إذا ما أردنا النجاح وتقليل الآثار السلبية، الأفكار السرية خطط خطيرة على المجتمع، خاصة إننا الآن لدينا الكثير من أصحاب الأهواء والذين لا يرون إلا أنفسهم، وحتى لا نصل إلى مقولة الفرنسي المخمور " أنا لم أعلم بهذا سوى اليوم!!