«دار الآن» تصدر «عدن في عيون أردنية» لمحمد جرادات
أصدرت "دار الآن" أحدث كتبها "عدن في عيون أردنية" للباحث محمد جرادات.
ومن أجواء الكتاب: «ربما يعرف جميعنا عدن، لكن من يعرف أنها كانت عاصمة لدولة اسمها جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، فهم بالتأكيد أبناء جيل أصبحوا اليوم في الخمسينات والستينات من أعمارهم، والسبب موضوعي على أي حال، فالدولة خرجت من الجغرافيا السياسية، وبقيت ملكا للتاريخ. الدولة التي عرفها الناس باليمن الجنوبي، ظهرت إلى التاريخ سنة 1967 بعد احتلال بريطاني استمر منذ عام 1839، ومقاومة شعبية توجت بثورة مسلحة انطلقت سنة 1963، وقد استمرت حتى سنة 1994، حين قامت وحدة بين دولتي اليمن.
وقليلون هم الشباب الأردنيون الذين تمكنوا من الوصول إلى اليمن سواء للعمل أو الدراسة قبل الألفية الثالثة. دولة الجنوب بنظامها الاشتراكي هي الوحيدة التي استطاعت أن تستقطب أعدادا من الطلبة الذين ينتمون إلى الأحزاب التي تشاركهم الفكر، أو من المنظمات المعادية للإمبريالية. وقد كانت تلك تجربة فريدة ومتميزة في العالم العربي. أحد الأردنيين الذين تمكنوا من الوصول إلى عدن للدراسة والعيش فيها في فترة ازدهار نظام اليمن الديموقراطي السياسي هو الدكتور محمد جرادات، الذي عاد إلى مخزون ذاكرته بعد سنوات طويلة من عودته من عدن، وبعد أحداث كثيرة ورياح عاصفة مرت على البلاد، بتجميع شتات الذاكرة، ليصدرها في كتاب بعنوان" عدن في عيون أردنية" صدر مؤخرًا عن الآن ناشرون وموزعون في عمّان».
وينظر الدكتور الجرادات إلى تجربة اليمن الديمقراطي على أنها «حلم جميلٌ في زمن مستحيل، وقد شاءت ظروفه أن يعيش تجربة دولة اليمن الديمقراطيّة بكل توحّدها وتناقضاتها؛ تلك الدولة التي كانت شبه خالية من الأميّة وتتمتّع بتعليم وصحّة مَجَّانيّيْن، وتحتضن خيرة مناضلي الشعوب العربيّة الذين لم تسمح لهم بلادهم بالبقاء فيها أو تلقّي التعليم على أرضها، فتجد العراقي والسوداني والفلسطيني والأردني والبحريني... إلخ، تجمعهم النقاشات ويفرقهم الجدل والخلافات. وكما هو الوضع الذي عايشه الكاتب نراه متنقلًا بين الحلم وصولًا إلى «الهروب إلى الأمام» نحو الوحدة اليمنيّة عام 1990، مع توقّف طويل حول صراع «الرفاق» الدموي عام 1986 وما نجم عنه من فقدان الآلاف من الكوادر والمناضلين اليمنيين والفراغ الفكري والسياسي والتقنيّ كنتيجة حتميّة لذلك.
ولم يكن الكاتب مجرّد شاهد عيان، كما يقول الباحث نواف نافع، بل كان جزءًا من المشهد، مؤكدًا أن «مَن لم يزُر عدن ينقصه شيء ما، ومَن زارها وعاش فيها يعرف ما الذي ينقص الرّفيق الذي لم تُتح له فرصة الزيارة»، وأن الذي يتجول في«ساحة العروض» كان يمكن أن يلتقي عبد الفتّاح إسماعيل أو على عنتر أو عبد الله باذيب وغيرهم من القادة يتمشّون من دون حراسة، أو يشتري شيئًا ما من دكّان بالآجِل ليجد اسمه إلى جانب اسم أحد الوزراء. هذا هو اليمن الديمقراطي؛ مزيجٌ من الفطرة والبساطة والحلم بالاشتراكيّة و«المثال الذي يجب أن تنتهي إليه نضالاتنا» على حدّ تعبير الزعيم الراحل يعقوب زيادين. لأنه كان كذلك، فإن د.محمّد جرادات يغوص فيما يغوص به من الوجدانيّات متنقّلًا بين أغاني فرقة الطّريق والفنان جعفر حسن، وأشعار سعدي يوسف والسّوداني محجوب شريف، وحضور لقاء للأمين العامّ للحزب الشيوعيّ السوداني محمّد إبراهيم نقد، ليضعنا الكاتب وسط مجتمع عربي تقدميّ بامتياز.
وفي خضم الصّراعات والأمل والألم لم ينسَ الكاتب وطنه الأردن؛ فنراه يشارك في النّضال تضامنًا مع طلبة جامعة اليرموك ومع معتقلي الحزب الشيوعي الأردني، مازجًا ذلك وناقلًا إيّاه إلى رفاقه وزملائه اليمنيين والعرب لتصبح أهازيج هيّة الكرك والحكومة الوطنيّة وانتخابات عام 1956 وانتفاضة نيسان/أبريل جزءًا من نشاطات اتحاد الشباب الديمقراطي اليمني والمناضلين العرب المقيمين قسرًا أو اختيارًا على أرض اليمن الجنوبيّ، ممتزجة بالفرح القادم من السّودان مع الإطاحة بجعفر النميري، والغضب لضرب الطيران الأمريكي لليبيا... إلخ.
يذكر أن الدكتور الجرادات من مواليد بشرى في إربد سنة 1962، وحاصل على شهادة البكالوريوس في الفلسفة والعلوم الاجتماعية من جامعة عدن، والماجستير في الأنثروبولوجيا الثقافية من جامعة اليرموك الأردنية، والدكتوراه في الصحافة والإعلام.
عمل مدرسًا في جامعة العلوم الإبداعية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومحاضرًا في معهد الشارقة للتراث، ومدير إدارة الاستشارات والخدمات الإعلامية في شركة خطوة للإنتاج الإعلامي في الإمارات العربية المتحدة، وهو إضافة إلى ذلك كاتب وصحفي وخبير في التدريب الإعلامي، ويعدُّ مؤسِّس جمعية الأنثروبولوجيين الأردنيين، وترأسها لفترة من الزمن، وهو عضو الجمعية الفلسفية الأردنية، كما أنه عضو هيئة تحرير مجلة الموروث العلمية المحكّمة، الصادرة عن معهد الشارقة للتراث، وعمل مدير تحرير لمجلة معكم، المتخصصة في العمل الخيري والإغاثي، الصادرة عن منظمة الهلال الأحمر العربي والصليب الأحمر العربي.