رئيس التحرير
عصام كامل

فوضى أسعار الخدمات الطبية تضرب «الغلابة».. رفع سعر خدمة منظار المعدة لـ200 جنيه.. وفى المنشآت الخاصة يتخطى 1000.. و«شيحة»: المستشفيات العامة تخضع لأسعار اللائحة 239 منذ 21 عامًا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

خلال الفترة الأخيرة شهد عدد من المستشفيات العامة والمركزية زيادات في أسعار الخدمات بها، مثل تحليل السكر، صورة الدم الكاملة، الهرمونات، الغدة الدرقية، برغم أنه يفترض أن تكون مجانية في المستشفيات أثناء الكشف، وحتى في أقسام الطوارئ والاستقبال، ومع ذلك أصبحت تجرى بمبالغ، ويدفع المريض مقابلا لها، كما أن الأمر لا يقتصر فقط على التحاليل، بل الأشعة بكل أنواعها، سواء الأشعة العادية البسيطة أو خدمات المناظير والعمليات.


239 لائحة
وبرغم وجود لائحة موحدة، وهي 239، تنظم عمل المستشفيات العامة التي لم تتغير منذ سنوات، ومازالت كما هي بأسعار قديمة لا تتناسب مع قيمة الخدمة الفعلية المقدمة، فإن المستشفيات أصبحت تضرب بها عرض الحائط، وتطلب من المريض الدفع مقابل كل خدمة، واندثر مصطلح “مجانية العلاج”، وسط موجة الغلاء التي يعاني منها الجميع، ومطالب الأطباء والعاملين في الوسط الطبي بتعديل تلك اللائحة.

مصادر كشفت لـ”فيتو” عن وجود تعليمات للمستشفيات بإعادة تقييم لتسعير الخدمات الطبية بجميع المستشفيات العامة والمركزية، وحساب التكلفة الخاصة بكل خدمة، سواء أجر الفريق الطبى أو سعر المستلزم أو تكلفة الجهاز الذي يستخدم للمريض، من خلال لجان شكلت في عهد وزير الصحة السابق؛ لإعادة تسعير كل الخدمات.

أسعار الخدمات
من جانبه، قال الدكتور محمد مقبل، عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة، ومقرر لجنة الشكاوى بالنقابة: إن أسعار بعض الخدمات مثل أجهزة المناظير والعمليات زادت منذ فترة قريبة، وأشار، في تصريحات لـ”فيتو”، إلى أن سعر الكشف بالعيادات الخارجية بالمستشفيات العامة تذكرة بـ2 جنيه، تشمل العلاج، بينما تذكرة العلاج الاقتصادى بعد الساعة 12 ظهرا بـ3 جنيهات دون صرف أدوية، وأوضح أنه يتم تحديد أسعار الخدمات بالمستشفى العام بموافقة مجلس أمناء المستشفى، موضحا بالأمثلة أن مناظير الجهاز الهضمى زاد سعرها، حيث ارتفع منظار المعدة من 110 إلى 200 جنيه، وفى المنشآت الخاصة يزيد إلى 1000 جنيه، وأكد أن نفس الخدمة يختلف سعرها من مكان لآخر، فمثلا بمستشفى عين شمس العام يصل إلى 300 جنيه، لافتا إلى أن أغلب الزيادات في الأسعار لا تعود بفائدة على المريض؛ لأنها تدخل ضمن أموال صناديق الخدمة، وتوزع “مكافآت الاقتصادي” على المديريات.. ولا يستفيد منها الموظفون وحتى التمريض والأطباء، وجزء آخر يذهب لشراء المستلزمات والصيانة، فضلا عن أن بعض تلك الأجهزة تكون معطلة.

التسعير
فيما قال الدكتور هشام شيحة، رئيس قطاع الطب العلاجى بوزارة الصحة سابقا: إن نظام التسعير داخل المستشفيات العامة والمركزية وفقا للائحة 239 متبع منذ ٢١ عامًا، وهو يضم بابًا عن العلاج بأجر، ومن المفترض أن تخضع للتحريك كل فترة، وتعتمد اللائحة على العلاج المجاني في الأغلب، مع وجود بند العلاج بأجر، وأشار إلى أنه لتغيير تلك اللائحة يجب أن يوقع كلٌّ من وزيري الصحة والتنمية المحلية، خاصة أن المستشفيات العامة والمركزية بالمحافظات تخضع إداريًّا للمحافظين، تتبع الحكم المحلي، وأكد د. شيحة أن الأصل في المستشفيات العامة والمركزية أن يكون العلاج مجانيًّا، بينما يُطبق العلاج بأجر للإنفاق على القسم المجاني، سواء الصيانة أو القوة البشرية، ولا يمكن لأى مستشفى أن يرفع السعر من تلقاء نفسه، وأشار إلى أن التذكرة في المستشفيات مجانية مقابل عبوات الدواء، مشيرا إلى أن هناك تجاوزات متعددة، منها عمل لوائح منفردة تعتمد من المحافظ لزيادة السعر أو طلب رسوم على الأشعة أو قياس رسم القلب أو التحاليل بالمعامل.

وأوضح أن التصرف القانونى لإدارة المستشفى هو تحريك سعر التذاكر نظير الخدمة بالعيادات الخارجية بعد الظهر، أو العلاج الفندقى أو أسعار تذاكر الزيارات.

من جانبه، قال الدكتور أحمد فتحي، عضو مجلس نقابة الأطباء لــ”فيتو”: إنه لا توجد لوائح أسعار معلنة للجمهور، مشيرا إلى أن كل التذاكر الخاصة بالدخول مطبوع عليها جنيه واحد، ويتم ختمها من المستشفيات بشباك صرف التذاكر بــ3 جنيهات، وأماكن أخرى 5 جنيهات.

بدوره، قال الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب بكلية الطب جامعة عين شمس، وعضو مجلس نقابة الأطباء السابق لـ”فيتو”: إن من أهم عوامل انهيار الخدمة الصحية تسعيرها وطرق حسابها، حيث يتم تحديد تكلفة الخدمة، وأشار إلى أنه يتم تحديد تكاليف الخدمة أقل من المطلوب، موضحا أنه لا يتم حساب قيمة تكلفة إهلاك المستشفى والأجهزة، موضحا، على سبيل المثال، أنه في تخصص جراحات القلب تبلغ تكلفة سرير الرعاية المركزة للطفل 2.5 مليون جنيه، وعمره الافتراضي لا يتعدى 10 سنوات، سواء السرير والشاشة وجهاز التنفس الصناعي، ويتحمل خدمة ألف مريض على الأكثر، وتابع د. سمير حديثه، بأنه يجب حساب التكلفة للخدمة من خلال تكلفة الجهاز أو السرير للمريض على عدد الطاقة الاستيعابية له؛ ليتم دفع القيمة الحقيقية للخدمة، مشيرا إلى أن أغلب الأجهزة بالمستشفيات لا تصلح للاستهلاك الآدمي، وأشار إلى أن الزيادات على أسعار الخدمة مقارنة بالتكلفة الحقيقية لا شيء، لافتا إلى أن زيادة تسعير الخدمة لن يحسنها لو أن مفتاح قانون التأمين الصحى الشامل الحقيقى هو حساب التكلفة الحقيقية.

وأوضح د. خالد سمير أنه بالنسبة للمستشفيات الجامعية فلديها حرية في تحديد أسعارها بعد موافقة مجلس إدارة المستشفى، وفي حالات الزيادة تكون بنسب طفيفة لتعويض الخسائر أو تقليل حجمها لتستطيع شراء الأساسات، رغم أن طاقتها الاستيعابية يمكن أن تسمح للمزيد من الحالات، وكشف عن وجود 5 غرف عمليات جديدة بأكاديمية القلب بجامعة عين شمس، لم يتم افتتاحها للعمل بعد الانتهاء منهم؛ لعدم وجود ميزانية لشراء المستلزمات والأجهزة وتوفير أجور القوى البشرية، ولفت إلى أن المستشفيات العامة والمركزية تخضع لسلطة قطاع الطب العلاجي بوزارة الصحة لا يمكنها رفع الأسعار فجأة، ولكنها حاليا يتم تحصيل رسوم رمزية على بعض الخدمات منها التحاليل والأشعة؛ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية