رئيس التحرير
عصام كامل

«ورحل صاحب الجلباب الأبيض».. كبير المرشدين السياحيين مثَّل مصر دوليا.. التقى القذافي وكبار المشاهير.. عاش متمسكا بالتراث يرحب بكل الوفود السياحية... وامتنع عن التعامل مع السياح الإسرائيليين

فيتو

عاش المرشدون السياحيون بالأقصر، حالة حزن بعد سماعهم خبر وفاة شيخهم "صالح البقرى" بعد صراع طويل مع المرض، مدشنين هاشتاج "صالح شعلان لن ننساك".


والمتتبع لحياة البقري يعرف قدره وقدر تأثيره في الأقصر وغيرها، خاصة وقد امتلك كاريزما خاصة جعلت الإرشاد السياحي على يديه فنا قبل أن يكون مجرد مهنة.

التمسك بالتراث
لم يتخل صالح البقري عن زيه التقليدى الصعيدي.. الجلباب والعصا الشهيرة التي كان يتكئ عليها دائما، واعتاد شراء العصى من أي بلد يزره منذ عمله كمرشد سياحى عام 1979 بعدها أطلق عليه زملاؤه "شيخ المرشدين"" باعتباره أكبرهم سنا.

"الحاج صالح البقري" من مواليد النجع التحتاني بعائلة البقريين بمنطقة الكرنك، ولد عام 1944 وذاع صيته كمرشد سياحي متفرد، دائما كان يرتدى "الجلابية" والتي كانت الملبس الأساسي والرسمي للمرشدين السياحيين في الأقصر، ومع تغير الزمن وتعاقب الأجيال أصبح هو فقط المتمسك بالجلباب البلدي ولم يكن يراه عائقا عن عمله.

شخصية دولية
"البقرى" التقى عشرات المسئولين العرب والأجانب منذ بداية عمله مرشدا سياحيا وحتى قبيل مرضه بفترات وجيزة، ومثل مصر في مناسبات عديدة، وكان سفيرًا لها بجلبابه الشهير في عدة دول أوروبية منها فرنسا وإنجلترا، بالجلباب حيث زار المتحف البريطانى ومتحف اللوفر.

لقاء الكبار
والتقى البقري كلا من "البرنس تشارلز 1979، اللورد منتباتن، والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، الفنانين المصريين رشدي أباظة، شكري سرحان" وغيرهم من مشاهير السياسة والفن وشرح لهم آثار مصر، التي مثلها في قبرص عام 1989 في المؤتمر الدولي للمرشدين السياحيين، وانتخب عضوًا في اللجنة الدائمة الدولية للسياحة.

عادة ملازمة
واعتاد السياح رؤيته يمسك "العصا" كان يختارها مناسبة للون حذائه حتى يستكمل "شياكته" ورونقه"،الذي يعكس الشخصية المصرية، لذلك فهو دائمًا يشتري العصا من أي بلد يزره أو تهدى إليه من أصدقائه، فيراعيها ويحافظ عليها.. فكان يمتلك عصي من جنوب أفريقيا، وأخرى من أمريكا وثالثة من أيرلندا، وإنجلترا، وعصى كلفته 42 جنيها إسترلينيا من إنجلترا، وأخيرة اشتراها بـ600 جنيه وهي عصى "يسي باشا" أحد أعيان الأقصر وعائلة ذائعة الصيت إلى الآن.

وكان لشيخ المهنة دور كبير في تأسيس نقابة المرشدين السياحيين، حيث كان العاملون في القطاع السياحي يعتمدون على "جمعية المرشدين السياحيين" في الستينيات، والتي ما زالت إلى الآن في الأقصر، ثم تم إنشاء نقابة للمرشدين السياحيين بالأقصر عام 1983، وبقى زميلا ومعلما للعديد من الأجيال حتى توقف عن العمل كمرشد سياحي منذ 2008.

المحافظة
وللبقري عدة مواقف خاصة خلال التغييرات الجذرية التي شهدتها الأقصر، كان يرى بداية أزمات القطاع السياحي، في وقت نكسة 1967 حيث كانت الوفود السياحية من الجنسية الروسية هي السواد الأعظم فيما شهدت قلة في عدد السائحين الأمريكان، وبعد عام 1979 وانتهاء الحروب بدأ الرواج السياحي، وشهدت مصر توافد السياح من مختلف الجنسيات إلى الأقصر خاصة وكان يرى أن الأحداث السياسية لها تأثيرها على السياحة ويجب أن يشعر السائح بالأمان قبل زيارته أي بلد ولكنه ظل يرفض التعامل مع "الزبون الإسرائيلي" فكان يعتبر الاحتلال عدوا للأبد.

كان الراحل يستعد لإجراء عملية قسطرة في القلب، بمستشفي الأقصر الدولي قبل أن توافيه المنية يوم الجمعة الماضي، وتم تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير بالنجع التحتاني بحضور مئات من محبيه وتم دفنه بمدافن العائلة بمقابر السيد يوسف بالكرنك.
الجريدة الرسمية