رئيس التحرير
عصام كامل

عروس البلطيق.. على أرضها ما يستحق الحياة

فيتو

بين التطور الذي صنعه الإنسان من تقدم علمى وإرث ثقافى مبهر، خرجت حضارة هذه الدولة الصغيرة من رحم القارة الأوروبية العجوز، لكنها خرجت بنكهات شرقية كمذاق القهوة التركية، لتلمع وسط الشعوب وتتميز بفنونها الشعبية وعروضها المسرحية ودور السينما، ليس ذلك فحسب وتحقق استقلالها من خلال فنها وعزفها سيمفونيات متعددة.


تشتهر لاتفيا أو عروس البلطيق كما يهوى أهلها أن يصفوها بفنها الفلكلورى التقليدي، والذي يسمى "دايناس"، خاصة الرقص على أنغام الأغانى الشعبية، الذي يعود تاريخه لأكثر من ألف عام، وتنتقل الطقوس والعادات والتقاليد بها من جيل إلى آخر، وتعد متجذرة في أصولها وطبيعتها، وقد تعرضت ساحرة البلطيق خلال العقود الحديثة من تاريخها لصنوف من الاحتلال، بسبب موقعها الجغرافى المميز كحلقة وصل بين أوروبا والشرق، فضمها الاتحاد السوفييتى إلى سيطرته بين 1940-1941 و1945-1991، كما سقطت تحت سطوة ألمانيا النازية بين 1941-1945 وكان عام 1991 هو العام الذي قام فيه اللاتفيون بتغيير مجرى التاريخ، حين قرروا أن ينفضوا عن بلادهم غبار عصور الاحتلال، وتمكن الشعب عبر ثورة الغناء بحناجره التي شدت بأغانى الحرية ضد الحكم السوفييتى.

كما تعرف لاتفيا بالتعليم فهى تعرف أيضًا بفنها والموسيقى التي تملأ شوارعها، حيث إن المارة في أسواقها يستمتعون بأبيات شعرية يلقيها الباعة مدحًا بالعاصمة "ريجا" وجمالها التي كانت أراضيها جبهة معارك الجيوش الصليبية الألمانية والقياصرة الروس والسويديين، حتى نابليون سار بجيوشه عبر أراضيها في طريقه إلى روسيا، وتضم ريجا إرثا ثقافيا مهولا جعلها جزءًا من إرث اليونسكو العالمي، ففى ريجا القديمة التقى كثير من حضارات العالم، وتركت هذه الحضارات بصماتها في العديد من الأنشطة الفنية والمسارح والمعالم، ولعل هذا المزيج بين الجمال الطبيعى والإرث الفنى الثقافى الكبير هو ما أهل العاصمة اللاتفية لأن تكون إحدى عاصمتى الثقافة الأوروبية لعام 2014، واشتهرت لاتفيا بأنها دولة المسارح، حيث أنشئ على أرضها عدد كبير من المسارح رغم مساحتها الصغيرة وعدد سكانها الضئيل، وقد يكون المسرح أكثر أشكال الفنون المسرحية شعبية في لاتفيا ويرتاده الجميع سواء الصغار أو الكبار ريفين أو حضرين.

فالمناسبات المفضلة لدى الكثير من اللاتفيين تدفعهم للذهاب إلى المسارح، التي توجد في العاصمة "ريجا"، كما أن كل بلدة لديها مسرحها الخاص بما فيها المسارح المفتوحة، والتي يرتادها المواطنون قبل العروض بفترة، حتى يجهزوا الورود لمغنيهم وممثليهم المفضلين، حتى إنهم ينظمون أنفسهم في مجموعات، ويتخذون باصات للذهاب للعاصمة ريجا، ومشاهدة المسرحيات المفضلة لهم والتي يقدمها فنانوهم المفضلون على المسرح، ومن أشهر المخرجين المسرحيين "الفيس هيرمانيس" وفلاديسلافس ناستافشيفس وأندريييس جارجاس ومارا كيميلين ففى عام 1883 أنشئ مسرح ريجا الروسي، والذي يعد أقدم مسرح للدراما المهنية في لاتفيا، وذخيرة للمسرحيات الكلاسيكية والعروض التجريبية لمسرح الخارجية الروسي.

وتخصص لاتفيا يومًا في السنة للاحتفال بالفنانين والمخرجين ومصممى الرقص والممثلين، الذين ينتجون أشكالًا فريدة وتجريبية للمسرح، ويتواصلون مع الجمهور بطرق جديدة تمامًا، ويظهرون أن المسرح يمكن الاستمتاع به بطرق غير تقليدية.

وامتدت احتفالات الرقص والغناء في البلاد إلى 150 عامًا، وشارك ٣٠ ألف شخص و2 مليون متفرج، والذي صنف بأنه تحفة اليونسكو لتراث البشرية الشفهى وغير المادي، كما استطاعت الفنون التمثيلية للاتفيين نيل إعجاب جميع أنحاء العالم في شتى مجالات الموسيقى والأوبرا والمسرح والباليه والسينما والرسوم المتحركة، ومن أبرز الفنانين على الحلبة الفنية المعاصرة بلاتفيا: إينتا روتكا وكاترينا نييورغا، وأرنيس بالتشوش، وكريش سالمانيس، وكريستابس، وماريس بيشوفي.

وتعرف السنيما اللاتفية بقصصها غير المعتادة وصناعها الموهوبين، كما أنها تضم عددا من مخرجى الأفلام المعترف بهم دوليًا ومنهم: ليلى باكالنينا، وينارز فيمبا، أندريس إيكيس، أيجرز جراوبا، إضافة إلى أنها تعتبر من أفضل الأماكن لتصوير الأفلام التاريخية والمعاصرة، وتتميز لاتفيا باحتفالاتها الضخمة في العطلات الشعبية الخاصة بها مثل: عيد الفصح وعيد منتصف الصيف المسمى "يانيي" والذي يعد أقدم وأفضل أشهر الاحتفالات في لاتفيا، وكذلك عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية، عن طريق تزيين شجرة عيد الميلاد، ولم تتوقف احتفالات لاتفيا وفنونها إلى هذا الحد لكنها تحولت إلى جنة لرقص الهيب هوب، والذي يعتبر فنا مختلفا حتى في تصميم ملابسه غير التقليدية.
الجريدة الرسمية