خيانة دول المقاطعة.. عشاء راقٍ يكشف المستور بين أمريكا وقطر
بدأت قطر تتحرك في اتجاه استمالة أمريكا إلى جانبها ضد دول المقاطعة العربية الأربع "السعودية ومصر والإمارات والبحرين"، بهدف ضمان انتصارها في معركة المقاطعة واستمرارها في مخططها الفوضوي بالمنطقة بدعم من أعضاء بالكونجرس الامريكى وإدارة ترامب على ما يبدو أنهم قرروا طرح ضمائرهم في مزاد الأزمة.
عشاء التفاهم
وبحسب "شبكة "رويترز" شهدت الولايات المتحدة الأمريكية، في جو من الألفة الشديدة تجمع بضع عشرات من بينهم أعضاء في الكونجرس ومسئولون في الإدارة الأمريكية الأسبوع الماضي على عشاء في أحد الأحياء الراقية في واشنطن على شرف وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثانى.
وجلس وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين بجوار الوزير القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وقال منوتشين للوزير ”لقد كنت صديقا عظيما للولايات المتحدة“.
كان هذا المشهد يختلف كل الاختلاف عما كان عليه الحال قبل عام، وفي ذلك الوقت مر عشاء مع مسئولين قطريين في مطعم بواشنطن لكسب تأييد أعضاء في الكونجرس في هدوء دون أن يشارك فيه أي فرد من أصحاب النفوذ في إدارة ترامب على حد قول واحد من المشاركين فيه.
تواجد بالكونجرس
وقال جوي ألاهام المستشار السابق لقطر الذي تقاضى 1.45 مليون دولار، بما فيها المصروفات، نظير عمله في مناصرة قضيتها "عندما حدثت المقاطعة لم تكن قطر موجودة في الكونجرس".
ومر عام ولا تزال المقاطعة قائمة إذ فشل الطرفان في تسوية نزاعهما، غير أن مقابلات مع مستشارين من الجانبين كشفت أن قطر تمكنت من إقناع بعض أعضاء الكونجرس والأمريكيين من أصحاب النفوذ أنها حليف للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب وضحية لمقاطعة ظالمة.
ملايين الدولارات
وقال عدد من أعضاء جماعات الضغط القطرية إن هذه الإستراتيجية التي كلفت قطر العضو الصغير في منظمة أوبك عشرات ملايين الدولارات تركزت على الوصول للمقربين من ترامب وعلى الضغط لاستمالة أعضاء الكونجرس.
كما أوضح مستشارون وبيانات نشرت على الملأ أن قطر استعانت ببعض الشخصيات المقربة من ترامب وتعهدت بضخ مليارات الدولارات في استثمارات أمريكية وتكفلت بمصروفات زيارات للدوحة.
جاءت مقاطعة قطر في أعقاب توترات طويلة تحت السطح في منطقة الخليج إذ غضبت دول مثل السعودية والإمارات من لعب الدوحة دورا أكبر من حجمها في الشئون الإقليمية ومن دعمها لفئات بعينها في انتفاضات وحروب أهلية وكذلك انخراطها في الوساطة في اتفاقات سلام في منطقة الشرق الأوسط.
تحالف وثيق
ووجدت الولايات المتحدة التي تربطها علاقات تحالف وثيقة بدول الجانبين نفسها بين شقي الرحى وحاولت الوساطة دون طائل.
وقال مسئول في الإدارة الأمريكية إن بلاده تخشى أن يسمح هذا الخلاف لإيران بتعزيز وضعها في منطقة الخليج إذا ما أيدت طهران القطريين.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن ترامب يريد "تهدئة الخلاف وتسويته في نهاية المطاف لأنه لا يفيد إلا إيران".
وقال مسئول إيراني كان يشغل في السابق منصب سفير بلاده لدى الإمارات إن هذه المقاطعة تنتهك "حق دولة مستقلة مثل قطر في اختيار حلفائها".
وقال يوسف العتيبة سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة "بدلا من الأمل في أن تفرض واشنطن حلا للأزمة يجب على قطر أن تقيم حوارا مباشرة مع الإمارات وجيرانها".
ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن على طلب للتعليق على الأمر.
جماعات الضغط
تتمتع قطر بثروة هائلة بفضل احتياطياتها من الغاز الطبيعي وقد أنفقت ما لا يقل عن 24 مليون دولار على الاستفادة من جماعات الضغط في واشنطن منذ بداية العام 2017.
وتبين وثائق مقدمة لوزارة العدل أن ما أنفقته قطر على جماعات الضغط بلغ 8.5 ملايين دولار في عامي 2015 و2016.
وقد استعانت قطر ببعض المقربين من ترامب، فقد قال رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني إنه عمل لحساب القطريين في تحقيق وزار الدوحة قبل أسابيع من اختياره محاميا شخصيًّا لترامب في أبريل نيسان.
وامتنع جولياني عن الخوض في التفاصيل وقال لرويترز إنه لم يتحدث مع ترامب في أمر عمله لحساب قطر.
رد الهجوم
أما خصوم قطر فقد شنوا حملة هائلة من جانبهم، واستعانتا بشخصيات مثل إليوت برويدي الجمهوري المتخصص في جمع التبرعات والمقرب من ترامب.
وفي مايو من العام الماضي مول برويدي مؤتمرا عن قطر وجماعة الإخوان التي اتهمتها مصر وغيرها من خصوم قطر بالإرهاب حسب ما قاله مارك دوبويتز رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية تولت تنظيم المؤتمر.
وفي ذلك المؤتمر كشف إد رويس رئيس لجنة الشئون الخارجية صاحبة النفوذ الكبير عن مشروع قانون لاعتبار قطر من الدول الراعية للإرهاب، وقدم رويس مشروع القانون إلى الكونجرس بعد المؤتمر بيومين.
حشد الطاقات
وقال اثنان من العاملين بجماعات الضغط إن قطر "حشدت كل طاقاتها في الكونجرس" لمعارضة مشروع القانون ومنها أنها وجهت في هذا الإطار نداء إلى مكتب بول رايان رئيس مجلس النواب.
وتعطل مشروع القانون في الكونجرس.
وأحال مكتب رايان الأسئلة عن مشروع القانون إلى كيفن مكارثي زعيم الأغلبية في مجلس النواب الذي لم يرد على طلب للتعليق.
وقال برويدي الذي رفع دعوى على قطر يتهمها فيها باختراق رسائل بريده الإلكتروني "من المفهوم أن القطريين استدعوا كل العاملين لحسابهم في جماعات الضغط وأنصارهم لمحاولة تعطيل مشروع القانون لكن الفصل الأخير في هذه المسائل لم يكتب بعد".
رئيس المنظمة الصهيونية
سعت قطر للتواصل مع حلفاء مستبعدين، ففي يناير الماضى رتبت جماعات الضغط القطرية سفر مورتون كلاين رئيس المنظمة الصهيونية في أمريكا في الدرجة الأولى على الخطوط الجوية القطرية، وحجزت له الإقامة في منتجع فندق شيراتون جراند الدوحة لحضور لقاءات مع قادة البلاد.
ومن تلك اللقاءات اجتماع منفرد استمر ساعتين مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.
وقال كلاين إن المسئولين القطريين وعدوه بمنع عرض فيلم وثائقي لقناة الجزيرة ينتقد أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة وباستبعاد الكتب المناهضة للسامية في معرض للكتاب بالدوحة والعمل من أجل إطلاق سراح إسرائيليين مخطوفين.
ولا يزال كلاين ينتقد قطر لكنه قال في مقابلة الأسبوع الماضي إنه تشجع ببعض الخطوات التي اتخذت لمعالجة مخاوفه، وقال إن قناة الجزيرة لم تبث الفيلم الوثائقي وإنه يواصل العمل مع المسئولين في المسائل الأخرى.
لقاء ترامب
وفي الخريف الماضي التقى ترامب وتميم على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال أحد أعضاء جماعات الضغط العاملين لحساب قطر إن رسالة الدوحة للولايات المتحدة تمثلت في أنها ستنفق المزيد من المال على القاعدة الأمريكية في البلاد وتشتري المزيد من الطائرات من شركة بوينج.
وفي غضون أسبوع من هذا اللقاء أعلنت شركة الخطوط الجوية القطرية أنها ستشتري ست طائرات من بوينج قيمتها 2.16 مليار دولار، وامتنعت بوينج عن التعقيب.