رئيس التحرير
عصام كامل

حظر ترامب النفطي على إيران.. تعدد الرابحون والخاسر واحد

فيتو

العقوبات النفطية الوشيكة على إيران وتعهد السعودية بتغطية النقص أديّا إلى ضبابية في الصورة وتخوف في أسواق إكسير الاقتصاد.

حيث تشهد أسواق النفط العالمي تقلبات منذ بضعة أيام؛ إذ تراجعت الأسعار الإثنين مخالفة مسارها في الأسبوع الماضي، واليوم الأربعاء عادت الأسعار للارتفاع من جديد وذلك بعد تقرير يظهر تراجع مخزونات الوقود الأمريكية، فقد ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 37 سنتًا، عن التسوية السابقة ليصل إلى 74.51 دولار للبرميل، وأمس الثلاثاء سجل البرميل أعلى مستوياته منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2014 عند 75.27 دولار.

التقلبات تلك جاءت بعد تغريدة للرئيس الأمريكي ذكر فيها: "تحدثت للتو إلى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وشرحت له أنه بسبب الاضطرابات والخلل في إيران وفنزويلا، أطلب أن تزيد السعودية إنتاج النفط، ربما حتى مليوني برميل للتعويض"، وأضاف: "الأسعار مرتفعة للغاية، وقد وافق".

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية طلبت الثلاثاء الماضي من جميع الدول، وبينها الصين والهند، المستوردتان الكبيرتان للنفط الإيراني، بوقف استيراده بحلول الرابع من نوفمبر المقبل، تحت طائلة التعرض للعقوبات الأمريكية التي قررت واشنطن إعادة فرضها بعد خروجها في مايو الماضي من الاتفاق الدولي حول النووي الإيراني الموقع عام 2015.

القول والفعل
وضخت السعودية نحو عشرة ملايين برميل يوميًا في الأشهر الأخيرة ويعتقد معظم خبراء صناعة النفط أن المملكة يمكنها بالكاد زيادة الإنتاج إلى 11 مليون برميل في اليوم، بل إن ذلك سيكون أمرًا صعبًا.

أولى هانسن، رئيس أبحاث السلع الأولية في ساكسو بنك، يدلي بدلوه: "لا أعتقد أن السعودية يمكنها زيادة الإنتاج إلى 12 مليون برميل في اليوم، لكن يمكنها زيادة الصادرات بالاستعانة باحتياطاتها".
وبنفس الاتجاه يذهب الخبير الاقتصادي إبراهيم محمد ويرى أن السعودية لن تستطيع تعويض الإنتاج الإيراني ويقول في حوار مع DW عربية: "السعودية تنتج تقريبًا بطاقتها القصوى ولن تستطيع ضخ مليوني برميل إضافية".

غير أن المحلل الاقتصادي والخبير باقتصاديات النفط سلام سرحان يلفت النظر في حوار خاص بـDW عربية إلى وجود طاقات إنتاج «إضافية» لدى العديد من الدول الأخرى في الوقت الحالي: الإمارات بواقع 400 ألف برميل، العراق بما يقارب 500 ألف برميل، الكويت بنحو 300 ألف برميل، وعُمان 50  ألفا.

ومن جانبه يعتقد مدير صندوق تحوط، بيير أندوراند، أن السعوديين يريدون منح ترامب الثقة لكي «يتشدد جدًا» مع إيران.

بين عشية وضحاها؟
ويعتقد الخبير باقتصاديات النفط سلام سرحان أن زيادة إنتاج النفط عملية "شاقة" وتحتاج وقتا "طويلا" لتفعيلها "بحلول الرابع من نوفمبر (موعد العقوبات النفطية على إيران) تستطيع السعودية الوصول إلى إنتاج 11 مليون برميل، وربما تحتاج إلى سنة أخرى لاستثمار طاقاتها الإضافية التي تقول هي إنها تبلغ مليوني برميل"، الأمر نفسه يراه، أمريتا سن، كبير المحللين النفطيين في إنرجي آسبكتس: "سنكون في أرض مجهولة، فرغم أن السعودية تمتلك القدرة من الناحية النظرية إلا أن إنتاج هذه الكميات يستغرق وقتًا ويتطلب مالًا، وربما يصل الأمر إلى عام".

وسبق أن تعهدت منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك بزيادة الإنتاج لتعويض أي نقص في المعروض نتيجة العقوبات على إيران والاضطرابات في فنزويلا وليبيا.


استقرار أم تقلبات؟
من جانبه يرى الخبير الاقتصادي إبراهيم محمد أن «الاستقرار» في أسعار النفط سيكون هو سيد السوق: "لن ينخفض سعر البرميل عن 70 دولار وهو سعر يرضي الجميع"، أما الخبير باقتصاديات النفط سلام سرحان فيذهب إلى أن الأسعار قد تتجاوز 80 دولارًا ولكنها بالتأكيد لن تصل إلى 90 دولار للبرميل. وفي نفس الاتجاه ذهب بنك الاستثمار الأمريكي "مورجان ستانلي" بالقول: "قد ترتفع خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى 85 دولارًا للبرميل خام برنت القياسي لنفط بحر الشمال".

أما جوفاني ستاونوفو، محلل السلع الأولية في يو. بي. إس فيقول: "من المرجح أن تصبح الأسعار أكثر تقلبًا على مدى الأشهر المقبلة وتنحصر بين أمرين: المخاوف من زيادة المعروض عن الطلب وتناقص الطاقة الفائضة ومخاوف السوق من قلة العرض".

وكانت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، التي تضم 13 دولة من بينها السعودية وإيران والكويت والجزائر والعراق والإمارات وقطر وليبيا، قد اتفقت في يونيو الماضي مع منتجين آخرين من خارج المنظمة وعلى رأسهم روسيا على زيادة الإنتاج بواقع مليون برميل يوميًا اعتبارًا من يوليو الجاري.

وأول أمس الإثنين قالت وزارة الطاقة الروسية إن إنتاج النفط الروسي وصل إلى 11.06 مليون يوميًا في يونيو الماضي.


مصائب قوم عند قوم فوائد
ويجزم الخبير باقتصاديات النفط سلام سرحان بأن واقع صناعة النفط العالمية "يسمح" بتعويض غياب النفط الإيراني ببساطة: "منظمة أوبك وعشرو بلدان أخرى بقيادة روسيا تحجب عن السوق 2.3 مليون برميل".


وتعتمد اقتصاديات الكثير من الدول العربية -وبشكل يكاد يكون شبه تام- على عائدات النفط كمصدر أساسي للدخل وتمويل الميزانية، ومن أبرز تلك الدول السعودية والجزائر والعراق والكويت، وإلى حد أقل الإمارات وعمان.

ويخلص سرحان إلى أنه ليس من مصلحة المنتجين "ذبذبة" أو "ارتفاع" الأسعار: "وصول سعر البرميل إلى مائة دولار أو أكثر سيضر بالمستهلكين وبالطلب ويعرض السوق لنكسة أخرى في المستقبل؛ إذ سيدخل (إلى السوق) منتجون آخرون تكلفة إنتاج نفطهم مرتفعة كمنتجي بحر الشمال ومنتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة وكندا".

ويجزم سلام سرحان بأن كل الدول المنتجة ستستفيد من هذا الارتفاع في الأسعار وارتفاع الطلب، ويذهب أبعد من ذلك: "بعض الدول التي ليس لديها طاقة إنتاج إضافية كالجزائر ربما تتمنى أن يرتفع السعر فوق 100 دولار للبرميل".


هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية