فريدة النقاش: الفقر والفساد توغل في الدول التي استجابت لإملاءات «صندوق النقد»
- >> أتوقع انقراض أحزاب 30 يونيو وتجربة الحزب الواحد تنبئ بتكرار الفشل سابقا
- >> حزب التجمع تقدم ببرنامج متكامل بديل للاقتراض من الخارج والديون ولم يلتفت إليه أحد
تعتبر الكاتبة اليسارية فريدة النقاش، أحد أبرز رموز الحركة اليسارية والنسائية في مصر، وأول سيدة ترأس تحرير صحيفة حزبية هي «الأهالي»، كما ترأست تحرير «مجلة أدب ونقد».
وفى الحوار الذي أجرته “فيتو” معها، أكدت أن كثرة إشكاليات المعارضة على الساحة السياسية تزيد من انتشار الإرهاب، لافتة إلى أن أسباب غياب المعارضة مركبة وضعف الإمكانيات سبب رئيسى في غيابها.
وأوضحت “النقاش” أن المعارضة تتأثر دائمًا بالأجواء العامة للدولة، وأن اندماج الأحزاب السياسية يعود بنا لفكرة الحزب الواحد في الماضي، مشيرة إلى أن سياسات صندوق النقد الدولى أدت لزيادة الفقر والفساد ورفع الأسعار، وأن الحكومة تساند المواطن الفقير من خلال الخطاب فقط، لكنها ضده في السياسات، كما لفتت إلى أن السلطة تعمل حاليًا في وادٍ والأحزاب والقوى السياسية تعمل في وادٍ آخر.. وإلى نص الحوار:
> لماذا تغيب المعارضة عن الساحة السياسية في الوقت الحالي؟
تقييد الحريات العامة، ومحاصرة الأحزاب السياسية وبقاء التجربة الحزبية مقيدة، وأيضا هناك أمور خاصة ببناء التنظيم الفكرى بالأحزاب نفسها، وأيضا ضعف الإمكانيات والميزانية، ونستطيع أن نقول إن المعارضة الآن في المجتمع أكثر منها في الأحزاب السياسية، لكن غيابها أيضا يرجع لعدة أمور منها أن الارتفاع الجنونى للأسعار حول مزاج المصريين بعد أن كانوا متحمسين في 30 يونيو لإزاحة حكم الإخوان، أصبحوا الآن غير راضين عن واقعهم، وأصبحوا أيضا غير راضين عن السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة، والمعارضة الآن أصبحت فقيرة، وغير راضية عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
> هل كثرة الأحزاب السياسية هو سبب تراجع دور المعارضة؟
أسباب تراجع المعارضة مركبة، والأحزاب السياسية ساندت للغاية حلف 30 يونيو، ولم تكن معارضة حينها، وكما رأينا في الانتخابات الرئاسية الأولى للرئيس السيسي كيف احتشد المصريون جميعا للسيسي وصوتوا له، وتلك هي مطالب المعارضة في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، أنها تخشى على الدولة ومستقبل البلاد، والرئيس كلما تحدث يقول انظروا إلى من حولكم من ليبيا وسوريا واليمن والعراق، والظروف السيئة التي تمر بها هذه الدول، ونحن بالطبع أفضل بكثير.
المعارضة في الوقت الحالى أعادت ترتيب أولوياتها دفاعًا عن وحدة مصر واستقلالها وتجنب حرب أهلية، وفى النهاية كثرة الأحزاب السياسية ليست سببًا في تراجع المعارضة عن الساحة، خاصة أن فرنسا دولة متقدمة للغاية، وبها 400 حزب سياسي، فليست كثرة الأحزاب سبب التراجع، لكن المسيرة تفرز من يستمر ومن سيموت، ومن سيندثر مع الوقت.
> هل تتأثر المعارضة بالأجواء العامة للدولة؟
- بالطبع تتأثر المعارضة للغاية بالأجواء العامة للدولة، ومصر بها حالة من الغضب المكتوم وعدم الرضا عن ارتفاع الأسعار والسياسات الاجتماعية والاقتصادية، التي يمليها علينا صندوق النقد الدولي، وهذه السياسات أدت لزيادة الفقر وزيادة الأسعار ولم نستطع القضاء على الفساد أيضا من خلال هذه السياسات.
> كيف ترين سياسات الحكومة تجاه الفقراء ومحدودى الدخل؟
- الحكومة أصبحت تساند وتؤيد الفقراء ومحدودى الدخل في الخطاب فقط، لكنها في الممارسات السياسية والاقتصادية فهى ضد الفقراء تمامًا، وهذه هي مواصفات كل البلاد التي استجابت لشروط صندوق النقد الدولى، زاد فيها الفقر والبطالة والفساد، إضافة لذلك أيضا تقييد الحريات العامة بهذه البلاد.
> كيف ترين مستقبل المعارضة في مصر؟
مستقبل المعارضة مرتبط تمامًا بمستقبل الحياة السياسية، والتطور السياسي والاجتماعى والاقتصادى في البلاد، وهذه الأحزاب التي خرجت بعد 30 يونيو معظمها سوف ينقرض ويختفى، خاصة الأحزاب التي لا برامج لها ولا قاعدة شعبية أو اجتماعية لها أيضا، نظرًا لأن الحزب لا بد أن يكون له قاعدة شعبية واجتماعية على مستوى الجمهورية، لذلك كل المعطيات تقول إن هذه الأحزاب سوف تنقرض.
> ما رأيك في دعوة الرئيس للأحزاب في الاندماج في ثلاثة أو أربعة أحزاب؟
لم أشعر بالراحة تجاه هذه الدعوة، نظرًا لأنها قد تحمل مخاطر أن نعود مرة أخرى لحزب الرئيس وحكم الحزب الواحد مرة أخرى، وهو ما عانينا منه كثيرا في الماضي، من حزب الرئيس والحكومة، والحزب الواحد الذي تحول لبؤر للفساد والرشاوى والوساطة والذي اعتمد على الحكم أكثر من الأشخاص أنفسهم، ومن المفترض أن تأتى الدعوة من الأحزاب نفسها والتي لها برامج متشابهة، ومن الممكن أن تندمج.
ولكن في النهاية فالحزب الواحد وتكرار التجربة مرة أخرى ينبئ بتكرار تجربة الفشل السابقة والعهود القديمة منذ عهد الاتحاد الاشتراكى في عهد السادات ومبارك وأيضًا في عهد عبد الناصر وكلها أمور ليست جيدة تمامًا.
> بوجهة نظرك.. ما هي المعارضة الحقيقية؟
هي تلك المعارضة التي تستند إلى قاعدة اجتماعية واسعة تضم الطبقات الشرعية والطبقات الوسطى، وتستطيع أن تصيغ برامج متكاملة، لا يتم فيها إلغاء الطبقات تماما، ولكن يتم التخلص من الفوارق بين الطبقات، وعدم تزويد الفوارق بينها.
> هل يسمع الرئيس للمعارضة؟
الرئيس في إحدى لقاءاته بمؤتمر الشباب الخامس، قال: من لديه حل لمشكلات مصر، فليأتِ ويجلس بجانبي، هناك أحزاب ومفكرون قدموا حلولًا ورؤى مختلفة لمشكلات مصر، ولم يسمع لهم، ومن المؤكد أن الرئيس يستمع للمعارضة عندما يزداد الغضب، وقتها من الممكن أن تغير السلطة إستراتيجيتها، وتستمع للحلول الأخرى المقدمة إليها، نظرا لأن المعارضة لديها حلول كثيرة، تجنبًا للاعتماد على القروض الخارجية والديون التي يتم استخدامها من قبل الحكومة، وحزب التجمع تقدم ببرنامج متكامل للاعتماد على الذات وبديل للاقتراض من الخارج والديون، ولكن لم يُلتفت إليه، والحزب أيضا عندما يصل لفكرة متكاملة يرسلها للرئيس.
> هل ترين أن هناك معارضة حقيقية الآن على الساحة؟
ليس تعبيرا صحيحا، المعارضة الموجودة حاليا كلها حقيقية، وهى إما إلى اليسار أو اليمين أو الوسط، وكلها حقيقية؛ نظرًا لأنها تستند إلى مصالح الفئات التي تعبر عنها وفى النهاية طبيعة الظروف السياسية هي التي تحكم وجودها على الساحة السياسية.
> من يقود المعارضة السياسية في الوقت الحالي؟
هناك أكثر من حزب لديهم رؤى وأفكار تستطيع أن تقول إنهم قادرون على القيادة، لكن في النهاية المعارضة ليست موحدة، وليست في حزب واحد ولكن هناك أحزابًا كثيرة، ومن الممكن أن تستفيد هذه الأحزاب من بعضها، لدينا أحزاب مثل التجمع والوفد والتحالف اليسارى والتحالف الشعبى والشيوعى المصري، كل هذه قوى حزبية وسياسية لديها رؤى مختلفة وجيدة.
الحوار منقول عن بتصرف النسخة الورقية لـ "فيتو"