رئيس التحرير
عصام كامل

عبد الوهاب المسيري.. حكاية صراع بين العقل والفكر الديني

عبد الوهاب المسيري
عبد الوهاب المسيري

«إنّ الإيمان لم يولد داخلي إلا من خلال رحلة طويلة وعميقة، إنه إيمان يستند إلى رحلة عقلية طويلة ولذا فإنه إيمان عقلي لم تدخل فيه عناصر روحية فهو يستند إلى عجز المقولات المادية عن تفسير الإنسان وإلى ضرورة اللجوء إلى مقولات فلسفية أكثر تركيبية».


كلمات لخص بها المفكر وعالم الاجتماع عبد الوهاب المسيري، الذي تحل اليوم ذكرى وفاته العاشرة، حياته الفكرية، وتجربته في الإبحار في مخاضات الدين، والعقل والمنطق.

عبد الوهاب محمد المسيري، يعد من أبرز من كتب في الصراع العربي الإسرائيلي، فهو مؤلف موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية أحد أكبر الأعمال الموسوعية العربية في القرن العشرين

تمكن المسيري، من خلالها، منح أسلوب علمي جديد، وإبراز رؤية مختلفة، لفكر «اليهودية»، واتجاهات الحداثة، فيما رأى البعض على جانب آخر، أنه كان متعاطفا بشكل أو آخر مع اليهود، في موسوعته.


النشأة
ولد المسيري في مدينة دمنهور، بمحافظة البحيرة، في أكتوبر من عام 1938، وفي عام 1955 التحق بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية وتخرج عام 1959، وعين معيدًا فيها بعد تخرجه.

سافر بعدها إلى أمريكا، عام 1963، حيث حصل على الماجستير في الأدب الإنجليزي المقارن من جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك عام 1964، وعلى الدكتوراه من جامعة رتجرز نيوجيرسي عام 1969.

مناصب في حياة المسيري
شغل المسيري خلال مسيرته، العديد من المناصب، والوظائف وكان أبرزها، رئيس وحدة الفكر الصهيوني وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، والمستشار الثقافي للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك، بالإضافة إلى أستاذ الأدب الإنجليزي والمقارن، من جامعة عين شمس، وجامعة الملك سعود، وجامعة الكويت.

كما عمل أيضا، أستاذًا غير متفرغ بجامعة عين شمس، وأستاذًا زائرًا بالجامعة الإسلامية العالمية، في ماليزيا، وبأكاديمية ناصر العسكرية، وعين مستشارا أكاديميا، للمعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن.

وشغل عضوية مجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية، في فيرچينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وعضو مجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية، بواشنطن أيضا.

المسيري والسياسة
عاش المسيري حياة سياسية مليئة بالأحداث، والتغييرات، والزخم الذي طفى على شخصيته، حيث بدأها عضوا في جماعة الإخوان المسلمين، ثم اتجه إلى اليسار المصري، كعضو في الحزب الشيوعي.

وفي 2004، كان المسيري، من أوائل مؤسسي حزب الوسط الإسلامي، لينضم بعدها إلى الحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية»، التي ظهرت قبل إعادة انتخاب الرئيس الأسبق حسني مبارك، لولاية خامسة عام 2005، وعارضه فيما بعد مشروع توريث جمال مبارك رئاسة الجمهورية.

شغل المسيري عام 2007، قبل وفاته بعام، منصب المنسق العام لحركة كفاية، كما تعرض للاعتقال من قبل السلطات المصرية أكثر من مرة.

أعماله
أصدر المسيري، خلال رحلته العديد من الكتب والدراسات، التي تناولت الاختلافات والمعتقدات الفكرية، بالإضافة إلى تناول أخرى للحركة الصهيونية، والصراع العربي الإسرائيلي، وجاء أبرزها كالتالي: 

«نهاية التاريخ.. مقدمة لدراسة بنية الفـكر الصهيوني»، «موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية»، و«مختارات من الشعر الرومانتيكي الإنجليزي»، و«الفردوس الأرضي»، و«الأيديولوجية الصهيونية»، «الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية».

بالإضافة إلى «الاستعمار الصهيوني وتطبيع الشخصية اليهودية»، و«موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية»، و«مقدمة لدراسة الصراع العربي ـ الإسرائيلي»، «الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان»، «اللغة والمجاز»، «العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة»، «أغاني الخبرة والحيرة والبراءة»، «الحداثة وما بعد الحداثة»، «البروتوكولات واليهودية والصهيونية»، و«الموسوعة الموجزة».

أما قصص ودواوين الأطفال فكان أهمها، «نور والذئب الشهير بالمكار»، و«سندريلا وزينب هانم خاتون»، و«معركة كبيرة صغيرة»، و«سر اختفاء الذئب الشهير بالمحتار»، و«قصة خيالية جدًا»، و«ما هي النهاية»، و«أغنيات إلى الأشياء الجميلة».

جوائزه
تمكن المسيري من حصد عدد من الجوائز خلال حياته، وكان أبرزها، جائزة سوزان مبارك لأحسن كاتب لأدب الطفل، وجائزة أحسن كتاب، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2001، عن كتاب «رحلتي الفكرية»، وجائزة سلطان العويس بالإمارات العربية المتحدة عن مجمل الإنتاج الفكري.

بالإضافة إلى جائزة سوزان مبارك أحسن كاتب لأدب الطفل، للمرة الثانية عام 2003، وجائزة أستاذ الجيل من جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي الخامسة بمملكة البحرين، كما نال العديد من شهادات التقدير، من المنظمات والمؤسسات المصرية والعربية، كنقابة الأطباء العرب، ومنظمة فتح الفلسطينية، والجامعة الإسلامية العالمية بأندونيسيا.

وفاته
رحل المسيري، عن عالمنا في فجر الخميس، الموافق 3 يوليو 2008، بمستشفى فلسطين بالقاهرة عن عمر ناهز 70 عاما، بعد صراع طويل مع السرطان، وشيعت جنازته ظهرا من مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر بالقاهرة.

كما شارك في صلاة الجنازة آلاف المصريين، إضافة إلى عدد كبير من العلماء والمفكرين، ودفن بمسقط رأسه في مدينة دمنهور.
الجريدة الرسمية