رئيس التحرير
عصام كامل

«فيتو» تخترق إمبراطورية التليفونات المسروقة بالدقهلية.. ورش لتزوير أرقام الـ«سيريـال» وتصنيع العبوات المقلدة.. عملية جراحية لـ«آيفون» للهروب من التتبع.. ومصدر أمني: نجحنا

فيتو


رغم تأكيد الأجهزة المختصة في وزارتى الداخلية والاتصالات، قدرتها على استعادة التليفونات المحمولة المسروقة، خصوصا الحديث منها عن طريق تقنيات متطورة، تعتمد على تتبع الرقم التسلسلى للهاتف أو ما يسمى الـ”سيريـال”، فإن غالبية الضحايا يؤكدون أنهم لم يستعيدوا تليفوناتهم وأن جهود الجهات المختصة لم تحقق النتائج المطلوبة، ومع تزايد وقائع تلك السرقات، تبادرت إلى الأذهان العديد من التساؤلات أبرزها: أين تذهب التليفونات المسروقة.. ولماذا تعجز أجهزة التتبع في معظم الأحيان عن التوصل إليها.. وهل هناك طرق وأساليب يلجأ إليها اللصوص وبعض تجار المحمول لتغيير معالم الهاتف المسروق.. وما نصائح الأجهزة الأمنية لمن يفقد تليفونه؟ هذه التساؤلات وغيرها يجيب عنها محقق “فيتو” في السطور التالية.



البداية
في البداية علم المحقق بوجود عدد من المحال التجارية في مدينة المنصورة، متخصصة في شراء التليفونات المسروقة بمبالغ زهيدة للغاية، ثم تعيد طرحها للبيع مرة أخرى باعتبارها جديدة وبأسعار مرتفعة جدا، وذلك بعد إدخال بعض التعديلات عليها، وإعادة تغليفها في عبوات “مزورة” تحمل أرقام “سيريـال” مزيفة، يتم إعدادها وتجهيزها في ورش خاصة، وأن تلك المحال والورش أصبحت مقصدا لكل من يرغب في بيع تليفون مسروق، نظرا لأن المشترين لا يسألون عن مصدر الهاتف أو “الكرتونة” أو فاتورة الشراء الخاصتين به، فالأهم بالنسبة لهم هو الحصول عليه بأرخص سعر.. حمل المحقق أدواته وانطلق إلى تلك المنطقة وتجول فيها، ليكتشف مفاجآت وتفاصيل مثيرة عن عالم بيع التليفونات المسروقة، واستطاع أن يلتقط عدة صور لمراحل تغيير معالم التليفون وإعداده للبيع مرة أخرى وكأنه جديد.

الرحلة
ما أن وطأت أقدم المحقق المنطقة، حتى شاهد العشرات من محال الموبايلات وجميعها يرفع لافتات تحوى عبارات “بيع – شراء – استبدال”، وإلى جوارها “فاترينات” صغيرة يقف فيها شباب صغار السن يشترون أي تليفون محمول، ويبيعون أجهزة مستعملة وأخرى جديدة.. عرض هاتف محمول كان بحوزته للبيع، وتفاجأ بأن المشترين يتحدثون مباشرة في السعر، دون السؤال عن ملحقات الجهاز أو “الكرتونة” الخاصة به أو فاتورة الشراء.. انتقل إلى أكثر من محل وأيضا لم يهتم أحد بتلك الأمور.

وفى النهاية سأل أحد التجار: “كيف تتأكد من أن هذا التليفون غير مسروق؟”.. فأجاب ببساطة: “مش مهم.. إحنا بنشترى كل حاجة وبنتصرف في المسروق”، ورفض الإدلاء بأى تفاصيل أخرى.. التقى المحقق شخصا من المتعاملين مع تلك المحال وسأله عما يحدث في هذا السوق الغريب.. بعد تردد طويل أجاب: “هنا سوق لبيع وشراء التليفونات القديمة، سواء المسروقة أو غيرها.. والعديد من هؤلاء التجار يعيد بيعها مرة أخرى باعتبارها جديدة، بعد تنظيفها وتغيير الـ “سوفت وير” ووضع “تيكت” عليها يحمل رقم “سيريـال” مزيف، بالإضافة إلى تقليد العبوة الأصلية للهاتف في ورش خاصة قريبة من السوق”

وأضاف: هناك نوعان من الورش.. الأول متخصص في تزييف وتزوير رقم “السيريـال”، ويتم ذلك عن طريق ماكينات طباعة خاصة، لها القدرة على تقليد شكل الأرقام بدقة عالية، وفى معظم الأحيان تتم طباعة نفس الرقم الموجود داخل الجهاز على ورق معين تمهيدا للصقه على “الكرتونة” الخاصة بالجهاز، وفى بعض الحالات يتم تزييف الرقم كاملا داخل الجهاز، ونسخه على “التيكت” الخارجي.. وتكلفة تزييف أو تقليد الرقم تتراوح بين 50، و100 جنيه.. أما النوع الثانى من الورش فمتخصص في صناعة “الكرتونة” الخاصة بالموبايل، وتستخدم فيها أوراق مقواة وأنواع خاصة من آلات الطباعة وتصنيع الكرتون.. وسعر الكرتونة الواحدة يختلف باختلاف نوع الهاتف نفسه، فمثلا “الآيفون” 5، 5 s، يصل سعر الواحدة إلى 150 جنيها، وآيفون 6، و6 إس بـ”200” جنيه، آيفون 7، و7 بلس بـ 250 جنيها، وآيفون 8 يصل سعر كرتونته المزيفة إلى 399 جنيها، أما طراز “X” فسعر الواحدة يصل إلى 500 جنيه.. أما باقى أنواع الهواتف التي تعمل بنظام “أندرويد” فسعر الكرتونة الواحدة لها يختلف حسب اختلاف حجم الموبايل ويتراوح بين 100، و300 جنيه.

السيريال
وأشار الرجل إلى أنه بعد تجهيز أرقام “السيريـال”، و”الكراتين” وتنظيف التليفون، تأتى مرحلة التغليف، حيث يتم وضع الجهاز وتغليفه باستخدام ماكينات خاصة، كى يبدو جديدا أمام المشترى، ويتم عرضه للبيع بأرقام كبيرة.. عاد المحقق يسأل عن أنواع الموبايلات التي يمكن إعادة طرحها باعتبارها جديدة، فقال: "بالطبع الآيفون بشرط ألا يكون مغلقا، لأنه لو كان مغلقا، فلن يتمكن أحد من فتحه ويتم فكه وتقطيعه وبيعه كقطع غيار، أما باقى الأنواع فمن السهل فتحها وإعادة تغليفها وطرحها للبيع باعتبارها جديدة، ولكن كل ذلك يتوقف على حالة التليفون نفسه، فلو كان متهالكا فيتم بيعه على أنه مستعمل “استعمال خفيف” وبأسعار كبيرة.. وفى بعض الأحيان يتم تجميع هاتف كامل من مجموعة هواتف قديمة، عن طريق أخذ الشاسيه من جهاز، والمكثف والشاشة والسماعات والكاميرات من أجهزة أخرى، وبالتالى تضيع معالم الهاتف تماما ولا يمكن الوصول إليه".

مباحث التليفونات
من جانبه أكد مصدر أمني مطلع أن إدارة مباحث التليفونات، التابعة للإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات، وأفرعها الجغرافية هي المنوط بها تلقى بلاغات سرقة التليفونات المحمولة بأنواعها كافة، ويتجاوز عدد البلاغات التي تتلقاها الـ “100” بلاغ يوميا، ويتضمن البلاغ نوع الهاتف، ورقم “السيريـال”، وبيانات المبلغ وملابسات فقد التليفون.. ثم يعرض على النيابة العامة التي تستعلم بدورها عن رقم الشريحة الموجودة في الهاتف من شركة المحمول المختصة، وتطلب منها تتبع “السيريـال” المقترن بالرقم، وتحديد مكان الهاتف في حالة تشغيله مرة أخرى باستخدام ذات رقم الشريحة، أو باستخدام شريحة أخرى، اعتمادا على تقنيات متطورة.. بعد تحديد الجهاز ومستخدمه، تتحرك الأجهزة الأمنية لضبطه ومن ثم إعادة التليفون لصاحبه وفقا للإجراءات القانونية المتبعة، مشيرا إلى أن الأجهزة الحديثة تستطيع التقاط الرقم التسلسلي، وأن أي أعمال تلاعب في تلك الأرقام أو تزويرها، بلا قيمة لأنه في حالة الوصول إلى الجهاز سيتم فحصه، واكتشاف تعرضه للتلاعب، ومن المؤكد أن تتوصل الأجهزة الأمنية إلى مرتكبى تلك الجرائم.

ونفى المصدر أن يكون هناك أي تقاعس أو تباطؤ أو إهمال في استعادة التليفونات المسروقة، موضحا أن مباحث التليفونات نجحت في إعادة المئات من التليفونات اعتمادا على “سيريـال” الجهاز، بمعدل 50 جهازا في الشهر تقريبا.

"نقلا عن العدد الورقي..."

الجريدة الرسمية