هل مصر دولة فقيرة؟ (2)
مناجم الذهب
عند النظر إلى مناجم الذهب في مصر سنَتعجب العجب كله، فتلك المناجم كثيرة جدا، وكان غريبا وعجيبا أن تؤكد لغة الأرقام أن جبل السكري ليس وحده الذي يتربع على قمة أكثر المواقع ثراء بالذهب، بل هناك أكثر من 120 موقعا آخر بامتداد سلاسل جبال البحر الأحمر تختزن من المعدن النفيس، والمعادن الاقتصادية الأخرى ما يؤهل مصر لتكون على قمة دول العالم ثراء بتلك المعادن..
وهناك 92 موقعا محددا موقعة على خريطة مصر لإنتاج الذهب، ولو تم الاستغلال الأمثل لحصدت عشرات المليارات من الدولارات سنويا ووفرت مئات الآلاف من فرص العمل، وأعلنت هيئة الثروة المعدنية عن نتائج مزايدتها رقم 1 لسنة 2017 للتنقيب عن الذهب في 5 قطاعات بالصحراء الشرقية، وشملت نتيجة المزايدة ترسية منطقتي بوكاري وأم سمرة على شركة "ريسوليوت مصر ليمتد"، ومنطقة أم الروس على شركة "فيرتاس مايننج ليمتد" الإنجليزية، ومنطقة أم عود وحنجلية على شركة غاز الشرق المصرية، ومنطقة دهب على شركة "غسان سبان" الإسبانية للاستثمارات.
وعند النظر لمنجم السكري سنجد أنه تقريبا من أعظم عشرة مناجم على مستوى العالم، ويصل احتياطي المنجم إلى 14.5 مليون أونصة، مقدّرًا قيمتها بنحو 50 مليار دولار، طبقًا لأسعار الذهب الحالية، وتستغلّ المنجم "شركة السكري" وهي شركة مشتركة ما بين هيئة الثروة المعدنية "وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية" و"سنتامين مصر" التي يملكها رجل أعمال مصري، ومركز الشركة أستراليا.
ويقع منجم السكري بالصحراء الشرقية على بعد 30 كم، من مدينة مرسى علم، وهو منجم فرعوني قديم، وتدل الآثار على استغلال الفراعنة والرومان له، كما عمل الإنجليز على استغلاله، وكان المنجم الحكومي الوحيد حتى توقف الإنتاج به عام 1954 وتبلغ أبعاد الجبل نحو 3 كم طولا، بعرض 500م ومتوسط ارتفاع 285 مترا، وقد وقعت الهيئة مع الشركة الفرعونية لمناجم الذهب اتفاقية عام 1994، وتم الإعلان عن الكشف التجاري للذهب وتأسيس شركة العمليات تحت مسمى "شركة السكري لمناجم الذهب"، وبدأت في الإنتاج اعتبارًا من مارس 2010.
ويبلغ عمر المنجم 20 عامًا وهو ضعف متوسط أعمار المناجم في أفريقيا، ويوجد فرص للنمو عن طريق عمليات الاستكشاف المستمرة.
وقد كشف المدير العام لشركة "سنتامين إيجيبت"، العضو المنتدب لشركة السكري لمناجم الذهب، يوسف الراجحي، بلغ الإنتاج بنهاية مارس 2018 نحو 105.5 أطنان ذهب، وتجاوز حجم الإنتاج بنهاية مارس 2018 ما أنتجته مصر من الذهب خلال 2000 عام منذ عام 50 قبل الميلاد حتى عام 2010، وكامل إنتاج المنجم يتم تصديره ويمثل 3 % من إنتاج الصادرات غير البترولية لمصر، وأن مصر تحصلت على أرباح قدرها 309.2 ملايين دولار من منجم السكري للذهب..
وتحصل الهيئة العامة المصرية للثروة المعدنية على نسبة 3% من إجمالي إنتاج المنجم، وذكر الراجحي، أن المنجم نجح في توريد نحو نصف طن تقريبا من سبائك الذهب إلى البنك المركزي المصري، خلال 7 أشهر، في الفترة من نوفمبر 2017، وذلك في إطار الاتفاق المبرم بين الطرفين قبل عدة أشهر.
وكان البنك المركزي المصري وشركة السكري لمناجم الذهب، وقعا في نهاية العام الماضي اتفاقا، يوفر البنك المركزي بمقتضاه احتياجات الشركة الشهرية بالعملة المحلية، وقدرها 50 مليون جنيه، على أن تورد الشركة بالقيمة العادلة للمبلغ بالدولار سبائك ذهب بعد تنقيتها بدرجة نقاء لا تقل عن 99.99%، وهذه الاتفاقية تم تفعيلها منذ نهاية أكتوبر 2017، بينما جرى توقيعها بين الطرفين في 20 ديسمبر 2016، وتأتي هذه الخطوة في إطار دعم الاقتصاد المصري من خلال زيادة نسبة الذهب في احتياطي البنك المركزي دون فقد العملة الأجنبية، إذ سيكون التعامل بالجنيه المصري وليس بالدولار الأمريكي.
إذا فالمنجم يحقق ثروة طائلة من الدولارات، لكن الملاحظ أن حصة مصر من هذا المنجم ما زالت ضئيلة رغم تعديل الاتفاقية بين مصر والشركة المسئولة عن المنجم، ويقال إن سبب تدني نسبة مصر بالنسبة لما تحقق من عائد كبير أن المستثمر حصل معظم العائد كجزء من المبالغ التي أنفقها منذ بداية الدراسات والبحث والتنقيب عن الذهب، وإنشاء المصنع وأجور الخبراء والمهندسين والفنيين والمشرفين والعمال، والخدمات وخامات التشغيل وغيرها التي بلغت 450 مليون دولار..
لكن ذلك الأمر أيضا يشوبه الغموض، فالمستثمر هو الذي يقدر قيمة وحجم نفقاته فيُبالغ فيها كيفما شاء برقابة لينة طيعة، كما أنه هو الذي يقدر نسبة الأرباح بتقدير ما يستخرجه من ذهب قد يكون أقل من المستخرج الفعلي، وتظل الرقابة ليست كما ينبغي في ذلك الأمر، فالمنجم يحتاج إلى إعادة تقدير الأمور على وجهها الصحيح، وضرورة الإشراف الحكومي التام على الإنتاج أو تعديل الاتفاقية وهو الأصوب..
حيث تنص الاتفاقية الحالية على حصول مصر على نسبة 50% من الأرباح مع إتاوة 3%، لذا حصلت الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية في 2018 على 131 مليون دولار عوائد من شركة "سنتامين مصر" نظير عملياتها خلال عام 2017، كما حصلت نحو 21.64 مليون دولار كأرباح منذ بداية العام الحالي حتى 6 مارس الماضي، بالإضافة إلى إتاوة بقيمة 11.734 مليون دولار خلال الفترة نفسها.
ونرى أنه ينبغي تعديل الاتفاقية، فالاتفاقية بالفعل غريبة للغاية ولا تتناغم مع أي اتفاقية عالمية للمواقع المشابهة في أي دولة، وهي أضرت كثيرا بعجلة الاستثمار في مجال التعدين المصري أكثر مما أفادت، حتى المستثمر نفسه لم تتوافق معه الاتفاقية، وهناك نماذج كثيرة لاتفاقيات إدارة المناجم وشركات التعدين، وهناك دول تفضل عدم المشاركة وتميل إلى الحصول على ضرائب من المستثمر بالإضافة إلى الإتاوات على المنتج..
فمثلا السعودية تحصل على 25% ضرائب وأستراليا 29% بالإضافة إلى نسبة تصل إلى 2.5% إتاوة، وكندا 27% بالإضافة لإتاوة تتراوح بين 1% و3%، أما في مصر فالوضع مختلف تماما عن هذه الاتفاقيات ولا يمت لها ولا بأي من اتفاقيات التعدين الأخرى بأي صلة، إذ تحصل مصر على 50% من الأرباح بالإضافة إلى 3% إتاوة، وبالطبع ليست هي الأفضل، والاتفاقيات العالمية المبرمة في تلك الدول هي الأصوب، وذلك لأنه تغلق المجال أمام تلاعب المستثمر بالإنتاج وتفننه في تكثيف أرباحه، فتلك الدول لم تبرم تلك الاتفاقيات من فراغ بل بواسطة خبراء وأجهزة اقتصادية وتعدينية وفنية على أعلى مستوى.
ومطلوب تعديل الاتفاقية المبرمة في منجم السكري، وهذا يتطلب موافقة مجلس الشعب، فهذه الاتفاقيات جعلت كل الشركات العالمية الشهيرة العاملة في هذا المجال تحجم عن الحضور إلى مصر وإبرام تعاقدات في مواقع أخرى مماثلة لمنجم السكري، ونحن في حاجة ماسة لفتح تلك الأبواب المغلقة، فلدينا أكثر من مائة موقع مهيأ للاستثمار، وكلها في النهاية قادرة أن تجعل مصر أغنى دولة في العالم بالفعل وليس بالحلم.
وقد كشف المدير العام لشركة "سنتامين إيجيبت"، العضو المنتدب لشركة السكري لمناجم الذهب، يوسف الراجحي، بلغ الإنتاج بنهاية مارس 2018 نحو 105.5 أطنان ذهب، وتجاوز حجم الإنتاج بنهاية مارس 2018 ما أنتجته مصر من الذهب خلال 2000 عام منذ عام 50 قبل الميلاد حتى عام 2010، وكامل إنتاج المنجم يتم تصديره ويمثل 3 % من إنتاج الصادرات غير البترولية لمصر، وأن مصر تحصلت على أرباح قدرها 309.2 ملايين دولار من منجم السكري للذهب..
وتحصل الهيئة العامة المصرية للثروة المعدنية على نسبة 3% من إجمالي إنتاج المنجم، وذكر الراجحي، أن المنجم نجح في توريد نحو نصف طن تقريبا من سبائك الذهب إلى البنك المركزي المصري، خلال 7 أشهر، في الفترة من نوفمبر 2017، وذلك في إطار الاتفاق المبرم بين الطرفين قبل عدة أشهر.
وكان البنك المركزي المصري وشركة السكري لمناجم الذهب، وقعا في نهاية العام الماضي اتفاقا، يوفر البنك المركزي بمقتضاه احتياجات الشركة الشهرية بالعملة المحلية، وقدرها 50 مليون جنيه، على أن تورد الشركة بالقيمة العادلة للمبلغ بالدولار سبائك ذهب بعد تنقيتها بدرجة نقاء لا تقل عن 99.99%، وهذه الاتفاقية تم تفعيلها منذ نهاية أكتوبر 2017، بينما جرى توقيعها بين الطرفين في 20 ديسمبر 2016، وتأتي هذه الخطوة في إطار دعم الاقتصاد المصري من خلال زيادة نسبة الذهب في احتياطي البنك المركزي دون فقد العملة الأجنبية، إذ سيكون التعامل بالجنيه المصري وليس بالدولار الأمريكي.
إذا فالمنجم يحقق ثروة طائلة من الدولارات، لكن الملاحظ أن حصة مصر من هذا المنجم ما زالت ضئيلة رغم تعديل الاتفاقية بين مصر والشركة المسئولة عن المنجم، ويقال إن سبب تدني نسبة مصر بالنسبة لما تحقق من عائد كبير أن المستثمر حصل معظم العائد كجزء من المبالغ التي أنفقها منذ بداية الدراسات والبحث والتنقيب عن الذهب، وإنشاء المصنع وأجور الخبراء والمهندسين والفنيين والمشرفين والعمال، والخدمات وخامات التشغيل وغيرها التي بلغت 450 مليون دولار..
لكن ذلك الأمر أيضا يشوبه الغموض، فالمستثمر هو الذي يقدر قيمة وحجم نفقاته فيُبالغ فيها كيفما شاء برقابة لينة طيعة، كما أنه هو الذي يقدر نسبة الأرباح بتقدير ما يستخرجه من ذهب قد يكون أقل من المستخرج الفعلي، وتظل الرقابة ليست كما ينبغي في ذلك الأمر، فالمنجم يحتاج إلى إعادة تقدير الأمور على وجهها الصحيح، وضرورة الإشراف الحكومي التام على الإنتاج أو تعديل الاتفاقية وهو الأصوب..
حيث تنص الاتفاقية الحالية على حصول مصر على نسبة 50% من الأرباح مع إتاوة 3%، لذا حصلت الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية في 2018 على 131 مليون دولار عوائد من شركة "سنتامين مصر" نظير عملياتها خلال عام 2017، كما حصلت نحو 21.64 مليون دولار كأرباح منذ بداية العام الحالي حتى 6 مارس الماضي، بالإضافة إلى إتاوة بقيمة 11.734 مليون دولار خلال الفترة نفسها.
ونرى أنه ينبغي تعديل الاتفاقية، فالاتفاقية بالفعل غريبة للغاية ولا تتناغم مع أي اتفاقية عالمية للمواقع المشابهة في أي دولة، وهي أضرت كثيرا بعجلة الاستثمار في مجال التعدين المصري أكثر مما أفادت، حتى المستثمر نفسه لم تتوافق معه الاتفاقية، وهناك نماذج كثيرة لاتفاقيات إدارة المناجم وشركات التعدين، وهناك دول تفضل عدم المشاركة وتميل إلى الحصول على ضرائب من المستثمر بالإضافة إلى الإتاوات على المنتج..
فمثلا السعودية تحصل على 25% ضرائب وأستراليا 29% بالإضافة إلى نسبة تصل إلى 2.5% إتاوة، وكندا 27% بالإضافة لإتاوة تتراوح بين 1% و3%، أما في مصر فالوضع مختلف تماما عن هذه الاتفاقيات ولا يمت لها ولا بأي من اتفاقيات التعدين الأخرى بأي صلة، إذ تحصل مصر على 50% من الأرباح بالإضافة إلى 3% إتاوة، وبالطبع ليست هي الأفضل، والاتفاقيات العالمية المبرمة في تلك الدول هي الأصوب، وذلك لأنه تغلق المجال أمام تلاعب المستثمر بالإنتاج وتفننه في تكثيف أرباحه، فتلك الدول لم تبرم تلك الاتفاقيات من فراغ بل بواسطة خبراء وأجهزة اقتصادية وتعدينية وفنية على أعلى مستوى.
ومطلوب تعديل الاتفاقية المبرمة في منجم السكري، وهذا يتطلب موافقة مجلس الشعب، فهذه الاتفاقيات جعلت كل الشركات العالمية الشهيرة العاملة في هذا المجال تحجم عن الحضور إلى مصر وإبرام تعاقدات في مواقع أخرى مماثلة لمنجم السكري، ونحن في حاجة ماسة لفتح تلك الأبواب المغلقة، فلدينا أكثر من مائة موقع مهيأ للاستثمار، وكلها في النهاية قادرة أن تجعل مصر أغنى دولة في العالم بالفعل وليس بالحلم.