لا تهينوا المحافظين الراحلين
بعد أيام تصدر حركة جديدة للمحافظين، ستؤدي إلى رحيل بعضهم، واستمرار آخرين، وكالعادة لن يعرف الذين سيرحلون أسباب استبعادهم كما لم يعرفوا من قبل - كالعادة أيضا- مبررات اختيارهم دون غيرهم.
وفي كل الأحوال.. التغيير مطلوب.. والرجاء أن يكون نحو الأفضل، وأن تراعي الحكومة الجديدة مشاعر الراحلين الذين حاولوا الإصلاح ما استطاعوا، كل حسب خبراته وإمكاناته، وإدراكه لدور المحافظ في النهوض بمحافظته، ومن لم يستطع تتحمل الحكومة مسئولية اختياره، علما بأن بعض الذين اختيروا لتولي المنصب، حاولوا الاعتذار عن قبوله، إما لإدراكهم أن المدة التي سيقضونها في الخدمة، طالت أو قصرت لن تعوض التضحيات التي سيقدمون عليها، وفي مقدمتها فقدان أعمالهم الأصلية التي يشغلها غيرهم بالضرورة.
كما أن المناصب العليا في الدولة لم يعد لها نفس البريق القديم، وأي خطوة يخطوها المحافظ أصبحت موضع تقييم ومساءلة.. ليس فقط من الأجهزة المختصة، ولا من المجلس النيابي، إنما أيضا من المواطنين العاديين عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أتاحت لكل مواطن رصد أعمال المحافظ.. ومحاسبته على كل خطأ يرتكبه.
وإذا أضفنا إلى ذلك أن راتب المحافظ حتى آخر تعديل لم يكن يتجاوز الثلاثة آلاف جنيه شهريا، ورغم كل ذلك قبلوا التكليف، وأذكر أن أحد الخبراء البارزين في مجال التعليم، هو الدكتور رأفت محمود رشح لتولي منصب رفيع في مؤسسة عربية مقرها بيروت، وبذلت الدولة المصرية جهودا كبيرة لاختياره، واعتبرت المؤسسة العربية هذا الاختيار مكسبا كبيرا، ولكن رئيس الوزراء وقتها أقنعه بأن الدولة تحتاجه في منصب المحافظ، وقبل الرجل التكليف مضحيا بالمكانة العلمية على المستوي العربي والعائد المادي الكبير، ولم يمر سوي عام واحد إلا وأعلنت حركة محافظين جديدة استبعد منها الرجل، رغم الأداء الجيد في الفيوم، ولم يعرف سبب استبعاده، مما كان له تأثير عميق على مشاعره..
وأذكر أنني كنت أتابع إعلان حركة جديدة للمحافظين من داخل الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وفوجئت بأحد المسئولين الكبار في الأمانة يطلب من موظف صغير إبلاغ المحافظين الذين تم استبعادهم، ألا يتوجهوا في الصباح إلى مكاتبهم، لأن الجدد وصلوا بالفعل بعد إتمام كافة الإجراءات.
ولا شك أن مثل تلك التصرفات المهينة، كان لها تأثيرها العميق على المحافظين الذين شعروا بأن الدولة لم تقدر جهودهم، ولم تحترم مشاعرهم، وهو ما يجب أن تراعيه الحكومة الجديدة في التعامل مع الذين سيتم استبعادهم، وتمنحهم الفرصة الكافية قبل أن يغادروا مكاتبهم ويودعوا الجهاز المعاون والجماهير التي تعاملت معهم.
وأظن أن واجب رئيس الوزراء أن يستقبلهم ويشكرهم على ما قدموه من جهد، حتى لو لم يحققوا النتائج المرجوة، فهم لا يستحقون الإهانة.