رئيس التحرير
عصام كامل

اتفاق العواصم.. القاهرة وأبو ظبي والرياض وأديس أبابا في مواجهة أنقرة والدوحة.. «بن زايد» مهندس السياسة الجديدة.. «القطان» في مهمة لتجاوز أزمة سد النهضة.. والدوحة تتحرك لمواجهة التك

 الجنرال آبى أحمد،
الجنرال آبى أحمد،

وصول الجنرال آبى أحمد، إلى رئاسة مجلس الوزراء الإثيوبي، خلفًا لـ«ديسالين» الذي رحل في مارس الماضي، كان دافعًا لتفاؤل مصر وغيرها من الدول لعدة أسباب، فالرجل القادم من طائفة «الأورموا» التي أعلنت كثيرًا ولاءها لمصر، لم يلتزم بالسير على خطى «ديسالين» التي جعلت بلاده مرتعًا لكل من قطر وتركيا، لكنه تعامل بذكاء، فقد أكد أن المشروعات الوطنية لن يتم المساس بها، لكن في نفس الوقت سيكون هناك خريطة جديدة لسياسة إثيوبيا الخارجية تمثل في وجهة نظر البعض انقلابا حقيقيا.


ملامح الانقلاب
أبرز ملامح انقلاب السياسة الخارجية لـ«أديس أبابا» تمثلت في التقارب مع الإمارات، الذي تمثل في زيارة نادرة لولى عهد أبو ظبى محمد بن زايد، خلال أول أيام عيد الفطر لأديس أبابا برفقة وفد إماراتى لمدة يومين، وكانت النتيجة أن «أبو ظبي» تعهدت بتقديم ثلاثة مليارات دولار مساعدات واستثمارات إلى أديس أبابا، في إظهار لدعم كبير لرئيس الوزراء الجديد آبى أحمد.

من جانبها.. اعتبرت وكالة رويترز العالمية أن تلك الخطوة تعنى سياسة جديدة لـ«أديس أبابا» التي دأبت على التعامل مع «الدوحة» فقط من العواصم الخليجية، لافتة إلى أن هذا التقارب سيشمل أيضا الرياض والقاهرة، فيما يبدو محورًا جديدًا يمكن أن ينقذ الأخيرة من ورطة سد النهضة، خاصة أن هناك مصادر دبلوماسية كشفت عن تحالف «سعودي– إماراتي» للتدخل في ملف سد النهضة، وقد حصلت القاهرة على وعود بتجاوز الأزمة مقابل استثمارات سعودية وإماراتية في الداخل الإثيوبي.

مصالحة تاريخية

ضمن الأوراق التي ستقدمها الإمارات لإثيوبيا أيضًا بداية مصالحة بين أديس أبابا وعدوها التاريخى إريتريا، وتساهم في ذلك العلاقات الجيدة بين «بن زايد» والرئيس عبد الفتاح السيسي من جهة وأسياس أفورقى الرئيس الإريتري من جهة أخرى، وذلك بعد إعلان «آبى أحمد» موافقته على اتفاق الجزائر لترسيم الحدود بين إثيوبيا وإريتريا من أجل حل الخلاف بين الدولتين.

وفى تلك الحالة كما يرى مراقبون فإن إثيوبيا ستكون مهمتها تحسين العلاقات بين الإمارات ودولتى جيبوتى والصومال، إذ توترت العلاقات بسبب إنهاء جيبوتى عقد امتياز موانئ دبى لإدارة محطة حاويات «دوراليه»، كما أنهى الصومال برنامجًا إماراتيًا لتدريب جنود الجيش، وصادرت سلطات مطار مقديشو 10 ملايين دولار كانت تحملها طائرة إماراتية، ويرى البعض أن «الدوحة» وراء ذلك لتقاربها خلال الفترة الأخيرة مع جيبوتى والصومال.

السعودية
السعودية هي الأخرى كانت حاضرة بقوة، ذلك ما تقوله الوقائع بعد أن استقبل رئيس الوزراء الإثيوبى «آبى أحمد» الأسبوع قبل الماضى وزير الدولة السعودى للشئون الأفريقية أحمد قطان، حاملًا رسالة خطية من ولى العهد محمد بن سلمان، وإن لم يتم الإعلان عن تفاصيلها، فقد أكد مراقبون أن الأمر يتعلق بملف سد النهضة وملفات أخرى خلال الفترة المقبلة.

المحور الجديد الذي يتم تشكيله بين إثيوبيا والسعودية والإمارات ومصر له أيضًا طلباته، حسبما أوضح دبلوماسيون، لعل أبرز تلك المطالب اتخاذ موقف مناهض من قطر وتركيا، وقد ظهرت مؤشرات هذا الاتجاه خلال التغطية الإعلامية التي قامت بها وسائل إعلام إماراتية ومصرية لزيارة «آبى أحمد» إلى القاهرة.

ورغم استبعاد احتمالية قطع العلاقات بين أديس أبابا من جهة والدوحة وأنقرة من جهة أخرى بسبب عوامل كثيرة، لعل أبرزها زعامة إثيوبيا وثقلها الأفريقي، فإن تحركات قطر تشير إلى أن هناك تخوفات لديها من ما يحدث، وقد تمثلت تلك التحركات في تسريع وتيرة الاتفاقات بين إثيوبيا وقطر والممثلة في رفع الاستثمارات القطرية في أديس أبابا إلى 8 مليارات دولار بجانب معاهدة تعاون عسكري بين البلدين، كما شملت التحركات لقاء رئيس الأركان القطرى بعدد من قيادات الحكومة الإثيوبية خلال الأيام الماضية.

من جانبه أكد هانى رسلان، رئيس وحدة حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن الأمر كله يتعلق بالمصالح، قائلًا: ليس هناك جديد يقدمه رئيس وزراء إثيوبيا سوى خدمة بلاده وما يحدث خدمة للجميع، أما ما حدث أيام «ديسالين» فلم يكن ذات فائدة بقدر ما كان نوعا من المكايدة السياسية للقاهرة، وهو ما أدى في النهاية إلى إقالته.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية