رئيس التحرير
عصام كامل

رحلة «أحمد» من أخصائي اجتماعي لمرشد رحلات علاجية بسيوة (صور)

فيتو

كان يمكن للشاب الذي وصل إلى منتصف العشرينيات من عمره أن يُكمل حياته كما هي، تخرج أخصائي اجتماعي، وعمل في أحد المدارس بنفس تخصصه، وهي ميزة للكثيرين، غيره يفكر بعد ذلك في إنشاء بيت وتكوين أسرة، لكن أحمد عمر لم يكن هذا الشخص العادي، كانت له أحلامه التي بدأ في تحقيقها بالفعل.


لم يكن الأمر يحتاج الكثير، يكفي أن ينظر حوله، حيث نشأته في واحة سيوة؛ ليجد منافذ العمل حوله في كل مكان، وإن كان الأمر بدأ صدفة، يقول هو في حديثه لـ«فيتو» إنه كان يعمل في تصليح الدراجات، بجانب عمله في المدرسة؛ لتوفير دخل جيد له، وذات يوم طلب منه أحد السائحين تأجير دراجة، فكانت أولى مشروعات شراء دراجات وتأجيرها على طريقة فيلم «اللمبي»، وإن كان الأمر أتى بثماره، حتى طلب منه أحد أصدقائه في القاهرة زيارة سيوة، وتنظيم رحلة سياحية، فأنجز الأمر على أكمل وجه، ووجد نفسه قد أصبح مرشدًا علاجيًا؛ نظرًا لأن أغلب من يقصدون سيوة يقصدونها فقط من أجل السياحة العلاجية.

بداية العمل لم تكن سهلة، لكن قبل شرح بداية العمل يوضح لنا «عمر» طبيعته، فيقول: المسئول عن كل شيء من بداية الرحلة حتى نهايتها تكون مسئوليتي، بداية من حجز الفنادق والمطاعم ورحلات السفاري وتنظيم مواعيد السياحة العلاجية، كل ذلك يتم من خلال شبكة من العلاقات، يجب أن يكون المرشد على دراية بها.

كما يوضح أن الأمر ليس بتلك الصورة الملائكية أيضًا، فيجب على المرشد أن يكون على دراية بألاعيب السوق؛ لاختيار أفضل العروض لرحلاته وعدم توريطهم في أي فخ، ولأن لكل تلميذ أستاذ، فاستطاع الفتى العشريني التعلم من «عم عبدالله» أحد كبار مشايخ سيوة المخضرمين، كل شيء بداية من المزارات العلاجية ووصولًا للعيون الطبيعية ودهاليز سيوة، وكان ذلك من خلال درس يومي لمدة ساعتين.

وبجانب ذلك يكشف «أحمد» أن أي بادئ في العمل يحتاج إلى ما يُسمى «كشكول المعلومات»، وهو كشكول به الكثير من أسرار واحة سيوة التي لا يمكن أن يتم معرفتها في وقت قصير، ولكن رغم هذا الطموح لا يريد الفتى العشريني إنشاء شركة سياحة، يقول عن ذلك أريد الشعور بمتعة المهنة لا أموالها.

في سيوة، يبدأ برنامج العلاج الطبيعي من يونيو وحتى سبتمبر، وعن رحلته التي يخوضها مع كل فوج سياحي، يقول: بعد حجز كل شيء من فنادق ومطاعم ومواعيد رحلات السفاري، فإن هناك المزارات والتي تتنوع ما بين الفرعونية والإسلامية، وتندرج في مستويات حسب التكلفة، أما وسائل المواصلات فتكون إما بالكرتة، عربة يجرها الحمار، وهي أفضل وسيلة مواصلات سياحية في واحة سيوة، بجانب الدراجات وسيارات النقل والسيارات ذات الدفع الرباعي.

بعد الانتقال يبدأ برنامج العلاج، ويقول أحمد عمر في البداية، ومن خلال تعامله، فإن السائح الأجنبي يكون لديه الكثير من المعلومات عن سيوة عكس المصريين؛ لذلك لا يوجد مشكلات في شرح التعليمات والطرق التي يتم بها العلاج، ولعل أبرز تلك التعليمات، أنه لا يوجد علاج في الشتاء بل في الصيف فقط، وما يحدث في الشتاء استجمام، وذلك يعود إلى أن أحد أبرز شروط العلاج تتمثل في الدفن في الرمال، بعدها لا يتعرض للهواء.

أما المحاذير الأخرى، فتشمل أن يكون جسم المريض المعالج خاليا من التقرحات والتسلخات والجروح غير الملتئمة، وألا يكون هناك مشكلات في القلب ومشكلات في الصدر والتنفس وضغط الدم، وألا يكون هناك كسور أو عمليات جراحية حديثة، وتبدأ الجلسة يوميًا من الساعة 1 ظهرا حتى 3 عصرا، ومدة الجلسة في المتوسط نصف ساعة يوميا لمدة 3 أو 5 أو 7 أيام، ويحدد ذلك الحالة المرضية للمريض.


ومن ضمن المزارات التي لا يخلو منها أي برنامج، كما يوضح أحمد عمر، بحيرات الملح الطبيعية، والتي تقوم بإزالة الخلايا الميتة من الجسم وتقليل الشحنات الكهربائية، وتقوم بتجديد خلايا البشرة والحفاظ على نعومتها ومحاربة ظهور التجاعيد وعلامات الشيخوخة المبكرة، وتزيل حب الشباب وجميع أنواع الحبوب.

أما العيون الكبريتية التي تشتهر بها سيوة، تستخدم في علاج الأمراض الجلدية، وتتميز بالمياه الشفافة ذات المذاق المر، والتي لا تصلح للشرب، كما يوجد بها نسبة كبريت وباردة، يفضل النزول بها بالنهار من الساعه 1 ظهرا حتى 4 عصرا.

ويكشف الشاب العشريني أن أفضل الأماكن التي يحب السائحون زيارتها قرية «جعفر» التي أقيم فيها المغني المشهور «usher»، عند زيارته لواحة سيوة منذ بضعة أسابيع، وأقام فيها الأمير تشارلز ولي عهد المملكة المتحدة، وهي قرية تحتوي على أحد أغرب 10 فنادق في العالم، ففيها فندق مبني بالكرشيف والطين، وهي مادة بناء أساسية في الواحة، تعزل درجة الحرارة، وجميع المواد المستخدمة من الطبيعة، كخشب أشجار النخيل تستعمل للسقف وخشب أشجار الزيتون للشبابيك والأبواب والسرائر بأحجار الملح، أما الطعام فيأتي من مزرعة القرية بدون أي إضافات، وفيه يمنع الكهرباء، فتكون الإضاءة فقط بالشموع، ويمنع استخدام الإنترنت والهواتف المحمولة.
الجريدة الرسمية