رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان: الإصلاح الاقتصادي الحالي يعالج فسادا استمر بمصر 60 عاما

فيتو

  • إلغاء الدعم بالكامل يصب في مصلحة الفقراء والدعم يحصل عليه الأغنياء
  • وصول الدعم إلى من لا يستحقه هو أخطر أنواع الفساد
  • منظومة كارت البنزين المدعم كانت خطأ من الحكومة
  • أدعو رجال الأعمال للقيام بدورهم تجاه البلاد برفع مرتبات العاملين
  • الضرائب التصاعدية لها أضرارها وزادت بما فيه الكفاية

انتقد طلعت السويدى، رئيس لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، منظومة الدعم المعمول بها حاليا، مشيرا إلى أن الحكومة تقدم دعما يحصل عليه الأغنياء، ولا يصل إلى مستحقيه، مشددا في الوقت نفسه على أن إلغاء الدعم عن المحروقات يصب في مصلحة الفقراء.

السويدي أكد أن خطوات الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الدولة مؤخرا، تحاول علاج فساد استشرى في البلاد منذ 60 عاما، عبر عدد من الأنظمة والحكومات السابقة التي تقاعست عن إيجاد حلول لملف الدعم، ورفض رئيس لجنة الطاقة مطالب البعض بفرض ضرائب تصاعدية أكبر من الحالية، خوفا من هروب المستثمرين، مؤكدا أن المواطن سيشعر بالخير الوفير بعد أربع سنوات.. وإلى نص الحوار... 

*هناك حالة من الجدل حول خطوات الحكومة لإلغاء الدعم وآثار ذلك على ارتفاع الأسعار، كيف ترى تلك الخطوات؟
أرى أن خطوات إلغاء الدعم، تصب في المصلحة العامة للبلاد، فهى علاج لسلبيات وأخطاء ٦٠ عاما مضت، كما أنها ليست إجراءات مفاجئة، وإنما كانت ضمن برنامج الحكومة المعروض على مجلس النواب في بداية الدورة البرلمانية ٢٠١٥- ٢٠٢٠، حيث كان هناك برنامج للحكومة ممتد حتى عام ٢٠٢٠، يتضمن إلغاء الدعم على مراحل، وهو ما وافق عليه النواب، وهنا أوضح أن الدعم المقصود هنا والمخطط إلغاؤه بالكامل هو دعم الطاقة والمحروقات، وليس دعم التعليم والصحة.

*ولماذا يتم إلغاؤه بالكامل؟
ببساطة لأنه يمثل عبئا على الدولة، في حين أن المستفيد منه الغنى وليس الفقير، فعلى أرض الواقع نجد أن نسبة حصول الفقير على الدعم لا شيء.

*كيف ذلك؟
الفقير يستخدم وسائل المواصلات، ولا يمتلك سيارة خاصة تستهلك بنزينا أو سولارا، في حين أن الغنى يمتلك عددا من السيارات الفارهة التي تستخدم مئات اللترات من البنزين يوميا، وبالتالي يستفيد يوميا بنحو ما بين ٥٠٠ وألف جنيه من المحروقات والطاقة في الوقت الحالي، في ظل الأسعار الجديدة بعد رفع جزء كبير من الدعم عنها، وذلك نظرا لأن الوقود والطاقة ما زالا مدعومين حاليا ولم يصلا إلى سعرهما الحقيقى على مستوى العالم، وبالتالي، أرى أن إلغاء الدعم بالكامل، سيكون في صالح الفقير وليس ضده، حيث إن ما يتحمله الفقير من أعباء نتيجة زيادة أسعار المواصلات بعد رفع أسعار الوقود، لا يتعدى ٥٠ جنيها شهريا، وكذلك في الكهرباء، وفى المقابل سيتم توفير مئات المليارات لخزينة الدولة، وهى قيمة الدعم الذي كان يستفيد منه الأغنياء والأجانب المقيمون في مصر ومقار السفارات وسيارات الجاليات الأجنبية، وغيرهم من غير المستحقين للدعم، نظرا لأنهم يستخدمون حاليا كهرباء مدعومة ومحروقات مدعومة، ويستفيدون بمليارات الجنيهات من أموال الشعب المصرى بدون وجه حق.

*ولكن هناك فئات من الشعب تستحق الدعم، كيف يصل الدعم إليهم؟
بالفعل هذا هو الهدف الرئيسى من تلك الإصلاحات والإجراءات، نريد أن يصل الدعم لمستحقيه فقط، بعيدا عن مافيا الفساد التي تستفيد منه وغير المستحقين الذي يحصلون عليه دون وجه حق، ولن تستطيع الدولة توصيله بالطريقة الصحيحة إلى المستحقين إلا بعدما يتم توفيره أولا من الطرق التي يتم إهداره فيها، وإعداد قاعدة بيانات حقيقية عن المستحقين، وهنا أشير إلى أن قيمة دعم المحروقات تصل إلى نحو ٦٠ مليار جنيه، وكذلك دعم الكهرباء نحو ٤٦ مليار جنيه، وهى مبالغ ضخمة تمثل عبئا على الدولة، وكل المصريين، وكان لابد من إعادة النظر اليها، لأنه يتم إهدارها. وهنا استشهد بمنظومة التموين، حيث يوجد في مصر ٣٢ مليون بطاقة تموين للأسر المصرية، وبحساب متوسط عدد أفراد الأسرة أربعة أفراد، يكون عدد المستفيدين من التموين نحو ١٢٠ مليون مواطن، في حين أن عدد أفراد الشعب المصرى نحو ١٠٠ مليون، وهو ما يؤكد أن هناك خللا في قاعدة البيانات، وفي حال توزيع مبلغ الدعم الحالي الذي تنفقه الدولة، على المستحقين فقط، سيصل نصيب كل فرد إلى ما يقرب١٠ آلاف جنيه شهريا.

*هناك من يرى أن ذلك كلام نظرى فقط، وغير قابل للتطبيق على أرض الواقع، كيف ترى ذلك؟
بالعكس، التطبيق على أرض الواقع، بدأ بالفعل، فكل من وزارة التضامن الاجتماعى ووزارة التموين، ومجموعة أخرى من الوزارات، ليس أمامها شيء سوى ذلك الموضوع، وهو إعداد قاعدة بيانات حقيقية عن مستحقى الدعم، لأنه لا يجوز أن توفر الدولة من ناحية ويتم إهدار هذه الأموال من ناحية أخرى بإنفاقها على غير المستحقين، ولابد من ضبط منظومة الإجراءات الاقتصادية بالبلاد، لتتماشى مع باقى البلاد المحترمة في العالم التي ألغت الدعم منذ فترة طويلة.

*بالفعل بعض الدول ألغت الدعم ولكن مستوى دخل الفرد بها مرتفع، فهل يرتفع دخل الفرد بمصر؟
بالفعل ارتفع مستوى دخل الفرد بمصر، فأنا على سبيل المثال أمنح العامل الجديد حاليا بمرتب ١٨٠٠ جنيه، وكان في عام ٢٠٠٧ يحصل على ١٥٠ جنيها، ما يعنى ارتفاع مرتبه أكثر من عشرة أضعاف، في حين لم يرتفع الوقود عشرة أضعاف.

*ولكن زيادة المحروقات يترتب عليها زيادة كافة الأسعار، وزيادة المرتبات لم تعد تلبى احتياجات المواطن؟
تم رفع مرتبات القطاع الحكومى بعد الزيادة الأخيرة في المحروقات، وهنا أدعو رجال الأعمال للقيام بدورهم تجاه البلاد برفع مرتبات العاملين، فنحن جميعا في محنة وعلينا تجاوزها، والصبر في مواجهتها، فهى نتيجة لفشل الأنظمة والحكومات السابقة التي لم تكن تنظر للمستقبل، واستشهد هنا بتعيين النظام السابق ٣٠٠ ممرضة في وحدة صحية بلا أسباب، في حين أنها لا تحتاج سوى ٥ فقط، وبالطبع الشعب هو من يدفع قيمة ذلك، فهي منظومة كاملة لو لم تكتمل سنكون جميعا متضررين.

*البعض يرى أنها خطط إصلاحية جيدة، ولكن كان من الأفضل تنفيذها على فترة أطول من ذلك؟
لدينا التزامات دولية، تتطلب الإسراع في تنفيذها، ويكفينا إشادة نائب رئيس صندوق النقد الدولى، بما قمنا به، فهى شهادة في صالح البلاد دوليا.

*هل تقصد أن قرض الصندوق هو سبب هذه الإجراءات الإصلاحية؟
لا ليس القرض في حد ذاته، ولكن هناك إجراءات إصلاحية كان لابد أن تقوم بها الدولة والمصانع، للحصول على شهادات اقتصادية دولية حتى يمكننا التعامل مع المؤسسات الاقتصادية العالمية، وليس معنى ذلك أن تلك المؤسسات العالمية تفرض رأيها علينا، ولكن وجود شهادات دولية لنا تشجع أي جهة دولية على التعامل معنا.

*هناك من يرى أن هناك بدائل أفضل من تلك الإجراءات مثل الضرائب التصاعدية وغيرها، كيف ترى ذلك؟
الضرائب التصاعدية، لها أضرارها، كما أنها زادت بما فيه الكفاية، ولا أستطيع زيادتها عن ذلك الحد، لتشجيع المستثمرين الأجانب، فهى الآن تصل إلى ٢٧ في المائة، وستصل إلى ٣٠ في المائة، وهى نسبة كبيرة.


*الحكومة تعلن باستمرار زيادة برامج الحماية الاجتماعية، لمواجهة تلك الزيادات، ولكن البعض لا يرى لها تأثيرا، كيف ترى ذلك؟
برامج الحماية موجودة وجار استكمالها، ومنها منظومة التأمين الصحى، ومشروع تكافل وكرامة.


*هل ترى أنه من الأفضل تقديم الدعم للمستحقين نقدا؟
ليس المهم صرف الدعم لمن يستحقه نقدا أو سلعيا، ولكن المهم هو وصول الدعم إلى مستحقيه، وعدم ترك مافيا الدعم تقوم بسرقته بطرق مقننة مثلما كان يحدث منذ أكثر من ٦٠ عاما، وهنا أرى أن وصول الدعم إلى من لا يستحقه هو أخطر أنواع الفساد، ولابد من مواجهة هذا النوع الخطير من الفساد، الذي يهدر مئات المليارات من الجنيهات سنويا على الخزانة العامة للدولة


*وأين كارت البنزين، الذي أعلنت الحكومة الماضية عن تطبيقه من قبل؟
منظومة الكارت كانت خطأ من الحكومة، فهو كان مجهزا على أساس استمرار الدعم، ولكننا بعد أن ألغينا الدعم، لا حاجة له، حيث سيصل سعر الوقود للسعر الرسمي.

*ومتى تتوقع جنى ثمار تلك الإجراءات، ورفع الأعباء عن كاهل المواطن؟
أتوقع أن جنى تلك الثمار سيكون بعد أربع سنوات، حيث سيشعر المواطن بالخير الوفير في عام ٢٠٢٢، حيث سيكون قد تم رفع الدعم نهائيا في عام ٢٠١٩ ويكون آثار ذلك بدأت تظهر على الموازنة والخدمات المقدمة للمواطنين، وكذلك سيكون في ذلك الوقت حدث اكتفاء ذاتى بالبلاد من الغاز الطبيعى من خلال الحقول التي تم اكتشافها مؤخرا، وهنا أشير إلى أن ما حققته مصر في ذلك الاتجاه، حيث أصبح لدينا مركز إقليمي لسوق الغاز في مصر، وكذلك مركز إقليم للطاقة الشمسية في أسوان، كما أن الفترة الأخيرة شهدت توقيع تعاقدات واتفاقيات كثيرة، لاكتشافات بترول وغاز، في البحر المتوسط والبحر الأحمر، وذلك بعد اتفاقيات ترسيم الحدود التي وقعت عليها مصر.


الحوار منقول عن بتصرف النسخة الورقية لـ "فيتو"...
الجريدة الرسمية