تكريم اللواء باقي زكي يوسف
مثلما عرفنا متأخرا أنه لولا شجاعة يوسف صديق لما نجحت ثورة يوليو، ولما تغير تاريخ مصر الحديث كله، فقد عرفنا بعد وقت أيضا أنه لولا ذكاء باقى زكى يوسف لما نجحنا في عبور قناة السويس في أكتوبر عام ٧٣، ولكنا تحملنا الكثير من الخسائر والضحايا، فهو صاحب فكرة استخدام مدافع المياه للتخلص من الساتر الترابى الذي أقامه الإسرائيليون على الضفة الشرقية للقناة، ضمن الأعمال التي قاموا بها لإحباط أية محاولة عبور مصرية لها.
وإذا كان قد فاتنا في زحام الحياة وانشغالنا بالمونديال أن نودع الرجل بما يليق به ودوره المهم في حرب أكتوبر، من خلال جنازة عسكرية كان يستحقها، ونالها راحلون سابقون حتى ممن لا ينتمون للقوات المسلحة، فإننى أرى أنه ما زال في مقدورنا تكريم روح الراحل العظيم بوسائل أخرى، ليس فقط لنصحح خطأ وقعنا فيه، وإنما لنمنح حقا لمن يستحقه لواحد من أبناء الوطن الأبرار الذين قدموا له الكثير.
ولكل من أغضبهم هذا الوداع المتواضع للواء باقى أقول لهم لقد كاد أن يحدث ذلك للراحل يوسف صديق عند وفاته عام ٧٥، رغم أنه هو الذي اقتحم مبنى قيادة الجيش ليلة ٢٣ يوليو، وألقى القبض على كل القيادات العسكرية التي اجتمعت وقتها لتوجيه ضربة قاتلة لتنظيم الضباط الأحرار، وأيضًا رغم أنه كان واحدا من أعضاء مجلس قيادة الثورة، وهو الذي استقال منه احتجاجا على حبس عدد من الضباط الأحرار المنتمين لسلاح المدفعية، وبإصراره وتمسكه بأن تكون مصر ديمقراطية، وتحمل في سبيل ذلك آلام النفى والحبس هو وزوجته علية توفيق، وأيضًا تحديد الإقامة لبضعة سنوات، ناهيك عن إبعاده عن العمل العام.
على كل حال الفرصة مازالت موجودة لكى تكرم الدولة والقوات المسلحة روح الراحل اللواء باقى، وأرجو ألا نفلتها، مثلما أفلتت منا فرصة توديع جثمانه في جنازة عسكرية، ولف هذا الجثمان في علم بلاده التي أخلص لها في حياته، داخل القوات المسلحة وخارجها..