رئيس التحرير
عصام كامل

جاسوس المقطم والمهرجان الغنائى


لا يخفى علينا أن أمريكا تمنح حق الحكم بالانتفاع لكل من يحقق لها مصالحها ويأمن وجودها فى العالم خاصة فى منطقة الشرق الأوسط حيث دويلات صغيرة تعوم على بحار من النفط ومجرى مائى عالمى يتحكم فى التجارة العالمية التى تساهم فيها الولايات المتحدة بنصيب الأسد.


لكن هل من مصلحة أمريكا أن تكون تلك الدول قوية؟ بالطبع لا، فأمريكا تمنح القوة للنظام العميل أو الموالى لها أو الذى يهين بلاده وسمعتها ويرضى بدور العبد المطيع لسيده الأعظم. هذا هو حال النظام الحاكم فى مصر الآن، نظام لا ينجح إلا فى إحداث ضجيج مقصود ومتعمد يوميا لإلهاء الناس عن كوارثه التى يصيب بها الوطن يوميا والتى ستخلف مآسى مستقبلا.

ترضى أمريكا بهم وتقويهم كنظام لا كدولة، فهم أداة هدم لبنيان الدولة المصرية والتى تخشى أمريكا إحياءه فى مصر حتى لا يعاملها أحد معاملة الند، تريد الإذعان وهو متوفر فى جماعة غايتها وجهادها ومقصدها الحكم فقط وبأى وسيلة أخلاقية أو مبتذلة.

يشبه هذا النظام فى ضجيجه مزعجى هذه الأيام الذين يطلقون على أنفسهم لقب مطربى المهرجانات حيث ترى شابا أو أكثر يملأ الدنيا صراخا على مسرح ملىء بتكنولوجيا دمج الأصوات حتى يدارى على رداءة صوته وحماقة ودناءة كلماته ووراءه قطعان عديدة تتمايل مع ما يلوث به أسماعهم وأسماعنا بحكم فرضه علينا ولا نخرج من غثائه الذى يسميه افتراضا مهرجانا غنائيا، بأى قيمة تذكر.

كارثة تدمر الذوق المصرى الرفيع خاصة فى الفن الشعبى الذى شدا به عمالقة الطرب المصريين واستمد عبق كلمات من تراث مصرى ممتد لأوزوريس وملحمتها الشهيرة التى أعيدت صياغتها مرارا فى ملاحم شعبية ارتقت بالبسطاء وتفكيرهم وألهمت مبدعين ومثقفين كبارا.


بنفس الطريقة يعيش الشعب المصرى راضخا لحكم ضوضاء مهرجانات الإخوان التى لوثت حياتنا محاولة لاستنساخ مواطن قطيعى يلغى عقله تماما استنادا لوجود مقدس أعلى منه مكانة فى أسرته الإخوانية ثم فى جماعته حتى يصل لكاهن لا يشق له غبار ولا ترد له كلمة، منبع الحكمة المُؤيد من قبل السماء مرشد الجماعة.

يسعون لأخونة المصريين بهدم هويتهم التى تكونت منذ عصور الفراعنة مرورا بمصر القبطية المسيحية والإسلامية اكتفاءً بهوية الجماعة، فمصر الوطن كلمة خارج سياق الجماعة ولا تتجاوز ولاية أخضعوها لسلطانهم عليهم استرقاق شعبها. لا يرون غير الإذعان سبيلا لترويض المصريين وحكمهم تماما كما تفعل أمريكا معهم.


أمريكا تفعل ذلك مع الجماعة والجماعة تبلطج على الشعب بنفس الأسلوب والتعديل الوزارى الأخير أسوا مثال على تلك، فاستدعى قصص جورباتشوف الذى تربى عميلا لأمريكا فى الاتحاد السوفييتى السابق الذى كانت مهمته اختيار الأسوأ لإدارة البلاد سعيا إلى تفكيكها الداخلى حتى حدث بالفعل.

الآن يحدث فى مصر نفس الشىء وكأن جاسوسا يسكن المقطم يملى عليهم أسماء بعينها تهوى بالبلاد لمستنقع عفن من التردى الاقتصادى والاجتماعى والطائفى وصولا بها إلى التشرذم والانقسام، ثم تغطى الجماعة على كل تلك الخيانة ببذاءات وأكاذيب وضجيج تشبه ما يسمى بالمهرجان الغنائى الشعبى حتى تضيع الحقيقة.


الجريدة الرسمية