ندوة دولية تطالب الحركة الحقوقية المصرية بحوار داخلي بينها
دعت ندوة حقوقية عقدت في المجلس الدولي لحقوق الإنسان المنظمات الحقوقية المصرية إلى حوار فيما بينها حول خطط عملها وأهدافها الإستراتيجية في الفترة القادمة، وإنهاء حالة الانقسام بينها والالتزام بالقانون بعد تعديل المواد المثار بشأنها اعتراضات كبيرة.
كانت الندوة التي نظمها الوفد الحقوقي المصري المشارك في اجتماعات الدورة 38 للمجلس الدولي لحقوق الإنسان بمدينة جنيف السويسرية بعنوان "الحركة الحقوقية في مصر" طالبت بترجمة المواد الواردة في دستور 2014 والخاصة بالحقوق والحريات العامة إلى عمل حقيقي يمس احتياجات وتطلعات المواطن المصري.
تحدث في الندوة كل من سعيد عبد الحافظ مدير ملتقى الحوار للتنمية وحقوق والإنسان وهاني إبراهيم مؤسس ورئيس مجلس أمناء مؤسسة المحروسة للتنمية والمشاركة وإدارة الكاتب الصحفي مجدي حلمي.
تناول عبد الحافظ نشأة حقوق الإنسان في مصر موضحا أنها حركة تمتد بتاريخها إلى بداية ثمانينيات القرن الماضي وركز على عدد من محطات الحركة الحقوقية موضحا أن الحركة خرجت من رحم السياسيين، وخاصة ذوي التوجه اليساري التقدمي والذي تمثل في الناصريين والشيوعيين وتطورت حتى صدر قانون الجمعيات الأهلية للعام 2002 برقم 84 والذي سمح بخروج جيل جديد من المنظمات الحقوقية في مصر.
وأشار إلى أن مشكلة منظمات حقوق الإنسان في مصر الدور السياسي والحزبي الذي أفقدها المهنية والحيادية التي يجب أن تتمتع به مما أدخلها في صدام مع مؤسسات الدولة، وجعلها تستقوي بشبكة منظمات دولية وقوى خارجية للضغط على النظام السياسي وهو ما أدى إلى نتائج عكسية ومنها عدم اطمئنان هذه المؤسسات لعمل منظمات حقوق الإنسان.
كما تناول عبد الحافظ وضع الحركة الحقوقية بعد ثورة يناير 2011 حيث عمل العديد من نشطاء حقوق الإنسان بالعمل السياسي والثوري ونسبوا الثورة لهم مما أدى إلى زيادة الوضع تعقيدا في تعاملهم مع الدولة كما أن هناك اتهامات بتلقي بعض المنظمات لتمويل خارجي غير معلن من قوى إقليمية وأخرى دولية فأدى ذلك إلى الإساءة لوضعية وسمعة الحركة الحقوقية.
ودعا مدير ملتقى الحوار في ختام حديثه إلى الخروج من هذا المأزق بإجراء حوار حقوقي لاستعادة الثقة في التعامل مع المواطن والالتزام بالقوانين بعد تعديل بعض المواد محل الاعتراض.
كما استعرض هاني إبراهيم تحليلا للبيئة الداخلية والخارجية للمنظمات الحقوقية العاملة في مصر بشكل خاص ولمؤسسات المجتمع المدني بشكل عام، عارضا أوجه الضعف والقصور التي تعانيها منظمات المجتمع المدني ومنها ضعف الحرفية في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان لعدم الاهتمام بالتدريب والتعليم المستمر وضعف التمويل، وغلبة التوجهات السياسية على توجهاتها الحقوقية، مما أدى إلى انقسامها وتشرذمها ما بين مؤيد أو معارض للنظام السياسي دون تركيز على القضايا الحقوقية سواء على صعيد المشاركة السياسية أو قضايا حقوق الإنسان.
كما عرض أيضا بعضا من نقاط القوة التي يمكن الرهان عليها لفاعلية عمل المنظمات الحقوقية ومنها وجود رغبة حقيقية داخل عدد كبير من المنظمات للخروج من مأزق التشرذم والانتماء السياسي للعمل بشكل محدد لخدمة المواطن والتعاون مع مؤسسات الدولة في إطار واضح يحدد المسئوليات ويعطي الحق للمنظمات بالمشاركة في صناعة القرار العام ومسائلة الحكومة حال وجود انتهاكات موثقة لوضع حقوق الإنسان.
وطالب هاني بضرورة بناء الثقة بين المكونات الداخلية للحركة الحقوقية وبين مؤسسات الدولة وتوقف حالة العداء والاستعداء والتركيز على العمل الجماعي والمشترك لخدمة القضايا العامة، متناولا البيئة الخارجية للعمل الحقوقي حيث توجد قناعة إقليمية ودولية بمكانة الدولة المصرية وأهميتها المحورية في خدمة القضايا الإقليمية والدولية لذا يتحتم مساعدة الدولة المصرية لتحقيق الاستقرار والنمو الداخلي في إطار احترام مبادئ حقوق الإنسان وإيجاد بيئة داعمة للعمل المشترك وبناء الثقة بين جميع الفاعلين من مؤسسات المجتمع المدني.
واختتم: يجب تبني مبادرات شجاعة من قبل مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني للعمل المشترك لخدمة القضايا الحقوقية في إطار التزام مصر بأهداف التنمية المستدامة 2030 وعلى المنظمات الأهلية الرقي بقدراتها وتغيير أدوراها لتناسب الاحتياجات والأولويات الخاصة بالمجتمع المصري وأن يكون عملها قائم على بناء قاعدة شعبية تثق فيها وتعمل معها وتشترك في تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون.