بعد رحيل كوبر.. هل يصمت متفلسفو «بي إن سبورت»؟
المتفلسف في علم اللغة هو من "تكلف نهج الفلسفة دون أن يحسنه"، والمتحذلق هو من يدعي العلم والمهارة.. وفي مصر لدينا الكثير من المتفلسفين المتحذلقين الذين يرون الأسودَ أبيضَ مبررين ذلك بأنهم خبراء في علم الألوان حتى وإن كان السواد يملئ المكان. لم يخطئ أحمد حسن كوكا لاعب منتخب مصر الذي خرج من القائمة النهائية للمنتخب حينما قال إنه ليس لديه أصدقاء في الإعلام ليتحدثوا عنه.. فهيكتور كوبر لديه أصدقاء من المتفلسفين والمتحذلقين في شبكة "بي إن سبورت".
هؤلاء المتفلسفون من محللي شبكة "بي إن سبورت" دافعوا عن مدرب منتخب مصر في كل مباراة واستمروا في الدفاع عن مدرب المنتخب حتى بعد خروج المنتخب بصفر كبير. هؤلاء المتحذلقون كانوا من أشد المدافعين عن هيكتور كوبر المدرب طوال مسيرته مع منتخب مصر. الآن وبعد أن أعلن اتحاد الكرة بشكل رسمي رحيل كوبر، هل سيصمت متفلسفو ومتحذلقو شبكة "بي إن سبورت" أم سيستمرون في الدفاع عنه ويذرفون الدمع على رحيله؟
في لبنان هناك مثل شائع يقول إن "الشمس طالعة والناس قاشعة"، وفشل هيكتور كوبر كان واضحا لكل المشجعين المصريين. المتفلسفون من محللي شبكة بي إن سبورت ساقوا أسبابا لفشل منتخب مصر الصادم من بينها أن اللاعبين ليس لديهم خبرة كافية وبعضهم صغار السن، رغم أن معظم من لعبوا في المنتخب سيتخطون سن الثلاثين في كأس العالم القادم وعلى رأسهم محمد صلاح.
العذر الثاني الذي ساقه هؤلاء المتحذلقون أن معظم لاعبي المنتخب المصري محليون وأن عدد المحترفين في منتخب مصر قليل. وصار أحد المتفلسفين الذي انضم إلى "بي إن سبورت" حديثًا يحدثنا عن أهمية الاحتراف وتأثيره. ليأتي الرد على هذا المتفلسف والمتحذلق بشكل عملي وسريع فيظهر منتخب إيران الذي يخلو من المحترفين تقريبا بشكل رائع ويحصد أربع نقاط في مجموعة الموت فيهزم المغرب وينهزم بالعافية أمام إسبانيا ثم يتعادل مع البرتغال بهدف لمثلهما. لاعبو إيران المحليون قاتلوا بشراسة من أجل التأهل، فماذا فعل محترفونا؟
أرجع متفلسفو "بي إن سبورت" فشل منتخب مصر أيضًا إلى كون مدرب منتخب مصر "عمل من الفسيخ شربات" وأن هيكتور كوبر وصل بالمنتخب لكأس العالم ووصل لنهائي كأس الأمم الأفريقية بعد أن فشل منتخب مصر في الوصول لكأس الأمم الأفريقية ثلاث مرات.
حتى أن أحد المتفلسفين الذين أبهرهم هيكتور كوبر قال بعد هزيمة مصر من السعودية، إنه يجب حماية اللاعبين والجهاز الفني للمنتخب من النقد وأن ما حققه منتخب مصر يعتبر إنجازا. ولا أعرف هل فقد هؤلاء المتفلسفون البصر والبصيرة فلم يروا مدرب منتخب المغرب الذي صنع منتخبًا يلعب كرة هجومية بعد أن كان المغرب غائبا عن خريطة الكرة الأفريقية لسنوات طويلة. منتخب المغرب الذي شهد له جميع المحللين، خسر لعدم التوفيق أمام إيران، ثم قاتل أمام البرتغال وتعادل مع إسبانيا بثنائية بعد أن أرهقها حتى أن فرناندو هييرو مدرب منتخب إسبانيا قال إن إسبانيا كانت محظوظة أمام المغرب.
من متفلسفات محللي شبكة "بي إن سبورت" قولهم إن ظهور منتخب مصر بهذا الشكل أمر مقبول بعد وصولهم لكأس العالم وأن وجودهم في هذا المحفل دولي مكسب كبير في حد ذاته، وأن منتخب مصر سيظهر بشكل أفضل في كأس العالم القادم وأن المهم البناء على ما وصل إليه المنتخب. هذا التفلسف لا ينم إلا عن استخفاف بالمشاهدين. فلتسأل أي طفل يفهم في كرة القدم أو أي مشجع مصري عن مدى ثقته في وصول منتخب مصر لكأس العالم القادم بعد ما شاهده من أداء هزيل، ليجيبك بثقة أن منتخب مصر لن يصل لكأس العالم القادم بهذا الشكل.
الحقيقة الساطعة لكل الناس بخلاف هؤلاء المتفلسفين والمتحذلقين من محللي شبكة "بي إن سبورت" أن المدرب الأرجنتيني كان مدربا فاشلا، أضعف ثقة اللاعبين في أنفسهم وخلق منتخبا بطيئا أو بحق منتخب باصي لصلاح. وليسامحني محللو "بي إن سبورت" من المتفلسفين حين أقول إن هواة كرة القدم يفهمون أكثر منهم.
وسأقدم مثالين على جهل المدرب وجهازه الفني ومن وراءه المحللين الذين ظلوا يدافعون عنه. أصر هيكتور كوبر على اختيار مروان محسن رغم أن خطته الدفاعية لا تعتمد على مهاجم أو رأس حربة صريح. فطريقته الدفاعية التي تذكرنا بالقول الصعيدي المأثور "ابني حيطة يا ولّد" تتطلب مهاجمين وهميين سريعين، فظل مروان محسن طوال المباريات الثلاث معزولا ولم يقدم شيئًا. لم ينتبه هؤلاء المحللون لهذا الخطأ.
لم ينتقد محللو بي إن سبورت اختيارات مدرب منتخب مصر. فمنتخب مصر يلعب بدون صانع ألعاب، يستطيع أن يراوغ ويقدم كرات حاسمة مثل أيمن حفني لاعب الزمالك، لأن هيكتور كوبر لا يحب التغيير. عبدالله السعيد لاعب مهم لكنه ليس في مهارة أيمن حفني. حسين الشحات لاعب موهوب آخر تركه هيكتور كوبر الذي ضم المزيد من المدافعين.. كما أن هيكتور كوبر أصر على اختيار على جبر رغم أنه لا يلعب ولا يمتلك حساسية المباريات.
الحمد لله، أنه اتخذ اتحاد الكرة قرارا برحيل هيكتور كوبر مدرب القرون الوسطى. فليرحل كوبر غير مأسوف عليه وليرحل معه جهازه الفني باستثناء كابتن أحمد ناجي مدرب حراس المرمى فهو مظلوم مع هذا الجهاز الفاشل. وليأتي اتحاد الكرة بمدرب مصري يستفز طاقات لاعبيه مثل حسام حسن مدرب النادي المصري أو يستعين بمدرب أجنبي يطور من أداء منتخب مصر.
لا يوجد مصري لم تصيبه صدمة خروج منتخب مصر من كأس العالم خالي الوفاض وبأداء هزيل. ولم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن يظهر منتخب مصر بهذا الشكل الضعيف والمهلهل باستثناء متفلسفي ومتحذلقي شبكة "بي إن سبورت" الذين يرون أن ظهور منتخب مصر بهذا الشكل المزري "عادي آخر حاجة".
مدرب منتخب مصر الفاشل أساء للاعبيه لأنه جعلهم يظهرون بهذا الشكل السيئ، فصب الناس غضبهم على اللاعبين وهم في الحقيقة ضحية مدرب فاشل وجد نفسه في وسط مجموعة من الجهلاء وإعلاميين متفلسفين ومتحذلقين فصار عليهم حكيمًا.
