«البحوث الإسلامية» يقود معركة حرمان «الأوقاف» من «الفتوى»..الأزهر يعترض على إعطاء حقها لـ«الأئمة».. والوزارة ترد: «إحنا شغالين من زمان».. صفحات الوزار
>> الوزارة تقدم ما يثبت أحقيتها في الفتوى.. و«دينية النواب» تحسم الجدل
>> الجندى: سرقة الفتاوى خيانة علمية ويجب معاقبة مرتكبها وتقتل حق الاجتهاد
>> النجار: الفتاوى ليست لها حماية.. وليس من مصلحة أحد توسيع الفجوة بين المؤسسات الدينية
«الحق في الفتوى».. أزمة متجددة، ويمكن القول أيضا إنها تحولت خلال السنوات القليلة الماضية إلى ما يستحق أن يوصف بـ«الأزمة المزمنة»، وإن كانت أطراف الأزمة تلك تتغير في كل مرة، إلا أنها تظل ثابتة، فلا يزال الشارع المصري يتذكر تفاصيل المعركة التي دارت رحاها بين عدد من شيوخ الأزهر الشريف، وقيادات تابعين للدعوة السلفية، بعد أن تجرأ رجال الدعوة على حق الفتوى، وأعلنوا أحقيتهم في إصدارها، ليس هذا فحسب، لكن الفتاوى التي خرجت من السلفيين، كانت هي الأخرى سببًا في تزايد الأزمات.
مؤخرًا.. كانت وزارة الأوقاف على موعد مع الدخول في ساحة معركة «الحق في الفتوى»، حيث شهدت الآونة الأخيرة حالة من الشد والجذب شهدتها الفترة الأخيرة بين وزارة الأوقاف وقيادات مجمع البحوث الإسلامية، على خلفية اعتراض الدكتور محيى الدين عفيفى أمين المجمع، ممثل الأزهر في اللجنة الدينية للبرلمان على إعطاء أئمة الأوقاف الحق في الإفتاء، ضمن بنود قانون الفتوى الجديد، الأمر الذي أثار حفيظة الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف خلال اجتماع اللجنة، وجعله يدخل في حالة ثورة سعى من خلالها إلى إثبات أن وزارته صاحب حق أصيل في إدارة الفتوى.
تجدر الإشارة هنا إلى أن بداية الأزمة بين «الأوقاف» و«المجمع» تعود عندما رصد القائمون على المجمع قيام بعض الصفحات التابعة لمديريات الوزارة عبر الجمهورية بأخذ نسخة «كوبى» من الأجوبة الفقهية التي تنشرها الصفحة الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» للمجمع ونسبها إلى وكلاء الوزارة دون أية إشارة إلى المجمع.
إثبات وجود
في سياق الأزمة.. أفاد مصدر بمجمع البحوث الإسلامية أن الصفحات التابعة للوزارة اعتادت على هذا النهج من فترة، موضحًا أنها تأخذ الفتاوى من المجمع دون أي تغيير في حرف منها، والأغرب – على حد وصفه- أنها تنسب تلك الفتاوى على ألسنة وكلاء الوزارة التابعين لها، مشيرًا إلى أنه قد يكون الدافع وراء هذا الفعل الغريب هو محاولة الوزارة إثبات الوزارة أنها تعمل في مجال الفتوى وأنها تقدم الخدمات الفقهية للمواطنين.
قانون الفتوى
من جانبه كشف النائب عمرو حمروش أمين سر اللجنة الدينية بالبرلمان، تحفظ الأزهر الشريف على إعطاء حق الفتوى لوزارة الأوقاف، ضمن بنود قانون الفتوى الذي تناقشه اللجنة هذه الفترة، مؤكدًا أن ذلك يعد أحد أبرز مشكلات مشروع القانون حاليًا، وموضحًا أن اللجنة طلبت من الأوقاف إحضار المواثيق التي تدل على أن إدارة الفتوى بالوزارة قديمة وتعمل منذ إنشاء الوزارة.
وأضاف «حمروش»: من المقرر أن تسلم الوزارة تلك المواثيق لعرضها على اجتماعات اللجنة خلال أيام، وأنه حال إثبات ذلك من قبل الأوقاف ستتخذ اللجنة ما تراه مناسبًا في هذا الشأن بالتنسيق الكامل مع الأزهر، بحيث يكون هناك توافق بين جميع الأطراف.
في حين قال قال الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن هناك نوعين من الفتوى بشكل عام، الأولى منها تتعلق بأمور الصلاة والزكاة وغيرها وهذه يمكن أن يفتى فيها كل صاحب علم، أما النوع الثانى فيتمثل في الأمور المتعلقة المهمة التي تمس الوطن مثل قضايا التكفير والإرهاب وغيرها من مستجدات الأمور، وهذه يفضل أن يتم إرجاعها إلى أصحاب الاختصاص هو مجمع البحوث الإسلامية.
وتابع: مسألة منع أئمة الأوقاف من التعرض للفتوى بشكل مطلق أمر غير مُجدٍ، لأن الخطيب أو إمام المسجد أكثر شخص يحتك بالمواطنين العاديين ويكون قريبا منهم، فلا يعقل أن يأتي مصلى إلى إمام المسجد لسؤاله عن فتوى معينة ولا يجيبه بحجة أن قانون الفتوى لا يعطيه هذا الحق، ولهذا أرى أنه يجب إعطاء أئمة الأوقاف حق الفتوى ولو اقتصرت على شئون العبادات والمعاملات فقط، على أن يتم ترك الأمور والمسائل المهمة التي بقضايا الإرهاب والتطرف وغيرها من مستجدات العصر إلى اللجنة المختصة بالأزهر، وأن يتم إصدار فتوى موحدة في هذا الآن يعمل بها الجميع.
الملكية الفكرية
عضو مجمع البحوث الإسلامية، أوضح أن هناك أشياء لا تخضع لحقوق الملكية الفكرية، مثل بنود القوانين والدساتير ومن ضمنها أيضًا الفتاوى، مشيرًا إلى قانون الملكية الفكرية ينص على أن «المصنفات التي تعد للإذاعة والإعلان على الناس مثل الفتاوى والخطبة والقوانين والأحكام القضائية، من غير اختصاص لأحد»، ومؤكدًا أن الفتاوى ليست لها حماية، خاصة أن المفترض على المؤسسات أن يكون همها بيان أحكام الله للناس وليس شيئا آخر، كما أنه من أحد بنود الملكية الفكرية أن يتم تسجيل تلك البنود في معاجم ودهاليز الملكية الفكرية، ومثل هذه المسائل تحتاج إلى إتساع مدار بشكل أكبر، لا سيما وأنها لاتخالف الشريعة أو القانون ولا تعتبر سرقة.
توسيع الهوة
«النجار» في سياق حديثه أكد أنه ليس من مصلحة أحد أن يتم توسيع الهوة بين وزارة الأوقاف وغيرها من المؤسسات الدينية، خاصة وأن هدف كافة المؤسسات هو بيان كلمة الله إلى الناس، وأن التعاون من أجل إعلام كلمة الله إلى الناس أمر أصبح واجبا وضروريا على الجميع، كما أنه لا يجوز أن تستقل مؤسسة بعينها بالفتوى خاصة في هذا الوقت الذي تحيط به الفتن البلاد والعباد، وأنه يجب أن يتفق الجميع على كلمة سواء.
وواصل: يجب أن يشمل قانون الفتوى الجديد على مادة تنص على أنه «يعاقب كل إنسان ينحرف بالفتوى عن صحيح رأى الدين ويسعى لإحداث فتنة طائفية أو سياسية، أو النيل من سمعة الأفراد أو النيل من سمعة الجيش المصرى، على أن تشدد العقوبة إذا حاول الشخص أن يسند فتاواه إلى الجهة العلمية الدينية التي يعمل أو ينسب لها».
في سياق متصل قال الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية: لا مانع من إعطاء أئمة الأوقاف الحق في الإفتاء، خاصة في المسائل التي المتعلقة بالعادات اليومية وأمور العبادة، لأن هذه الأسئلة تكثر جدًا خاصة في القرى البسيطة والنجوع، خاصة أن هذه المسائل لا تحتاج إلى أبحاث دقيقة أو تعمق وإنما هي أمور يمكن لأى دار للعلوم الشرعية أن يجيب عنها، مع الأخذ في الاعتبار أن فكرة إخراج أئمة الأوقاف من دائرة الفتوى ليس في مصلحة الجمهور بشكل عام، خاصة أن أئمة الأوقاف هم الأكثر انتشارا وتواجدا بين صفوف الجمهور، ويمكن ترك المسائل الدقيقة والمهمة والتي تحتاج إلى بحث وتأصيل إلى الأزهر الشريف والإفتاء.
خيانة علمية
وحول استعانة صفحات وزارة الأوقاف بـ«فتاوى المجمع»، قال: مسألة نقل صفحات مديريات الأوقاف فتوى مجمع البحوث الإسلامية، دون أي تغيير مخالف للأمانة العلمية، كما أنها تعتبر مخالفة شرعية، من يفعل ذلك لا بد من أن يجازى أو يعاقب، لأن هذه عملية «سرقة علمية»، كما أن هذا الفعل يتنافى مع حقوق الملكية الفكرية وحق الاجتهاد والإسلام حث على الاجتهاد من أجل الوصول إلى بيان صحيح الأحكام للناس، ومثل هذه الأفعال لا يمكن أن تكون بتوجيهات من قيادات الوزارة وإنما هي أخطاء وتصرفات فردية من بعض الأشخاص القائمين على هذه الصفحات وأنه لا ينبغي أن تحسب تلك التصرفات على قيادات الوزارة.
عضو مجمع البحوث الإسلامية، شدد على أننا بحاجة جديدة إلى إصدار قانون الفتوى الجديد للحد من انتشار ظاهرة الفتاوى الشاذة والمضللة، والعشوائية التي بلغت منتهاه، وأنه أصبح متعينا وواجبا لمسألة الفتوى حتى نضع حدا لهذه الفتوى وأن هناك اجتراء على مسألة الفتوى.
وتابع: ينبغى أن ينص القانون الجديد على أنه يشترط فيمن يتصدر للفتوى أن يكون من أهل الاختصاص وأن يكون دارسًا للعلوم الشريعة ولديه المقدرة على قراءة واقع الناس، مطالبًا أن يخرج هذا القانون إلى القانون بأسرع وقت، مؤكدًا أنه على اللجنة الدينية بالبرلمان العمل على توافق وجهات النظر بين الأزهر والأوقاف في هذا الشأن.
إثبات الحق
من جانبه استنكر الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني، المتحدث الرسمي باسم وزارة الأوقاف، محاولة التمييز بين الأوقاف وغيرها من المؤسسات الدينية في الفتوى، مشيرا إلى أن الوزارة أرسلت خطابا إلى اللجنة الدينية يفيد بوجود إدارة للفتوى وقرار الإنشاء المعتمد من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.
وأضاف: أرسلنا إلى اللجنة الدينية بمجلس النواب ما يدلل على وجود إدارة للفتوى بالوزارة لأننا نعمل في الفتوى منذ فترة طويلة، ولدينا مكتب للفتوى وتليفون خاص باستقبال الفتاوى، ومحاولة إقصاء الأوقاف عن أمر الفتوى لن تجدى لأن إمام الأوقاف والأزهر يتخرجان في كلية واحدة، منهم من يذهب للأوقاف ومنهم من يذهب للإفتاء.
«طايع» أكد أن وزارة الأوقاف عقدت دورات للإفتاء من قبل شارك فيها مجموعة منتقاة من أفضل الأئمة، وحاضر فيها الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف والدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية.
"نقلا عن العدد الورقي..."