تسييس الكرة!
بعد هزيمة المنتخب المصري من المنتخب الروسي في المونديال انخرط كثيرون في حملات هجوم ضد لاعبي المنتخب والجهاز الفنى لهم واتحاد الكرة.. وقد رأى البعض أن ذلك أمر مفهوم في ظل حالة الغضب التي انتابت العديد من المصريين، بسبب خروج المنتخب المصرى من الدور الأول للمونديال، بينما كانت الطموحات قد ارتفعت كثيرا وطالت السماء، في هذه البطولة العالمية التي عدنا إليها بعد غياب دام ٢٨ عاما..
غير أن الذي يتعذر فهمه هو محاولة البعض الآخر تسييس تلك الهزيمة التي تعرض لها المنتخب المصرى من المنتخب الروسى.. أي محاولة البحث عن أسباب سياسية لها، رغم أنها لا تعدو مجرد مباراة في كرة القدم!
فقد خرج هؤلاء وهم يندبون ويولولون يقولون: كيف يمكننا أن ننجح في المونديال ونحن نفشل في كل شىء؟.. أو كيف ننجح في كرة القدم ونحن نفشل في التعليم والصحة وحتى في نظافة شوارعنا؟!.. والغريب أن هؤلاء تجاهلوا تماما فوز المنتخب النيجيري في المونديال رغم ما تعانيه نيجيريا من مشكلات جمة اقتصادية واجتماعية..
وتجاهلوا أن منتخبات لدول متقدمة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا منيت بالهزيمة في المونديال، مثل المنتخب الألمانى.. بل إن منتخبي إيطاليا وهولندا فشلا أساسا في الوصول إلى المونديال.. كما أن هناك دولا تصنف الآن على أنها دول عظمى ودورها العالمى كبير جدا سياسيا واقتصاديا، ومع ذلك مستواها متواضع جدا في كرة القدم مثل أمريكا والصين.. بينما العكس صحيح.. حيث هناك دول تعاني مشكلات سياسية واقتصادية، ولها باع كبير في مجال كرة القدم.
إذن لا مجال لتسييس كرة القدم أو أي رياضة أخرى.. ومن يفعل ذلك يريد استثمار حدث رياضي في تحقيق أهداف سياسية، مثلما يفعلون مع أمور أخرى عديدة.. وإن كان ذلك لا ينفى أن التخطيط السليم المسبق والإعداد الجيد والاعتماد على الكفاءة، كلها عناصر ضرورية لتحقيق النجاح في الرياضة بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة، مثل كل المجالات الأخرى غير الرياضية، وهكذا..
لقد خسرنا مباراة في كرة القدم لأسباب لا علاقة لها لا بأوضاعنا الاقتصادية أو السياسية، أو بمستوى التعليم في بلادنا، أو بوجود مشكلات في المواطنة.. نعم كل ذلك يحتاج منا لعناية لعلاجه، ولكن تحقيق الفوز في كرة القدم نبحث عنه في المجال الرياضي وليس السياسي.