رئيس التحرير
عصام كامل

غدًا.. الجنايات تنظر أولى جلسات إعادة محاكمة "قضية مبارك".. احتياطات أمنية مكثفة وتقسيم بوابة الدخول إلى 3 أجزاء.. أهالى الشهداء و"آسفين ياريس" وجهًا لوجه.. الدفاع والمدعون: مفاجآت وأدلة ومتهمون جدد

جانب من محاكمة الرئيس
جانب من محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك- صورة أرشيفية

تبدأ غدا السبت، محكمة جنايات شمال القاهرة المنعقدة بالتجمع الخامس، برئاسة المستشار محمود كامل الرشيد، وعضوية المستشارين إسماعيل عوض ووجدي محمد عبد المنعم، وبسكرتارية صبحى عبدالحميد ومحمد المورلى، نظر أولى جلسات قضية إعادة المحاكمة فى قضية "القرن"، التى يحاكم فيها الرئيس السابق محمد حسنى مبارك ونجلاه جمال وعلاء، ووزير داخليته حبيب العادلى، و6 من مساعديه السابقين ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، بتهم قتل المتظاهرين السلميين خلال أحداث ثورة 25 يناير، والتى أسفرت عن مقتل 840 مواطنا وإصابة 6467 آخرين، والإضرار بالمال العام من خلال تصدير الغاز لإسرائيل.. وذلك بعد تنحى محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار مصطفى حسن عبدالله عن نظر القضية فى 13 إبريل الماضى لاستشعارها الحرج.


وينتظرها الجميع غدا السبت، خاصة بعد مرور 23 شهرا على المحاكمة الأولى، بينما هناك حالة من الترقب والقلق فى البورصة المصرية التى ستتأثر سلبا أو إيجابا بالجلسة التى ستؤثر على الاقتصاد المصري؛ وستحضر جماعة "آسفين ياريس" أولى جلسات المحاكمة، وعلى رأسهم الشيخة ماجدة الطبيبة الروحانية، وهى ترتدى نظارتها السوداء وفى كامل شياكتها، مثلما كان يحدث فى المحاكمة الأولى، وسيحضرون "التى شيرتات" البيضاء المرسوم عليها صورة مبارك والسجاجيد المطبوع عليها صورته، ولافتات مدونا عليها "عار علي القوات المسلحة السماح بإهانة رموزها.


ويحضر أهالى الشهداء الذين تحرق الحسرة قلوبهم على فلذات أكبادهم؛ رغم الاعتداءات التى كانوا يتعرضون لها على باب أكاديمية الشرطة فى المحاكمة الأولى؛ ومازالوا معلنين الحداد بالملابس السوداء؛ وأعدوا اللافتات انتظارا للقصاص العادل.


ومن جهة أخرى، تستعد الأجهزة الأمنية بالتعاون مع القوات المسلحة لتأمين اليوم؛ حيث بدأت من الآن انتشار الدبابات على طول طريق القاهرة الجديدة بالقرب من الأكاديمية؛ كما قامت الأجهزة الأمنية بتعلية سور أكاديمية الشرطة لأكثر من متر وتم إحاطته بأسلاك شائكة حتى لا يتمكن أحد من الدخول للاعتداء على المتهمين أو محاولة تهريب المتهمين، ولن يسمح إلا لحاملى التصاريح من دخول قاعة المحاكمة.


وسيكون الدخول من بوابة رقم "8" وسيتم تقسيم مدخل البوابة إلى ثلاثة.. الأول خاص بجماعة "آسفين يا ريس"، والثانى للكردونات الأمنية وفرق الأمن المركزى للفصل بينهم وبين الجزء الثالث المخصص لأهالى الشهداء، حتى لا يحدث أي اشتباكات بين الطرفين، وتتحول إلى مجزرة جديدة.. كما سيتم إحضار المتهم علاء مبارك من محبسه وسط حراسة أمنية مشددة، وبعدها ستصل الطائرة الهليكوباتر التى تقل الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، وهو جالس على سريره المتحرك وبصحبته نجله جمال مبارك المرافق له، وكذلك سيحضر باقى المتهمين المخلى سبيلهم من مساعدى العادلى الستة وسيتم احتجازهم داخل الغرفة الخاصة بالحجز المجاورة لقفص الاتهام وسوف يتم إدخالهم القفص قبل صعود المحكمة على المنصة بدقائق..

  

وقالت مصادر قضائية إن أول جلسة ستكون جلسة إجرائية ستقوم خلالها المحكمة بإثبات حضور المتهمين ودفاعهم وكذلك المدعين بالحق المدنى، وسيقدم خلالها المدعون بالحق المدنى ودفاع المتهمين طلباتهم، وستقوم النيابة العامة بتلاوة أمر الإحالة، والذى ستوجه به المحكمة المتهمين، وكالعادة سينكرون جميعا كل الاتهامات الموجهة إليهم وبعدها ستقوم المحكمة بفض الأحراز فى القضية، وتصدر قرارها بالتأجيل لتنفيذ طلبات الدفاع وسماع الشهود..


وستشهد إعادة المحاكمة العديد من المفاجآت غير المتوقعة، والتى ستغير مسار القضية، وسوف يقدم دفاع المتهم حججا تؤيد براءة المتهمين، وكما يمكن أن تتقدم النيابة بأدلة جديدة تدعم الأدلة القديمة للمطالبة بتشديد الحكم على المتهم، وكذلك المدعين بالحق المدنى وخاصة فى ظل ظهور دليل جديد فى الدعوى هو "تقرير تقصى الحقائق الرئاسية"..


وأكد المحامى محمد الجندى دفاع اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق أنه متفائل بالمحاكمة الجديدة وأنه واثق من صدور حكم البراءة على المتهمي، وتقديم الفاعل الأصلى للعدالة الذى تسبب فى إراقة دماء المصريين إبان الثورة، ويبرأ العادلى خاصة أنه لم يثبت بالأوراق أنه قد أصدر أوامر بحمل السلاح أو إطلاق النيران على المتظاهرين وأن الشرطة لم تكن متواجدة وقت الثورة..


وصرح المحامى عصام البطاوى دفاع "العادلى" أنه اتخذ العديد من الاستعدادات، وسيقدم طلبات جديدة للمحكمة علاوة على مفاجآت وأدلة جديدة لن يكشف عنها الآن خاصة فى ظل قيادة الإخوان للبلاد، وسيعلنها أمام المحكمة يوم جلسة المحاكمة.


وأكد أن تقرير لجنة تقصى الحقائق الرئاسية تم تشكيله لتهدئة الرأى العام، ولم يضف جديدا وليس به أى دليل يقينى على ارتكاب المتهمين لجرائم قتل المتظاهرين وهو عبارة عن أقوال شهود ليس لها أى قيمة، علاوة على أنه غير قانونى ولا يمت للقانون بصلة، وأن ما قام به أعضاء اللجنة هو جمع معلومات والبحث من جديد فى القضية لعلى وعسى يجدون دليلا لإدانة المتهمين، خاصة وأن النيابة العامة تقاعست عن تقديم أدلة تدين المتهمين.


وأكد المستشار أشرف مختار المدعى بالحق المدنى عن هيئة قضايا الدولة أنهم مازالوا حتى الآن فى مرحلة الدراسة، وسيعدون مذكرتهم فى ضوء ما يستجد فى المحاكمة، مؤكدا بأنه بصفته ممثلا عن هيئة قضايا الدولة فهم متمسكون بحق الدولة ومستحقاتها المدنية فى ضوء دعواهم وفقا للمادة 179 من الدستور الجديد..


ومن ناحية أخرى، قال المحامى فتحى أبو الحسن المدعى بالحق المدنى عن 29 من أسر الشهداء والمصابين، إنه سيطلب من المحكمة ضم الفاعلين الأصليين كمتهمين فى ملف القضية وعددهم 44 متهما من قيادات الداخلية، وأنه سبق وقدم بلاغا للنائب العام بشأنهم وسيطالب بضم التحقيقات التى دارت بهذا الشأن حتى يقوى موقفهم فى الدعوى ويتمكن القاضى من تحديد المسئولية الجنائية للشركاء "مبارك والعادلى ومساعديه"، وسيقدم أدلة جديدة تدين المتهمين، وسيطلب قائمة من شهود الإثبات الجدد الذين لم تشملهم المحاكمة الأولى علاوة على استدعاء شهود ذوى مناصب مرموقة فى الدولة، وضم تقرير لجنة تقصى الحقائق..


وأشار إلى أن تقرير لجنة تقصى الحقائق الرئاسية قانونى لأنه صدر بناء على قرار سيادى من رئيس الجمهورية، والقانون أجاز لرئيس الجمهورية أن يصدر قرارات سيادية تسرى على جميع السلطات سواء التشريعية أو القضائية أو التنفيذية فى الدولة..


وأوضح أن المدعين بالحق المدنى ليسوا هم القائمين وحدهم بإعداد التقرير، بل كانوا مجرد ضلع من أضلاع كثيرة قاموا بإعداد تقرير لجنة تقصى الحقائق الذى شارك فى إعداده مستشارون وقضاة وممثلون لأجهزة الدولة من المخابرات العامة والمخابرات الحربية والأمن الوطنى للحصول على المعلومات من مصادرها المشروعة..


كان النائب العام قد أحال الرئيس السابق محمد حسني مبارك (محبوسًا احتياطيًا)، ونجليه علاء وجمال مبارك (محبوسين احتياطيًا)، ورجل الأعمال حسين سالم (هاربا)، إلى محكمة الجنايات في تهم القتل العمد والشروع في قتل المتظاهرين السلميين، واستغلال النفوذ والإضرار العمدي بأموال الدولة، والحصول على منافع وأرباح مالية لهم ولغيرهم.


وأسندت النيابة العامة، لـ«المتهم الأول» حسني مبارك، اشتراكه بطريق الاتفاق مع حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، وبعض قيادات الشرطة المحالين بالفعل إلى محاكم الجنايات، في ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجرائم القتل والشروع في قتل بعض المشاركين في المظاهرات السلمية بمختلف محافظات الجمهورية، اعتبارًا من يوم 25 يناير للاحتجاج على تردي أوضاع البلاد.


وقام مبارك بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة على إطلاق الأعيرة النارية من أسلحتهم على المجني عليهم ودهسهم بالمركبات لقتل بعضهم، ترويعًا للباقين وحملهم على التفرق وإثنائهم عن مطالبهم، وحماية قبضته واستمراره في الحكم، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى بين المتظاهرين».

وأسند بيان النيابة العامة لمبارك تهمة حصوله لنفسه ولنجليه علاء وجمال «عطايا ومنافع عبارة عن (قصر على مساحة كبيرة وأربع فيلات وملحقاتها بمدينة شرم الشيخ تصل قيمتها إلى 40 مليون جنيه)، بأثمان صورية مقابل استغلال نفوذه الحقيقي لدى السلطات المختصة، بأن مكن المتهم حسين سالم من الحصول على قرارات تخصيص وتملك مساحات من الأراضي بلغت ملايين الأمتار المملوكة للدولة بمحافظة جنوب سيناء بالمناطق الأكثر تميزًا في مدينة شرم الشيخ السياحية».


أما الاتهام الثالث فكان بخصوص اتفاق تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار متدنية، إذ أسندت له النيابة الاشتراك «مع وزير البترول السابق سامح أمين فهمي وبعض قيادات وزارة البترول السابق إحالتهم إلى المحكمة الجنائية (باعتبارهم فاعلين أصليين) في ارتكاب جريمة تمكين حسين سالم من الحصول على منافع وأرباح مالية بغير حق تزيد على 2 مليار دولار، وذلك بإسناد شراء الغاز الطبيعي المصري للشركة التي يمثلها، ورفع قيمة أسهمها وتصديره ونقله إلى إسرائيل بأسعار متدنية أقل من تكلفة إنتاجه، وبالمخالفة للقواعد القانونية واجبة التطبيق».


 وأوضح البيان أن هذه الاتفاقية تسببت في الإضرار بأموال الدولة بمبلغ714 مليون جنيه تمثل قيمة الفرق بين سعر كميات الغاز التي تم بيعها فعلاً لإسرائيل وبين الأسعار العالمية.

أما المتهم حسين سالم، فقد أسندت إليه النيابة العامة تقديمه للمتهم الأول، مبارك، ونجليه علاء وجمال، قصرًا وأربع فيللات وملحقاتها بمدينة شرم الشيخ، مقابل استغلال نفوذ الرئيس السابق في تخصيص مساحة شاسعة في شرم الشيخ.

وأصدرت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت فى 2 يونيو عام 2011 حكمها بمعاقبة كل من محمد حسني مبارك وحبيب العادلي بالسجن المؤبد فى قضية قتل المتظاهرين السلميين، وبراءة جميع قيادات الشرطة من مساعدي حبيب العادلي السابقين من تهمة قتل الثوار، كما برأت مبارك ونجليه وحسين سالم من تهم استغلال النفوذ والفساد المالي لانقضاء الجناية..


وألغت محكمة النقض الأحكام الصادرة من محكمة أول درجة، حيث قبلت الطعنين المقدمين من الرئيس السابق "مبارك"، ووزير داخليته "حبيب العادلى"، والنيابة العامة على الحكم الصادر ضدهما بالسجن المؤبد فى قضايا قتل المتظاهرين، خلال ثورة 25 يناير، وقررت إعادة محاكمتهم أمام دائرة جنايات أخرى، وقبول الطعن الثانى المقدم من النيابة العامة على حكم البراءة لمساعدى "العادلى" الستة.
الجريدة الرسمية
عاجل