الآن.. وليس غدا!
غريب أمر هؤلاء الذين يلومون كل من يتعرض للكشف عن انحرافات أو أخطاء ترتكب من إدارات المؤسسات العامة التي تمول من جيوب المواطنين، وفي مقدمتها مستشفى سرطان الأطفال، ولا يلومون الذين التزموا الصمت، وتركوا الاتهامات معلقة دون رد أو توضيح يريح الملايين الذين أقاموا هذا الصرح بَتبرعاتهم وصدقاتهم، التي قدمت من أجل إنقاذ حياة الأطفال الذين يصابون بالمرض اللعين، ثم صدموا بالإسراف البالغ في الإعلانات والرواتب التي يحصل عليها من كان ينبغي أن يشارك في تقديم التبرعات، أو يكتفي أنه يقدم عملا تطوعيا لا يجب أن يحصل مقابله على عائد مادي كبير أو صغير.
ومنذ بدأت "فيتو" نشر تحقيقها حول تجاوزات إدارة مستشفى سرطان الأطفال، تعددت المطالبات لإدارة المستشفى أن تسارع بالرد.. وتوضيح الأمور أمام الرأي العام.
وللأسف تم تجاهل الأمر، ربما اعتمادا على أن ذاكرة المصريين ضعيفة.. وسرعان ما سينسون القضية، أو بسبب الثقة الزائدة من الإدارة في تعاطف المصريين مع المستشفى.. وما يقوم به من دور إنساني لإنقاذ حياة الأطفال من المرض اللعين.
وقد ثبت أن المصريين لم ينسوا، وأن الثقة في أهمية الدور الذي يقوم به المستشفى لا تمنع من انتقاد إدارتها إذا ارتكبت أخطاء.
وعندما اطلعت على تصريح صدر عن عضو محترم بمجلس الأمناء ووزير سابق أنه سيطرح قضية الإسراف في الإنفاق على الإعلانات، عندما يحين موعد انعقاد اجتماع المجلس في يوليو المقبل، نصحته أن يقنع المجلس بالرد السريع «اليوم وليس غدا» لأن عواقب تأخير الرد ستكون وخيمة، وستُؤثر على ثقة الناس في إدارة المستشفى، وبالتالي على حجم التبرعات التي يقدمونها.
ولا أعرف إذا كان الرجل حاول وفشل أم انتظر موعد الاجتماع في يوليو.
والنتيجة أن الحملة اتسعت.. وشارك فيها كاتب كبير لا يمكن الشك في نواياه، هو "وحيد حامد" الذي أضاف العديد من الوقائع الخطيرة، تتعلق بإهدار أموال المواطنين الذين تبرعوا من أجل علاج الأطفال، ووجهتها إدارة المستشفى لدفع مرتبات الأقارب والإعلانات، وبدلا من الرد الموضوعي على الاتهامات أقام أحد المحامين قضية يتهم فيها الكاتب الكبير أنه يسعى إلى هدم المؤسسة الوطنية وهو اتهام غير صحيح..
لأن كل الذين تناولوا القضية حرصوا على توضيح أنهم حريصون على المستشفى والدور الإنساني الذي يؤديه.. وأن اتهاماتهم موجهة إلى الإدارة، وإذا كانت صحيحة فليحاسب من ارتكبها، وإذا كانت ملفقة يحاسب الذين أثاروها.
وعلى الإدارة أن تبادر بالرد حرصا على دور المؤسسة الوطنية.