الساعة البيولوجية «كنترول جسم الإنسان»... تقع في المخ وتنظم إيقاع الحياة.. السبب الأساسي في الشعور بالجوع والحاجة للنوم.. مسئولة عن الأعصاب.. وتساعد في التئام الإصابات
طبيعة الإنسان ضبطها الخالق عز وجل على ساعة بيولوجية موجودة في كل خلية من خلايا الجسم، تنسجم مع وظيفة الإنسان بالنهار، والتي تختلف عن وظيفته بالليل فما هي حكاية هذه الساعة البيولوجية داخل جسم الإنسان، وكيف يمكن أن تنقلب حياته وصحته وسعادته في هذه الدنيا إذا حدث خلل بها؟
ما هي؟
الساعة البيولوجية أو الساعة الحيوية (بالإنجليزية: Biological Clock)، هي ساعة داخلية فطرية تسير ذاتيًا، لكن يُعاد ضبطها بمؤثرات خارجية، تلك الساعة هي التي تجعلنا نشعر بالزمن وتنظم إيقاع حياتنا وتحدد أوقات النوم واليقظة وتشعرنا بالجوع عندما يحين موعد تناول الطعام وتبرد أجسامنا ليلا وتسخنها نهارا.
وتعمل الساعة البيولوجية عند البشر حسب جداول زمنية ضرورية للحياة وللصحة، حيث أن للبشر إيقاعات بيولوجية يومية، وأسبوعية، وشهرية، وسنوية.
موقعها
العلماء تمكنوا من خلال دراسة رصد مكان الساعة البيولوجية بعد اكتشاف مجموعة من الخلايا العصبية تقع في النهار التحتى وسط المخ، تعرف بالنواة فوق التصالبية Supra Chiasmatic nucleus، ويبدو أنها مركز التحكم في الإيقاع اليومى، وتتكون هذه النواة من جزأين، جزء يوجد في النصف الأيمن من المخ، والجزء الثانى في النصف الأيسر من المخ، وكل جزء يتكون من عشرة آلاف خلية عصبية ملتصقة بعضها ببعض، وتقوم على تنظيم الجداول الزمنية والتنسيق مع بقية الخلايا للوصول إلى ما يجب أن تكون عليه أنشطة الجسم على مدار اليوم.
وتوجد هذه النواة فوق نقطة التقاء العصبين البصريين في قاع الجمجمة، حيث إن عمل هذه النواة يرتبط بالضوء الذي يعمل على خلق التزامن بين الساعة الداخلية ودورات النور.
الاكتئاب
وكشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة «جلاسكو» ونشرتها دورية «ذا لانسيت سيكاتري»، أن الاضطرابات التي تُصيب ساعة الجسم البيولوجية من شأنها أن تَزيد خطر الإصابة بالاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب واضطرابات المزاج الأخرى، وتشير الدراسة إلى أن الساعة البيولوجية للجسم تعمل على تنظيم وقت النوم والتغيرات في مستوى الهرمونات ودرجة حرارة الجسم.
وتقول «لورا ليال» المؤلفة الرئيسية للدراسة إن هناك رابطة قوية بين تعطُّل الإيقاعات اليومية للشخص وإصابته بالاضطرابات المزاجية، وذلك وفقًا لموقع «scientificamerican».
وأضافت أن أهمية الساعة البيولوجية للجسم تتعاظم؛ ليس فقط لتأثيرها الكبير على الصحة الجسدية، بل لأن هذا التأثير يمتد أيضًا للصحة النفسية، وهذه الأطروحة هي الأكبر من نوعها التي تعكف على دراسة العلاقة بين ارتباط خلل الساعة البيولوجية للجسم وحدوث الاضطرابات النفسية المزاجية، بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب".
إعادة عمل الساعة
وفي دراسة أخرى، كشفت مجموعة من العلماء اليابانيين عن طريقة لـ «إعادة تشغيل» الساعة البيولوجية في جسم الإنسان، وهذا سيساعد في تعافي الإنسان بعد اختلال هذه الساعة بسبب الانتقال بين مناطق زمنية مختلفة.
وجاء في مقال نشره العلماء من جامعة كيوتو في مجلة «ساينس» أنهم اكتشفوا منطقة في دماغ الإنسان، تدير الساعة البيولوجية للجسم وتنظم ساعات النوم والاستيقاظ والأكل، ويمكن إعادة تشغيل هذه الساعة عبر التأثير في الأعصاب الخاصة بها في الجزء المذكور من الدماغ، وأشار العلماء إلى أن هذا الجزء، على الرغم من أن حجمه لا يزيد عن حجم حبة أرز، يضم عشرات آلاف الخلايا العصبية التي ترسل إشارات إلى الجسم كله وتحدد اوقات جدول عمله.
وحسب نتائج الدراسة، يمكن التأثير على جزء الدماغ المعني بالساعة البيولوجية، عبر تحييد مفعول هرمون واحد فقط ينتجه جسم الإنسان، وذلك يجعل المخ ينسى تماما في أية منطقة زمنية عاش الإنسان قبل ذلك.
التئام
وأضافت دراسة ثالثة كثير من الحقائق حول الساعة البيولوجية أيضا، فقد أثبت العلماء إن الساعة البيولوجية لجسم الإنسان تؤثر على كل الخلايا، وتساعد في التئام الإصابات التي حدثت خلال ساعات النهار بشكل أسرع عن تلك الإصابات التي حدثت في أوقات الليل.
ووجد العلماء من مختبر البيولوجيا الجزيئية، بجامعة كامبريدج البريطانية، أن الساعة البيولوجية لجسم الإنسان تساعد في التئام الجروح والحروق، وإصابات أخرى بشكل أسرع بنحو 60%، إذا ما حدثت تلك الإصابات خلال ساعات النهار.