أحد أبطال أكتوبر: القنابل الإسرائيلية كانت تعزف لنا أغاني النصر
تظل حرب أكتوبر ثرية بالتفاصيل الشيقة للأبطال الذين خاضوها وهم مؤمنين بضرورة عودة الأرض ووضعوا أمامهم العقيدة الثابتة للجيش المصري الباسل إما النصر أو الشهادة.
ومن ذكريات أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة يروي لـ"فيتو" النقيب احتياط فتحي نجم أحد أبطال المدفعية بحرب أكتوبر عن ذكرياته ثالث أيام عيد الفطر بساحة القتال في حرب العاشر من رمضان، قائلا: بعد أكثر من 20 يوما من الحرب كنت مع جنود من وحـدتـي فـى المركبة اللوري "نصـــــــر" التي وضعـت شظايا قنابل العدو بصماتها عليها كما أصابت بعض الجنود كأوسـمة على صدورهم.
ومع تكبيرات العيد في فجر اليوم الثالث ونحن نعبر القنــاة بعـد وقـف إطلاق النـار وإعادة فتح المعـابر في ساحة التجـمع قـبل كوبرى المهندسين العائم غفوت لدقائق، وأفاقـنـى منها صيحـة العريف متولى سائق اللورى خلاص يا أفندم الدور علينـا في العبور، واخـترقـنـــــا التجـمعات وسط جهـد غير عادي للشــرطة العسكرية".
وأضاف نجم: فـكـنـت في غفوتي قـد ذهـبت بخيالى خلالـها إلى أسرتى وابنتى التي تركتها وليـدة 4 أيـام.. وأذكـر كـأنها تبتسـم لى وأنا أغـادرها ولم يعـلم أحـد سـر الورقـة التي سلمها لى جنـدي من وحدتي قبل الحرب بيومين وكان مكتوبا فيها: "احضـــــر فـورا"، وكنت وقتها في مأمورية 24 ســاعــة، ومعي وثـائق هامة جـدا.. وكان من الطبيعي العــودة للوحــدة، حيث كانت الحرب بعدها مباشرة وقد وزعـت الأفراد على مسافات حتى تعطى إحـساسا يطول المواجهة، وانـضم لنا بعض جنود الوحدات المجاورة بالسلاح والـذخيرة وبالآر بي جي RBG دمرنا إحدى مدرعات العدو التي خرجت لاستطلاع الموقف والتي لم تقطع غير 84 كيلومترا فقط أصـوات الجنازير للمدرعات تزداد وتقـل خلف البيوت ونحن في المزارع.. الشهـــداء تم دفـنهم في المـزارع.. أما المشكلة في المصابين حيث كان من الصعب التحرك للمركبات عـلى الطريــــق.. ومع مخاطبة أحد رجال الأمن الذي طمـئـنـنـا بوصول قــوات خـاصـة باكر.. ومع خيوط فجر يوم 19 وصلت طلائع الكتيبة 81 مظلات المترجلة التي شهدت وتصــــــدت لتطـوير العــدو للهجــــوم ظهر نـفـــس اليـوم ومواجهـــــة الأبطـــال بالـRBG مع الدبابات.. ولـتـشــــتبك المدفعـية المصـرية في ســــيناء معــهم وليشاركهم قوات الصـاعقة لتسحـق قــواته حتى ترعة الإسماعيلية هذا تحـت القصـف الجوى ودانات مـدفـعــية العـــدو.. وقنـابل البلـي والأناناس المحرمة دوليا ضد الأفـراد.. كانوا يــمطروننا بها بكثافة.. (الخزان يلقى من الطائرات ويحمل 400 قنبلة لا تنفجر مباشرة كلها ولكن على فترات وهــى فــــى حجم البرتقالة).
وأوضح نجم قائلا: "عـبرنا القنــاة واخترقنــــا الساتر الترابي مرة أخرى بعد حل معركة الثغرة، وخلفـنـا عشرات المركبات تتســـــارع لدخول أرض الشـهداء المصــــريين بســـيـــنـاء وفى قـطـاع وحدتى تـعانـقــــنا ودارت أحاديث عـن الحرب التي شملت الضفـة الشرقية والغربيـــــة، لقـد تشــــــبثت القــوات بالأرض لا انـسـحـاب ولا تراجـع حتى نصـرنا اللـــــــه برغم الجحيم الذي رأيناه من الجيش الإسرائيلي الذي لا يعرف الأديان ولا المواثيق وصـــــوت الأذان يرتفـع فــى أرجاء سـيناء فــى توقيته بعد احتلالها بـ6 سنوات من كـل مـوقع لوحـده عسكرية ومع كل أذان "مسـيحى مســلم بيصــلى" وفى منتصـف اللــــيل كانت الــدعـوة للسـحور الجماعى من رقـيب الشئون الإدارية وقـد جهـز أطباق الفـول من العــلب المحفوظـة "التعيين الميـدانى" والجبن الأبيض اللذيذ والذي تطور بعـد ذلك ليضــاف إليه الطـماطم والبيض بنزول جندى للإسـماعيلية والتسخـين عـلى الحـطب وكـان لهـــا مـذاق خاص عظـيم أذكره حتى اليوم ويتكــــرر مع الإفـــطـــــار لمن فـاتــتــه أيـام الصيـــــــام أثناء الحرب وبـدأ في تجهـيز الملاجـئ بـدلا من الحــفـر البرميليـة.. وفـى صـــــــــــلاة الفجـــــــــــر كان الـــدعاء لزملائنـا الذين اسـتـشهـــدوا وتـم دفنهـم محل استشهادهم.. حتى ينقــلوا لمقـــابر شـهداء الجيش الثـــــــانى.