رئيس التحرير
عصام كامل

وهم العلاج بأقسام الطوارئ.. مصابو العظام «كعب داير».. مستشفيات الحكومة تتعلل بعدم وجود أسرة.. أستاذ عظام: المسامير والشرائح ناقصة.. والمناظير الجراحية معطلة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

مشهد يتكرر في أكثر من مكان، بصورة يومية تقريبًا، لكن تداعياته تكشف عن أزمة حادة.. “أماني” سيدة في الأربعينيات من عمرها، تعرضت لحادث سير، وصدمتها سيارة، سقطت على الأرض.. عجزت عن الوقوف على قدميها، شعرت بآلام شديدة في جميع عظام الجسم، وقام شهود الحادث بطلب سيارة الإسعاف لنقلها إلى أحد المستشفيات القريبة، أدخلوها إلى قسم الاستقبال والطوارئ بمستشفى أحمد ماهر التعليمي.


جاءت الخطوة الأهم، وهى الكشف على أماني، وتحديد سبب آلام الجسم، وبعد خضوعها للفحص وإجراء الأشعة تبين أنها مصابة بكسور شديدة في مفاصل الذراعين والساقين، أي أنها لن تستطيع الوقوف والسير مجددًا إلا بعد تلقى العلاج اللازم.

وبعد الفحص، قال الأطباء لأقارب المريضة إنها بحاجة لإجراء جراحة عاجلة لتركيب شرائح ومسامير بالعظام المكسورة، لسرعة التئامها وعلاجها، وصارحوهم بأن المستشفى ليس به سرير داخلى شاغر، وما كان منهم إلا أن وضعوا جبيرة على عظام المريضة لتثبيت الكسور المتفرقة بالجسم.

قسم الاستقبال والطوارئ أبلغ أهل المريضة أن دورهم انتهى بتركيب الجبيرة، وأن عليهم البحث عن مكان في أي مستشفى آخر لسرعة إجراء عملية لتركيب الشرائح والمسامير، وألزموا أهل المريضة بالتوقيع على خطاب بأن المستشفى قام بإسعافها.

وبالفعل اضطر أهل المريضة للبحث عن مستشفى آخر فبحثوا في “الحسين الجامعي” و”قصر العيني”، وغيرهما، إلا أن تلك المستشفيات أجابتهم بأن الحالة مريضة مستشفى أحمد ماهر ولا يمكن استقبالها، وعلى المستشفى أن يقدم الخدمة كاملة لها وإجراء العملية.

نقص الأسرة
وبعد مرور 24 ساعة من البحث عاد أهل المريضة مرة أخرى إلى أحمد ماهر لأنه أول من استقبلهم إلا أن الإجابة من الأطباء كانت عدم وجود مكان، وظلت في الطوارئ لساعات، وواصل الأهل البحث عن وساطة للعثور على مكان لها، فلم يجدوا.. حتى الخط الساخن لطوارئ وزارة الصحة 137 لم ينقذهم، لأن مهمته تنحصر في أن يوفر أماكن أسرَّة رعاية مركزة وحضانات وحروق فقط دون أسرة داخلية أو إجراء عمليات جراحية.

هذه الحالة ليست فردية، فكل من اضطرته الظروف للجوء إلى قسم الطوارئ بأحد مستشفيات الحكومة يعانى من نقص مستلزمات الجراحة خاصة جراحة العظام.

الدكتور نزيه أحمد رفعت، أمين عام نقابة أطباء الإسماعيلية، قال لـ”فيتو”: إن مرضى الحوادث، خاصة من يعانون من كسور حادة في العظام يضطرهم الموقف وحاجتهم لتركيب شرائح ومسامير إلى أحد طريقين للحل؛ إما إجراء الجراحة على نفقتهم الخاصة فورا في أي مستشفى خاص أو حتى حكومى اقتصادى أو الانتظار لاستصدار قرار على نفقة الدولة.

عجز في المسامير والشرائح
وأشار لــ“فيتو” إلى أن المستلزمات الخاصة بجراحات العظام، سواء تركيب المفاصل أو الشرائح أو المسامير غير متوافرة في أقسام الاستقبال بالمستشفيات نظرًا لارتفاع ثمنها والمريض توضع له جبيرة، ثم يدخل الأقسام الداخلية، وينتظر دوره، ولكن الوضع سيتغير بعد تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل.

وأوضح الدكتور نزيه رفعت أنه في الحالات العاجلة، مثل انفجار زائدة دودية أو نزيف، يتم التعامل الفورى مع الحالة لأنه إنقاذ حياة، بينما يتم التعامل مع حالات طوارئ للعظام على أنها ليست لإنقاذ حياة.

أزمة المستلزمات الطبية
وتابع: "منذ عدة شهور كانت تحل الأزمة من خلال شراء المريض للمستلزم الطبي من الشركة، والمريض يحجز في المستشفى، ولكن بعد أزمة طبيب عظام الشرقية الأخيرة الذي تم القبض عليه فيها نتيجة شراء شرائح ومسامير ناقصة بالمستشفى لمريض من الشركة المستوردة امتنعت جميع أقسام العظام بكل المستشفيات عن اتباع تلك الخطوة، كما أن أغلب المناظير الجراحية في أقسام العظام معطلة".

من جانبه، أشار الدكتور خالد عمارة، أستاذ جراحة العظام بكلية طب جامعة عين شمس، لـ“فيتو” إلى عدم توافر أطباء جيدين بسبب ضعف الرواتب، وبالتالى فإن الطبيب الجيد يترك المستشفيات الحكومية، ويذهب إلى أماكن أخرى خاصة.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية