رئيس التحرير
عصام كامل

وزير البترول يكشف أسباب الزيادة الجديدة في أسعار الوقود

فيتو

أكد المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية أن قرارات تصحيح منظومة دعم المنتجات البترولية وتعديل التشوهات السعرية في هذه المنظومة ليست هدفًا في حد ذاتها.


وشدد الوزير على أن الزيادة في أسعار المواد البترولية بمثابة إجراءات حاسمة تتخذها الدولة للحد من الآثار السلبية التي خلفتها منظومة الدعم المشوهة التي استمرت على مدار سنوات طويلة على الاقتصاد المصرى والخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين التي تأثرت بشدة نتيجة التهام منظومة دعم المنتجات البترولية للموارد المالية. 

وأضاف أنه يكفى الإشارة إلى أن إجمالي دعم المنتجات البترولية والغاز الطبيعى خلال السنوات الخمس الماضية بلغ 517 مليار جنيه لم يستفد منها المستحقون الحقيقيون للدعم هذا بخلاف العديد من التداعيات السلبية على البعدين الاقتصادى والاجتماعى.

وتابع أنه بالرغم من أن دعم المنتجات البترولية تم اقراره في الأساس لحماية البعد الإجتماعى إلا أن الواقع يؤكد أن هذا الدعم كان أكبر عامل سلبى يعيق تحقيق العدالة الاجتماعية داخل المجتمع في ظل استفادة الفئات الأعلى دخلًا والأكثر قدرة من الجانب الأعظم من الدعم الموجه للمنتجات البترولية والغاز الطبيعى بينما لا تستفيد الفئات الأقل دخلًا إلا بالنسبة الأقل وهو الأمر الذي تؤكده كافة الدراسات والتقارير عن الدعم.

الآثار السلبية للمنظومة الحالية للدعم
• كما هو معروف فإن الدعم يمثل الفرق بين التكلفة الفعلية للمنتجات البترولية التي تتحملها وزارة البترول وسعر البيع محليًا المحدد جبريًا والذي يقل عن تكلفة إنتاجها وتتوقف قيمة الدعم على ثلاثة عوامل رئيسية تتمثل في سعر البترول عالميًا وسعر صرف العملات الأجنبية وحجم الاستهلاك المحلى.

• شهدت فاتورة الدعم خلال العامين الأخيرين زيادة مطردة، حيث من المقدر أن ترتفع فاتورة دعم المنتجات البترولية والغاز الطبيعى إلى نحو 125 مليار جنيه نهاية العام المالى الحالى.

• قدرت قيمة الدعم في موازنة العام المالى 2018 /2019 بنحو 89 مليار جنيه على أساس سعر خام برنت 67 دولارًا للبرميل وسعر صرف الدولار 25ر17 جنيه، وفى ضوء الارتفاع في أسعار خام برنت حاليًا فإن كل دولار زيادة في ســعر برنت يـــؤدى إلى زيــادة في قيمـــة الدعم نحو 3،5 مليار جنيه.

• ومع الارتفاعات الحالية في أسعار البترول العالمية فمن المتوقع أن تتفاقم الآثار السلبية للنظام الحالى للدعم والتي يمكن تلخيصها فيما يلى :

ـ زيادة الأعباء على الموازنة العامة للدولة مما يعوق فرص التنمية وتحسين مستوى المعيشة والخدمات المؤداة للمواطنين (تعليم - صحة - نقل......).

ـ استنزاف الموارد الطبيعية والإسراف في الاستهلاك وانتشار الاستخدامات غير الشرعية للمنتجات البترولية وظهور السوق السوداء.

ـ التشوهات السعرية الناتجة عن بيع المنتجات البترولية بأقل من تكلفتها يؤدى إلى خلل بمنظومة الاستهلاك دون تحقيق قيمة مضافة، والتأثير السلبى على الاقتصاد المصرى.

ـ التأثير السلبى على عائدات قطاع البترول وموقف السيولة لديه مما يحد من قدرته على القيام بواجباته تجاه الدولة والمواطنين.

ـ التأثير السلبى على قدرة قطاع البترول في تنفيذ مشروعات جديدة في مختلف أنشطة صناعة البترول والغاز الطبيعى لكى يستطيع القيام بدوره الأساسى في توفير الطاقة لكافة القطاعات باعتبارها عصب التنمية الاقتصادية.

ـ التأثير السلبى على ضخ الشركات الأجنبية للاستثمارات اللازمة لأنشطة البحث والتنمية وزيادة معدلات الإنتاج من الزيت الخام والغاز وبالتالى زيادة الاستيراد بالأسعار العالمية وزيادة قيمة الدعم.

ـ تراكم مستحقات الشركاء الأجانب لعجز السيولة لقطاع البترول الذي يوجه معظم موارده لتغطية جانب من احتياجات السوق المحلى من خلال الاستيراد.

ـ التأثير السلبى على التقييم المالى لقطاع البترول والدولة وعدم تحقق الجدوى الاقتصادية لمشروعات ترشيد استهلاك الطاقة وتنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة.

ـ عدم تحقيق العدالة الاجتماعية وحصول الطبقات الغنية الأكثر قدرة على أكبر نسبة من الدعم.

برنامج مصرى لتصحيح الخلل في منظومة الدعم

ومع تزايد الخلل في منظومة دعم المنتجات البترولية، مضت الحكومة قدمًا في تنفيذ برنامج معلن لتصحيح منظومة الدعم تدريجيًا اعتبارًا من عام 2014 وعلى مدار 5 سنوات، وتم تنفيذ خطوات متتالية في هذا البرنامج على مدار السنوات الماضية بدأت في يوليو 2014 ثم نوفمبر 2016 ويونيو 2017 واخيرًا في الوقت الحالى.

وأكد وزير البترول هذا البرنامج الاصلاحى ليس هدفًا في حد ذاته إنما هو أداة لإصلاح الخلل وتصحيح مسار الدعم حيث تلتزم الحكومة بتوجيه مايتم ترشيده من دعم المنتجات البترولية إلى قطاعات حيوية للمواطن مثل خدمات الصحة والتعليم والنقل.

وأوضح أنه على الرغم من الزيادة الأخيرة في أسعار المنتجات البترولية فإن الحكومة لازالت تدعم مختلف أنواع المنتجات البترولية، ولم يصل السعر المحلى بعد إلى قيمة تكلفة انتاجها حيث يمثل الإنتاج المحلى نسبة نحو 70% من الاستهلاك ويتم استيراد الـ 30% الباقية.

وتابع «لازالت نسبة إيرادات البيع بالسعر المحلى إلى التكلفة تمثل نحو 75 % - 80 %، وتضع وزارة البترول والثروة المعدنية إستراتيجية جار تنفيذها لزيادة الإنتاج المحلى من البترول والغاز لتقليل نسبة الاستيراد وخفض التكلفة».

وأصبح ترشيد الاستهلاك المحلى من المنتجات البترولية ضرورة حتمية في ضوء الزيادة المطردة في عدد السكان والبرامج التنموية الطموحة فضلًا عن الاستفادة من الفرصة البديلة الناتجة عن تصدير الكميات التي يمكن توفيرها نتيجة الترشيد من خلال تصديرها.

برامج الحماية الاجتماعية
اتخذت الحكومة عدد من الإجراءات والسياسات وبرامج الحماية الاجتماعية (برنامج تكافل وكرامة – معاش الضمان الاجتماعى – الزيادة في مخصصات بطاقات التموين) الكفيلة بحماية الفئات غير القادرة الأولى بالرعاية وتخفيف الآثار المترتبة على زيادة أسعار المنتجات البترولية ومراعاة البعد الاجتماعي ويتمثل ذلك في حزمة من الإجراءات تمثلت في:

60 مليار جنيه قيمة ما ستتحمله الخزانة العامة للدولة نتيجة الزيادة الأخيرة في المعاشات وزيادة الأجور للموظفين والعاملين بالدولة ( 9 ملايين مستفيد من أصحاب المعاشات و6 ملايين موظف).

موازنة برامج الحماية الاجتماعية ( برنامج تكافل وكرامة ومعاشات الضمان الإجتماعى ) للعام المالى 18/2019 نحو 5ر17 مليار جنيه.

دعم السلع التموينية أرتفع بنحو 4 مليارات جنيه ليرتفع إلى 2ر86 مليار جنيه في موازنة عام 2018 /2019.

لم يكن البرنامج المصرى لتصحيح مسار الدعم بمعزل عما يشهده العالم فقد خاضت العديد من الدول تجارب ناجحة للإصلاح الاقتصادى وتصحيح مسار الدعم تدريجيًا حتى وصلت إلى مكانة اقتصادية متميزة إقليميًا وعالميًا.
الجريدة الرسمية