رئيس التحرير
عصام كامل

بعد غياب 28 عاما.. كيف تابع الجمهور المصري أول مباراة للمنتخب في المونديال (فيديو وصور)

فيتو

أنهى محمد عبد الله صلاة عيد الفطر المبارك في تمام السادسة من صباح اليوم، توجه مسرعًا إلى منزله القائم بشارع شبرا بالقاهرة، كانت حبيبة 5 سنوات الابنة الصغرى في انتظاره مرتدية ملابس العيد الجديدة، لم تنم طوال الليل في انتظار مجيء الأب لتخبره برغبتها في مشاهدة مباراة المنتخب المصري أمام منتخب أوروجواي في مدينة أيكاترينبرج الروسية، ضمن الجولة الأولى بالمجموعة الأولى لمونديال روسيا 2018.


"قولت لبابا أنا هروح اتفرج على صلاح في القهوة وهناخد ماما، أنا جاية علشان صلاح وزعلت إنه مش هيلعب في الأول علشان لسه تعبان"، عبارات تختلج بالحزن تلقيها حبيبة التي انزوت في أحد أركان الصف الأول على المقهى، منذ الحادية عشرة صباحا تجلس في مكانها، تنام قليلًا ثم تستيقظ متساءلة "هو صلاح وصل ولا لسه؟! ".


الساعة تقترب من الثانية موعد انطلاق المباراة، الأعين معلقة بشاشات التلفاز المثبتة في مدخل المقهى، تتعالى الهتافات والضحكات كلما يبرز وجه "محمد صلاح" بين أصحاب التي شيرت الأحمر، ينادي الصغار "صلاح أهو.. صلاح وصل"، بينما يتابع الشباب تعليقات ما قبل الانطلاق، "أنا فضلت آجي هنا علشان أحس بالفرحة وسط أصحابي العشرة"، يتحدث عبد الرحمن الذي جلس في نهاية الصفوف الأمامية، يراقب بقية المقاعد المتراصة بجواره، "وصلت هنا 12 وبحجز لباقي الشلة علشان أنا ساكن في وسط البلد قريب من القهوة".


دقائق وتنطلق المباراة، كل يعرف وجهته، الصمت هو سيد المشهد، بينما تتحدث الأعين المتلهفة بالكثير، "بقالنا 28 سنة مقعدناش القعدة دي، مفيش حاجة جمعتنا إلا الفرحة دي، أملنا في ربنا ومنتخبنا كبير"، عبارات رددها محمد الأربعيني، الذي مازالت ذاكرته تحتفظ بذكرى مباريات مصر في كأس العالم عام 1990، "رجعنا نتجمع".



"كل الناس بتقول يارب، الشوط الأول خلص تعادل سلبي، لكن إحنا لعبنا كويس جدًا وكنا مهاجمين محصلناش"، يقول محمود فتحي، سائق التاكسي الذي ارتكن بسيارته على ناصية مقهى وكافيه ريض، لمتابعة المباراة، "العيد الحقيقي لنا وإحنا متجمعين كلنا كده، مش مهم النتيجة المهم جمعتنا"، عبارة قصيرة تليق بصابرين سيدة أربعينية جاءت خصيصًا من منزلها لمدينة شبرا الخيمة إلى المقهى لأول مرة في حياتها، لمشاهدة "لمة الشعب" حول منتخبه، "أنا ماليش في الكورة ولا أعرف حد فيها، لكن جاية أشجع المنتخب، لأنه خلى اللي ليه فيها أو مالوش يقول يارب الفوز والكأس".

الدقائق تنصرم الواحدة تلو الأخرى، عبارات الرجاء يرددها الشباب والدعوات تطلقها السيدات، كلما تقترب الكرة من مرمى المنافس، تتعالى الهتافات، تتدفق الدماء في الوجوه، ما زال هناك شيء من الأمل. البعض تحول إلى محلل رياضي من الطراز الأول "إحنا كان ممكن نلعب أفضل من كده عمرو وردة كان ضعيف ومش متزن"، لا يكمل أحد حديثه حتى يخرج وردة في الدقيقة 80 من عمر المباراة، ليخلفه رمضان صبحي، يلتقط آخر خيط الحديث قائلًا "بيهاجموا كويس لكن مفيش أداء أقوى، الشناوي الله أكبر عليه زينة الملعب كله وكان واقف زي الأسد".


قبل أن تنتهي المباراة، وتحديدًا في الدقيقة 89 من عمر اللقاء، أحرز خيميز مدافع منتخب أوروجواي الهدف الأول، كانت الأعين معلقة على مرمى الشناوي، كانت كلمح البصر، الصمت يسود الساحة الخارجية للمقهى، الجميع ينكس رأسه، بينما يترك البعض المقاعد ويعزم على الرحيل، "خلاص مفيش أمل صلاح فين إحنا كنا عايزينه". وقبل أن ينتهي الوقت الإضافي، ينسل الحضور الواحد تلو الآخر.

الجريدة الرسمية