رئيس التحرير
عصام كامل

حواليك هكذا دواليك


طموح العراق كان دائماً كبيراً، حتى قبل أبى الطيب الذى لا يقنع بما دون النجوم. جاء التحرير والديمقراطية فطارا به وحلقا عالياً، أعلى من عدد الكيلو مترات التى تفصله عن واشنطن، ثم تركاه فى سقوط حرّ، من سخريات اللغات وصف السقوط بأنه حرّ.


أتذكر حماسة "المعارضين الأحرار" الذين كانوا يستجدون قوى الاستعمار، لكى يصبح المنقذ من الضلال. إنقاذ العباد من الاستبداد. لقد رأينا التهافت، وتهافت الفلاسفة أمثال برنار هنرى ليفى، فى العراق وليبيا وسوريا واليمن. لكن لا تسل عن مصائر البلاد. قل إن شئت إن تلك البلدان لم تسوّ بعد بالأرض تماماً، ولايزال الناس يدبون فكيف يبدأ الإعمار؟ إعادة الإعمار تنطلق من الأرض اليباب، حتى نرى الشرق الأوسط الجديد، الطويل المديد المجتث من الجذور، المتقارب فى الخراب، السريع فى الانهيارات، الخفيف فى المحو، البسيط فى الانجرار إلى الهاوية، الوافر فى كثرة الضحايا، المجزوء فى مخططات التقسيم، الزاحف إلى كل منحدر سحيق القرار .

نحن أمام معضلتين الرابط بينهما واحد . الأولى شعوب امتطت ظهورها أنظمة مستبدة ترى آفاق التنمية والإبداع أبواباً تأتى منها الريح، فتسدّها وتستريح . وقد ثبت أن هذه الراحة أوهام، بدليل الانفجارات التى تعنى “يمهل ولا يهمل” . والمعضلة الأخرى فئات تدعوها قوى خارجية إلى تخريب بلدانها بأيديها، لكى يتسنى للأجنبى الدمار الشامل من دون أن يدفع ثمناً باهظاً . كم عدد البلدان التى امتلكت إمكانات هائلة للتنمية وهى اليوم دولة فاشلة؟

فى كلتا المعضلتين: أين وعى الشعوب؟ أين النخب وأين التكنوقراط والمثقفون والإعلاميون؟

فى منتصف المنحدر نحن. ولا بد من التساؤل جماعياً: من المسؤول عن الانهيارات المتفاوتة فى نصف بلدان العالم العربى؟ لم يكد العالم يفرغ من الاحتفال بالثالث عشر، حتى نعى نتنياهو السلطة الفلسطينية، مبشراً بصعود حماس . المحللون العرب نظروا إلى المسألة كما لو كانت بعوضة حطت على نخلة. فهل يعنى هذا حرباً أهلية بين الفلسطينيين؟ فتح ستقنع بوداع على طريقة "غود باى بارتى"، ويستأنف التنسيق الأمنى "على العين والراس". فى حين أن نتنياهو يقول فى نفسه: هاتوا كبش الفداء التالى.

لزوم ما يلزم: المجتمع الدولى هكذا دواليك، فانظر أيها العربى إلى من هم حواليك.
نقلاً عن الخليج الإماراتية
الجريدة الرسمية