رسائل إلكترونية
دعتنى أكاديمية رقص إلى تعلم زومبا، ولم أفهم هل هذا رقصة جديدة أم رياضة، أم أن الأكاديمية تعنى بالثقافة، مثل ثقافة الرقص؟
بعيداً عن السياسة ومع البريد الإلكترونى، فحظّى منه مئات الإيميلات كل يوم، وأقرأ وأشعر بأننى ملك... بلاش رئيس جمهورية خشية الإطاحة والبهدلة على نقالة طبية فى قفص.
وزارة الخارجية الأميركية نفسها يهمها أمرى وإلى درجة أن تبعث إلى برسالة تزعم أننى فزت فى يا نصيب طلاب أوراق الهجرة، وهم سيتابعون طلبى مقابل مبلغ زهيد لطلب وثائق الهجرة يعلو قليلاً إذا كان المهاجر يريد أن يصطحب أسرته معه. أقول: إن السيدة هيلارى كلينتون وزيرة محترمة لا يمكن أن تبيع طلبات هجرة فى اليانصيب.
على الأقل تلقيت رسالة الخارجية الأميركية المزعومة باللغة الإنجليزية، وقرأتها وفهمتها، ولم أصدقها، إلا أننى أتلقى بانتظام رسائل من اليابان كلها ما عدا عنوانى الإلكترونى باليابانية (أو ربما كانت بالصينية فأنا لا أعرف الفارق) وما يهمنى فى هذه الرسائل أنها تضم أرقاماً بالحروف العربية المعروفة، فهل هذه الجوائز ربحتها ولم أطالب بها؟ بل إننى تلقيت رسالة بالعبرية فاستعذت.
أمامى رسالة تقترح أن أكسب تلالاً من الفلوس، وأخرى تخبرنى أننى كسبتها فعلاً، ومن برنامج الأمم المتحدة للتسويات الإنسانية الذى قرر أن يعطينى تعويضاً بمبلغ 2.811.041 دولار. هذه منتهى الإنسانية، تعويض من دون ضرر أو مطالبة، ثم إن الرسالة تشمل شرحاً لأسلوب يتبعه البرنامج لضمان سرعة تسليمى المبلغ.
أغرب مما سبق رسالة من الحكومة الفيديرالية النيجيرية تقول: إنها غير مسرورة للتأخر فى تسديد مستحقاتى عليها، وتحذرنى من مجرمين ينتحلون صفة الحكومة وتطلب تفاصيل شخصية عن حسابى البنكى لإرسال المستحقات إليه. أولاً أنا لم أزر نيجيريا فى حياتى ولا أعرف أى نيجيريين، وثانياً: ليست عندى مستحقات منذ عملت غير مرتبى، وثالثاً حسابى فى البنك مخيّب للآمال لأنه لا يضم غير مرتبى بعد حذف 40 فى المئة هى الضريبة التى أدفعها على دخلى فى إنجلترا.
الكابتن أندرو هوت فى أفغانستان يريد أن يحوّل إلى 5.6 مليون دولار، وأذكر «كباتن» مثله وعروضاً مماثلة من العراق، وأقول فى المشمش.
ليس كل ما أتلقى وعوداً بالملايين، فأحياناً أتلقى رسالة واحدة بصيغ مختلفة خلاصتها «أن فلان ابن فليتان أضاع فلوسه فى هذا البلد أو ذاك أو سرقت حقيبته وفيها الفلوس وجواز السفر، ويحتاج إلى ألف جنيه أو ألفين ليتدبر أمره». وحدث مرة ان تلقيت طلباً باسم صديق عزيز وعندما هاتفته اكتشفت أنه فى بيته وقد تلقى اتصالات كثيرة من أصدقاء قرأوا طلبه المزعوم.
مع ذلك، ليس البريد كله فلوساً ونصباً واحتيالاً، فهناك رسائل الحسان، وأشعر معها بأننى لست ملكاً أو رئيساً، بل فالنتينو عصرى، فأفهم لماذا كان فتى الشاشة الأول كمال الشناوى يكرهنى حسداً وغيرةً.
سارة تقول لى بالعربية والإنكليزية: إنها تريد أن تتزلج على الماء معى، وهناك سارة أخرى عربية تريد أن تتزوج أو تزوجنى بنات جيلها. وأخرى تقول لى حرفياً (أيضاً بلغتين) اسمى ملكة جمال الكون كرستينا، أما «فوفو الدلوعة» فتسألنى إذا كنت أريد قراءة رسالتها على الموقع. الآنسة مارى تسألنى عن أسرتى والعائلة ثم تريد أن تقيم اتصالاً وعلاقة معى. وأقول لها يا ست أنا جبان. باختصار، لا أريد. وبيبى- إيف راح تقتل حالها لأننى لم أتصل بها بعد.
مارينا كندية ورسالتها بالفرنسية طويلة تحكى لى فيها قصة حياتها من زواج إلى حوادث نهاية بمبلغ 980 ألف يورو نذرتها لى. وهى ليست وحدها، فالسيدة مرغريتا مريضة وتركت لى 18 مليون دولار. أما سارة (وهى غير من سبق) فهى على وشك الموت وقد قررت أن أرثها والإرث بحدود مليونى جنيه إسترلينى... يعنى أنا ورثت بالدولار واليورو والجنيه من دون طلب.
إذا كان كل ما سبق لا يكفى فعندى عروض بيع وشراء وجوازات سفر وتجارة عقار فى الشرق والغرب. وأعرف أن شكلى لا يوحى بالذكاء، بل اعترف بأننى بسيط و«على نياتى»، إلا أننى لست بسيطاً إلى هذا الحد، وأرجو ألا يكون بين القراء من يصدق مثل هذه العروض، وهم يقولون بالإنجليزية أنه إذا كان العرض لا يُصدَّق فلا تصدقه.
نقلاً عن الحياة اللندنية.