رئيس التحرير
عصام كامل

هل قامت فى مصر ثورة؟


مصر وطن قامت به ثورة من أجل التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية، وبعد عامين من بزوغ فجر هذه الثورة العظيمة لابد أن نتساءل.. هل ما حدث فى مصر ثورة بالمعنى السياسى والشعبى أم ماذا؟!..


فالهدف لم يكن تغيير أسلوب الحكم ورأس النظام والفكر الحاكم فى البلاد فقط، بل ثورة شاملة تحيي فى نفوس المصريين الأمل فى المستقبل وترسخ لقيم المواطنة والعدالة الاجتماعية وتعزز لبناء دولة على أسس الحداثة والتنوير والعلم، وتعيد للمواطن كرامته وحقه فى المشاركة فى صنع مستقبل وطنه، ويكون نظامها ديمقراطى بمعنى الكلمة، فلم تقم الثورة لخروج نظام مبارك لدخول مصر نظام مكتب الإرشاد والعشيرة والنظرة الأحادية لكل توجهات الدولة، بل قامت من أجل التعاون وتوحد كافة الجهود المصرية من مختلف التوجهات السياسية حول هدف واحد، هو نهضة مصر الحقيقة.. فهل هذا حدث أم ماذا؟..

الثورة ليست ظاهرة تظهر وتختفى، ولايمكن احتواؤها والسيطرة عليها وإفراغها من مضمونها وتشويه صناعها والقفز عليها لصالح تيار معين كما يتوهم البعض، بل هى حالة حراك شعبى وسياسي من أجل التغيير، وهدم الوضع الظالم والفاسد والفاشل من أجل بناء نظام جديد حقيقي يلبى حاجات وتطلعات المواطنين ويشعرهم بتحسن ملحوظ فى حياتهم اليومية،  وشيوع حالة من الإحساس بالعدالة وتكافؤ الفرص وتصدر معيار العلم والخبرة فى كافة مؤسسات الدولة وسن مجموعة من التشريعات لإصلاح المنظومة المجتمعية والسياسية وإعادة النظر فى مؤسسات الدولة وهيكلتها بشكل عادل دون انتقام أو رغبة فى تفكيك النظام السابق لإحلاله برجال النظام الحالى والعمل على استقطاب كافة الأفكار والرؤي الإصلاحية للتعاون للخروج من المرحلة الانتقالية للاستقرار بشكل سريع وعادل يشعر الجميع أن الثورة نجحت ومصر فى طريقها للتنمية والنهضة والريادة الحقيقية عربيا ودوليا، فهل هذا حدث أم ماذا؟..

مصر يحكمها الآن أول رئيس مدنى منتخب بعد ثورة شعبية.. والسؤال الأهم، هل يدير الرئيس البلاد نحو تحقيق أهداف ومتطلبات الثورة أم لا؟، وهل البلاد تتجه نحو حالة من التوافق والمصالحة الوطنية بين كافة التيارات السياسية لنزع فتيل الأزمة و الترصد بين النظام ومعارضيه حتى لا تنزلق البلاد فى صراع سياسي يحول مصر لشلل تام يحرق الثورة ويخرجها من ثوبها المقدس الطاهر لتدخل فى صراع على السلطة أم ماذا حدث؟.. وهل الرئيس بدوره عمل على احترام الفكر الثورى واستعماله فى تطوير وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة أم لا؟.. وهل الرئيس احترم القانون والدستور وإعلاء دولة العدالة... والأسئلة كثيرة حول معايير العمل داخل مؤسسة الرئاسة وطرق اختيار مستشارى الرئيس وحكومته والعلاقة الغريبة لجماعة الإخوان المسلمين وسيطرتها الواضحة على طرق اتخاذ القرار داخل المؤسسة الرئاسية.

 والهدف من كل هذه التساؤلات هو.. هل هذه هى طموحات المصريين من الثورة أم تحولت الثورة لصالح فريق معين على حساب الغالبية التى تشعر الآن أن مصر لم تقم بها ثورة، إنما فقط تغيير للوجوه والأسماء، ولا جديد تحت سماء العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية وتحقيق آمال وطموحات الشعب المصري.

عندما يشعر قطاع كبير من المصريين أن العدالة غائبة والأمن مفتقد والتوريث فى مؤسسات الدولة تحول من المباركية للأخونة، ويشعر المتعلمون أن البطالة فى انتظارهم، ولا مكان لعلم أو خبرة ويحرق الفقراء بنار الأسعار، وغيرها من أزمات المصريين اليومية، فيجب أن نقول.. مصر لم تقم بها ثورة.


dreemstars@mail.com
الجريدة الرسمية