الأزمة في الأردن.. وأثرها على مصر
في تقرير حديث صدر من صندوق النقد الدولي يعتبر أزمة اللاجئين السوريين أحد أهم أسباب التوتر السياسي بالأردن، حيث إنه من بين خمسة ملايين لاجئ يوجد أكثر من مليون لاجئ في الأردن، فنقلوا حالة الصراع الاجتماعي ثم الاقتصادي إلى المملكة المستقرة، إلى جانب تكلفة سنوية تزيد عن ٢ مليار دولار.. نضيف إلى جانب ما ذكره التقرير أنه إلى جانب ٢.٥ مليون فلسطيني الأصل وتحاول المملكة إخفاء أصولهم، بينما يصل حاملي الجنسية إلى ١٠ ملايين أردني.. تكوين اجتماعي وطني هش أضعف من تحمل صدمات اقتصادية بعد سنوات من الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي سبق وتحقق رغم ضعف موارد الأردن الاقتصادية وإنتاجيتها.
منذ شهر تقريبا كانت كل المؤسسات الاقتصادية الدولية وأولها صندوق النقد يشيد بأداء المملكة الاقتصادي في تطبيق الإصلاحات دون إدراك الحكومة والمؤسسات الاقتصادية نحو للمخاطر، وأولها الآثار الاجتماعية للإصلاح.. ليطرح السؤال نفسه هل تدخل الأردن إلى مصاف التجارب التي فشل فيها الإصلاح الاقتصادي، أم إنها ستعبر إلى بر الأمان الاقتصادي كدول أخرى حققت استقرارها خلف سياسات صندوق النقد، لكن التحديات بسبب هشاشة النسيج الأردني الاجتماعي أكبر.
ما بين أقاويل سياسية حول رغبة إسرائيل استغلال الاضطرابات السياسية لتنفيذ خطة تهجير الفلسطينيين نحو الأردن، وتحليلات لزيارة مفاجئة للملك عبد الله للإدارة الأمريكية الجديدة، إلى جانب تفكك التركيبة الاجتماعية للدولة منذ عقود لم تستطع الدولة استيعاب برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته الحكومة الأردنية، ولأنه لم يدرك الأبعاد الاجتماعية والسياسية.
نعود إلى طبيعة الأردن التي أغلفتها عملية الإصلاح الاقتصادي.. وعن التكوين الاجتماعي المتوتر ما بين القبيلة ونزعة التحرر فهناك صراع خفي.. سميت بالأردن نسبة إلى نهر الأردن الذي يمر على حدودها، والأردن بلد يجمع بين ثقافات ولهجات عربية مختلفة بشكل لافت وليس لها أي حدود طبيعية تحدد الدولة مع جيرانه، سوى نهر الأردن، ونهر اليرموك..
وقد كتب الصحفي الأردني اليساري المسيحي "ناهض حتر" أن الأردن دولة هويتها هشة أمام هوية يهودية صلبة لها مرجعية، وهوية فلسطينية عريقة لذا فقد أشار إلى شرعية توطين الفلسطينيين في الأردن كوطن بديل.. هذا الرأي بالطبع يؤيده فكر الإخوان المسلمين في الأردن الذين يمثلون القوة الوحيدة القادرة على تحدي النظام، رغم ما مروا به من صدمات بعد ٢٠١٢.
رغم الألم الذي نشعر به تجاه الأردن، لكن أن صح سيناريو تهجير الفلسطينيين نحو الأردن فقد يعني استحالة تنفيذه في سيناء، وهو السيناريو الذي عمل عليه الرئيس الخائن مرسي مع الإدارة الأمريكية السابقة ليغلق ملف التوتر والإرهاب في سيناء، وفي إشارة واضحة لتفوق الدولة المصرية مرحليا على الإرهاب ومصادره اعتمادا على تسليح متطور وقدرات قتالية وروح معنوية...
وبالارتكاز على هوية وطنية راسخة ودرجة من الوعي التاريخي نحو الأرض والوطن.. ليُؤهل لاستقرار سياسي على المدى البعيد للدولة المصرية ليصنع استقرار اقتصادي يلوح في الأفق تدعمه رؤية الرئيس نحو حل الصراعات في الشرق الأوسط دون مواجهات عسكرية رغم تفوق الجيش المصري.. أتمنى أن تخرج سيناء خارج دائرة الصراع، وإلا يكون سقوط الأردن جزء من مخطط توسعي صهيوني شرقا وغربا.
ومن رسالة الدكتوراه للرئيس عبد الفتاح السيسي في كلية الحرب الأمريكية ٢٠٠٦، فإنه يرى أن تحقيق الديمقراطية في دول الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بخلق مناخ مستقر بإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.. بطريقة عادلة.