صفعة المصريين فى إسرائيل للعريان
كانت دعوة الدكتور عصام العريان مستشار رئيس الجمهورية والقيادى بحزب الحرية والعدالة وعضو مجلس الشورى المصرى لليهود المصريين المهاجرين لإسرائيل بالعودة لمصر والحياة بها - صدمة كبرى لقطاع كبير من المصريين، لم ينسَ محاولة الاغتصاب الإسرائيلى للأراضى المصرية فى حروبنا مع إسرائيل والمجازر والقتل الجماعى للأسرى بعد نكسة 1967، وحتى الآن يقتلون بعض جنودنا فى سيناء ويتم القبض على جواسيسهم فى شوارع مصر، وكذلك هم من يغتصبون الأراضى العربية فى فلسطين ويقتلون أشقاءنا ليل نهار، ويجهضون القضية الفلسطينية فجميعنا يعرف ويعيش تاريخ الإرهاب الصهيونى فى منطقة الشرق الأوسط.
والأغرب أن تصريحات العريان ليست من قبيل تصريحاته التى يتراجع عنها أو يبررها كعادته، ولكنه يصمم على حقهم فى العودة لوطنهم مصر ولم يسأل نفسه عن سر هجرتهم وهل كانت برغبتهم عبر عمليات تهجيرهم لبناء الوطن الموعود فى فلسطين أم كان هروبًا من النظام الناصرى؟ ولم يسأل نفسه كيف لمواطن إسرائيلى يعيش فى مجتمع يكره العرب والمصريين وخدم فى سلاح الجيش الإسرائيلى أن يعود لمصر؟ وهل سيتقبلهم المصريون وكيف سيتعايشون معنا وهل نثق بهم ويعملون معنا ويستثمرون فى بناء مصر؟ أسئلة كثيرة وكثيرة تحتاج لمئات المقالات حول عودة اليهود المصريين فى إسرائيل لمصر.
الصدمة الكبرى التى نشرتها أحد المواقع الإسرائيلية (موقع بانيت) كبيان صحفى ورسالة لشخص يدعى عازى نجار رئيس جمعية مهاجرى مصر اليهود، شكر فيها الدكتور العريان على عرضه بالعودة لمصر ولكنه قدم عدة تساؤلات للعريان حتى يوافقون على العودة ومنها هل ستوفر له الحكومة منزلا وسكنًا محترمًا أم سيعيش مع أهله أم سيعيش مع مئات الآلاف فى المقابر؟ وهل ستوفر له الحكومة عملا أم سيبقى عاطلاً إلى جانب ملايين الأكاديميين فى مصر؟ وهل سيكسب قوت يومه بكرامة أم سيضطر للاكتفاء بأربعة أرغفة يوميًّا من العيش؟ وهل سيحظى بحياة ديمقراطية كريمة أم لا؟ وتساؤلات أخرى لا داعى للخوض فيها، والأهم هو هذه الأسئلة المشروعة التى تدور حول وضع حياتهم فى مصر.
اعتبر أن رسالة عازى نجار بمثابة الصفعة على وجه عصام العريان والرئيس والحكومة المصرية، فالرجل يقول لهم قبل أن أعود لمصر أريد أن أرى هذا الشعب يعيش حياة كريمة عبر سكن ملائم وعمل محترم وحياة ديمقراطية سليمة، ويعرض الحقيقة بلا خجل أو خوف فهو يرسل لهم رسائل سريعة عليكم الاهتمام أولا بشعبكم الذى يعيش فى المقابر ولا يجد المسكن والمأوى الأدمى الذى يعيش ولا يجد العمل المناسب، فعلى حد قوله ملايين الأكاديميين عاطلين عن العمل ويتساءل عن كرامته كمواطن له حق الحياة والممارسة الديمقراطية، وهذا المصرى اليهودى له كل الاحترام والتقدير على أسئلته، ولكنها ناقوس خطر كبير يدق على تراجع صورة المجتمع المصرى فى الخارج وأن الكثيرين حول العالم يرون معاناة المواطن المصرى الذى لا يجد الحياة المحترمة التى تليق بتاريخ مصر وحضارتها.
رسالة عازى نجار للعريان تدخلنا فى أزمة حقيقية فالعريان كان يريد تطمين اليهود من النظام المصرى الجديد ولكنه لم يعلم عواقبها وأن المصريين فى إسرائيل يريدون أن يعيشوا فى وطن مستقر مزدهر كإسرائيل من وجهة نظرهم الضيقة، ولن يتواضعوا عن ذلك لأنهم من وجهة نظرى الآن ليسوا مصريين فهم تربوا وعاشوا فى البيئة والثقافة الإسرائيلية، والأهم هو أن رسالة العريان ستجر على مصر الكثير والكثير من المطالبات بالأموال اليهودية المزعومة فى مصر وستدخلنا فى خلافات ومهاترات وقضايا متعددة كنا فى غنى عنها، فمصر تمر بحالة من التخبط والفوضى فى كل شيء وأبرزها تصريحات العريان وأمثاله التى تدل على غياب الوعى السياسى بخطورة اللحظة التاريخية التى تعيشها مصر بعد ثورتها المجيدة.
سيذكر التاريخ أن دعوة العريان لليهود المصريين بالعودة تحمل فى ظاهرها الرحمة وفى باطنها العذاب وستشكل مرحلة جديدة فى تاريخ العلاقات المصرية الإسرائيلية.
dreemstars@gmail.com