مدبولي وبناء الإنسان!
يمكن استنتاج أكثر من سبب لاختيار الرئيس السيسي الدكتور مصطفى مدبولي لرئاسة الحكومة الجديدة، منها عمله في وزارة الإسكان، وعمله أيضا عندما تولى أعمال رئيس الوزراء عندما كان المهندس شريف إسماعيل يعالج في الخارج، فضلا عن شخصيته التي تتسم بالهدوء، وقبل ذلك كله أنه كان مشاركا في الحكومة منذ عام ٢٠١٤ وملما بكل الملفات والقضايا التي تخص عملها، بما يضمن الاستمرارية، فهو ليس محتاجا لوقت لدراسة وفحص هذه الملفات، ولعل تلك الأسباب كانت موجودة أيضا وواضحة عند اختيار الرئيس السيسي المهندس شريف إسماعيل لتشكيل الحكومة بعد المهندس محلب.
لكن الدكتور مصطفى مدبولي رئيسًا للحكومة يجب أن يكون مختلفا عنه وهو وزير للإسكان.. الآن ليست مهمته إنجاز مشاريع بناء ضخمة هنا وهناك كانت تحظى بدعم كبير من الرئيس شخصيا وكل أجهزة الدولة الفاعلة والنشطة، وأسهمت بدور كبير في تنشيط الاقتصاد المصري عندما كان يعاني ركودا وتباطؤا في النمو.. إنما مهمة رئيس الحكومة صارت الآن أوسع وأكبر..
إنها لم تعد قاصرة على بناء المدن والمساكن، أو حتى إتمام برنامج الإصلاح الاقتصادي، بما يتضمنه من أعباء على عموم المواطنين، الأمر الذي يقتضي من الحكومة مد مظلة الحماية الاجتماعية للطبقات الأقل قدرة.. إنما اتسعت هذه المهمة لتشمل ما أعلنه الرئيس السيسي في كلمته أمام البرلمان بعد أداء القسم حول بناء الإنسان.. وإذا كان الدكتور مصطفى قد أبلى بلاء حسنا في بناء الحجر، فهو الآن أمامه تحدي بناء أهم وأخطر وهو بناء البشر..
ويستطيع الدكتور مدبولي أن ينجز في هذه العملية إذا استعان -بالفعل ليس فقط داخل مجلس الوزراء- بمن يفهمون في بناء البشر، ولديهم خبرة في بناء الإنسان، وإذا وضع نصب عينيه دوما أن بناء البشر عملية أكثر صعوبة وتعقيدا من بناء الحجر، لأنها تشمل الارتقاء بحياة المواطنين اقتصاديا واجتماعيا وقيميا وتشمل مع الصحة التعليم والثقافة والإعلام.