انهيار اليسار الإسرائيلي يتوج نتنياهو ملكًا على تل أبيب
لا يتوقع المراقبون داخل دولة الاحتلال أن يحصل اليسار الإسرائيلي على نسبة تصويت مرتفعة في الانتخابات المقبلة المقرر لها العام المقبل، وهذا يرجع لتراجع اليسار وانهياره في ضوء تصاعد قوة اليمين المتطرف الذي يقف على رأسه حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو.
عدم التماثل مع المعيار اليهودي
وتوجد العديد من الأسباب التي تقف وراء انهيار اليسار الإسرائيلي، لعل أبرزها أن مشكلة "اليسار" تكمن أساسًا في كونه لا يتماثل مع المعيار اليهودي ولا ينظر إليه كمن يلتزم بالموروث اليهودي.
ويقول في هذا السياق الكاتب الإسرائيلي، أفي شيلون، إنه "صحيح أن نتنياهو كان يقوم بمناورة خبيثة عندما قال للحاخام كدوري، عام 1997، إن اليسار نسي ماذا يعني أن تكون يهوديًّا، لكنه أصاب أيضًا عصبًا مكشوفًا، فلا يوجد زعيم واحد لليسار يضع يهوديته في المركز"، ويرى أن "اليسار يسعى إلى إصلاح المجتمع وفق النموذج الأوروبي ويسعى للعيش بطمأنينة على غرار أمريكا الشمالية".
وتشير آخر استطلاعات الرأي في دولة الاحتلال أن حزب "الليكود" سيحصد 32 من أصل 120 مقعدًا، مقابل تراجع حاد في أصوات الأحزاب اليسارية، ما يعني صعود قوة نتنياهو أيضًا.
ازدواجية يسارية
ويرى المراقبون أيضًا أن تصنيف الأحزاب في دولة الاحتلال على أساس يسار ويمين يعد ظالمًا؛ لأن أحزاب اليسار الإسرائيلي، وبخلاف كل الأحزاب اليسارية في العالم تدافع عن اقتصاديات السوق والخصخصة، وإن كان الانتماء لليسار يعني تبني موقف معتدل من الصراع مع العرب، نجد أن تحالف أحزاب يسار الوطني ممثلة في "كاديما" والعمل هو الذي سبق وأدار حربًا إجرامية على قطاع غزة، ما يعني أن الأحزاب اليسارية تمارس الازدواجية ولا تفي بالمعايير المطلوبة.
عدم ثقة الجمهور
كما يقول الكاتب والمفكر الإسرائيلي، جدعون ليفي، إن نفاق اليسار وتردد قادته أدى إلى تهاوي ثقة الجمهور الإسرائيلي به يعد من أبرز أسباب انهيار اليسار الإسرائيلي.
فزاعة المقاومة
من أسباب تراجع اليسار أيضًا أن اليمين الإسرائيلي يركز بشكل أكبر على فزاعة المقاومة ما يجعله يتفوق على اليسار وخاصة أن المستوطنين يعيشون في حالة رعب وبالأخص من هم على حدود قطاع غزة.
سياسة الخصخصة
ويقول دان جوفتاين، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، إن سياسة الخصخصة التي اتبعت في إسرائيل ألحقت أكبر الضرر باليسار؛ لأنها أوجدت مشكلات اقتصادية كبيرة، ساهمت بصعود نجم اليمين.
نتنياهو أداة الأمن القومي
فيما يرى البعض أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المرشح المنطقي للأمن القومي لدولة الاحتلال وأداة فاعلة ذات قدرة جيوسياسية، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى نجاح طموحاته الجيوسياسية وقوة علاقته مع الولايات المتحدة؛ لأن الأحداث الأخيرة في 2018، أي العرض الذي أعده بشأن "خطة العمل الشاملة المشتركة"، والضربات في سوريا، وغيرها، أدت إلى صرف انتباه الناخبين الإسرائيليين عن تهم الفساد ضده وعن المتاعب الاقتصادية والتركيز فقط على نجاحات هذه المساعي. وهذا ما يعزز اعتقاد نتنياهو بعدم وجود أي نظير له فيما يتعلق بالأمن القومي.