رئيس التحرير
عصام كامل

مراجعات ثورية (3)


مرت البلاد منذ عام 2010 وحتى اليوم بثلاث مراحل متتالية؛ من انتهاء حكم مبارك وحزبه، مرورا بالمرحلة الانتقالية، ثم المرحلة الحالية التى يقبع فيها الرئيس الإخوانى فى قصر الاتحادية، بينما يقبع حكم مصر فى المقطم، هى مفتاح البحث والتحقيق؛ لأنها انتهت بشكل طبيعى على عكس ظنون معارضيها، والمشككين فى نية إدارتها، فقد اتضح أن المجلس العسكرى بقياداته لم يسع للسيطرة على الحكم، وعلى ذلك فقد كانت الساحة الكبرى التى أقيمت فيها كل المعارك، وألقت فيها كل الأطراف بما فى جعبتها. 


ولكن المعركة لم تكن "من سيتسلم السلطة؟"، فقد كانت الإجابة محسومة ما بين رغبة الشعب فى التغيير، وتهديد الجماعات الإرهابية بتخريب البلاد فى حالة تسليمها لغيرهم، وإنما كانت المعركة فى إطار مختلف وأكثر حساسية وأكثر خطرا على وحدة البلاد وأمنها القومى.

فقد كان المحور الرئيس هو مدى الشرعية التى سيكتسبها النظام الجديد داخليا وخارجيا، والمساحة المسموح له بالتلاعب فيها والهيمنة الكاملة عليها؛ لذا كان على مؤسسات الدولة عموما، والمجلس العسكرى خصوصا، ضمان انتقال السلطة بما لا يضر بأمن مصر القومى ولا يضر بطبيعتها التعددية.

فتسليم الحكم لمدنيين لم يكن خطرا فى حد ذاته، ولكن الخطر الحقيقى تمثل فى ثوب المدنية الذى ارتدته جماعات إرهابية عالمية، تتعدى طموحاتها حدود الوطن، وتحوى أدبياتها العديد من عبارات احتقار القيم الوطنية ومعاداة الشعب وتراثه ووجوب تقويمه ولو بالقوة، وهو أبعد ما يكون عما تعنيه كلمة "حكم مدنى".

و قد تمثل الخطر فى اللبس الذى طغى على الرأى العام عموما، وعلى الشباب الثورى خصوصا، فقد أدى بهم نقص الخبرة وانعدام الشفافية لعقود إلى الانجراف لمعارك لم تكن يوما فى صالح أحلامهم.

وما لا يمكن إغفاله عند البحث فى تلك الفترة، هو موقف القيادات السياسية التى تمثل القوى المدنية، كما اتفق على تسميتها، فنجد أن الجميع تصرف وكأنما لا يملك أية خلفية عن ذلك الخطر، بل وقاموا بدعم انجراف الشباب فى مواجهة العسكرى، بدعاوى لا تمت للواقع بصلة من نوعية "حكم العسكر" و"الفاشية العسكرية"، والتى لا وجود لها إلا فى خيالهم المريض وكتبهم التى يعكفون على قراءتها.

ولا يستثنى من ذلك إلا الدكتور محمد البرادعى، الذى صرح منذ البداية أن المرحلة الانتقالية يجب أن تستمر لعامين، تكون كافية لكتابة دستور مدنى يحفظ حقوق المواطن وأمن الدولة، بصرف النظر عن الفائز فى الانتخابات، وترك الفرصة للتيار المدنى والقوى السياسية لبناء أحزاب سياسية، تحتك بالرأى العام لفترة كافية، يستطيع من خلالها خوض انتخابات برلمانية، وتشكيل مجلس نواب، ثم انتخابات رئاسية، وأيده فى ذلك، فقط، الدكتور عمرو حمزاوى .

أما وقد مرت الأيام دون السماع لصوت العقل، لا من جانب العسكرى أوحتى القوى السياسية و شباب الثورة، فقد تحولت البلاد خلال شهور لمسرح ملتهب، تتابع فيه الأحداث وتكثر فيه المغالطات. 

وخرجنا من كل ذلك أيضا بمستفيد واحد، يملك تنظيم قوى ودعم مادى، جاهز لخوض انتخابات اليوم قبل الغد، كما أنه يخشى أن تطول المدة فينكشف أمره أمام الرأى العام، أو يظهر وجهه القبيح، وهو ما يجعل موقفه سيئ فى حالة تأخير الانتخابات.

فى هذاالسياق فقط من الممكن أن تجد إجابات لاستفهامات عديدة للعديد من التصريحات، لم تجد لها تفسيرًا حينها، إلا التهكم أو الغضب والتخوين أحيانا أخرى، فى هذا السياق فقط تجد معنى لتصريح المشير طنطاوى بعد مجزرة بورسعيد.

و فى نفس السياق تذكر تصريحات المستشار الزند والمستشارة تهانى الجبالى، وعلى الجانب الآخر فلتتذكر تصريحات "أبو إسماعيل" و"أبو الفتوح"، والعديد من القيادات الشبابية السياسية، وردود أفعالك على كليهما، وقارنها بموقف كلا الجانبين من قضيتك اليوم.. ودمتم!!
Twitter.com/MahmoudNabeel
الجريدة الرسمية