رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة.. 45


لم يكن رفضي للنكسة المصرية التي وقعت في يناير وفبراير 2011، خياراً، ولكن أمرا فرضته الظروف والسياسات السابقة على الحدث في منطقة الشرق الأوسط، فالموقف ينطلق من فكر، وليس من غضب.


لقد هُزمت مصر عام 1967، نتيجة استهداف مُسبق وأخطاء داخلية، وهنا كان التقييم العملي للتجربة الناصرية.. "لم تستطع مصر الإنفاق على تسليحها الذاتي، فكان الدخول السعودي والكويتي لدعم مصر مالياً لشراء التسليح لحربها لاستعادة الأرض"!!.

وهنا بدأت مواجهة مصر مثلما كان الوضع مع محمد علي حينما كان يرغب في النمو بمصر إلى آفاق أرحب، كانت المواجهة من خلال بث الإرهاب في البلاد وإظهار ضعفها في الخارج.

ففي الخارج وليلة 27-28 ديسمبر 1968، قامت القوات الخاصة الإسرائيلية بضرب مطار بيروت، لتُظهر أن إسرائيل منذ 5 يونيو 1967 وليس منذ معاهدة السلام، بدأت في استباحة الأراضي العربية!!.

واستفحلت المواجهات "العربية العربية" التي كانت طبيعية في عهد الرئيس عبد الناصر، فقبل وفاة الزعيم حدثت مواجهة "أيلول الأسود" في عمان بالأردن، بين الفلسطينيين والأردنيين، وقد كتب مالكوم كير كتابه "عبد الناصر والحرب العربية الباردة 1958-1970"، حول المواجهات العربية في أوج مجد الناصرية، موضحاً أن هذا كان الوضع الطبيعي في عهد "حلم الوحدة العربية"!!..

وقد كانت المواجهة المصرية السعودية في وسط تلك الحروب، وعلى موجات صوت العرب، وفيها بدأت السعودية تستخدم "الكارت الإسلامي" أو "الإسلام السياسي" وتستضيف الإخوان لمواجهة الهجوم المصري.

ومع زوال الوحدة المصرية السورية في 1961، صاغ نظام ناصر قانون تنظيم الأزهر، ليضمه للدولة، وكأنه أممه في ظل التأميمات الكثيرة في هذه السنة.

وما بين عام 1962 و1967، كانت حرب اليمن بين الجمهوريين والملكيين، حيث أيدت مصر الجمهوريين وأيدت السعودية الملكيين، ويوجد أحاديث مُبعثرة بأن الإخوان ساهموا في تلك الحرب إلى جانب السعودية وقتلوا جنوداً مصريين، إلا أنني لا أمتلك مرجعاً في هذا، ولكنني فقط أذكر ما كتب من هنا أو هناك!!..

ومع وفاة عبد الناصر ومجىء السادات، كان أمامه أن يتخذ قرار حرب الكرامة ونسقت مصر مع سوريا وانتصرنا، إلا أن النصر لم يحل المُشكلة الاقتصادية التي كُنا نعانيها من أواسط الستينيات من جراء مُشكلة القطاع العام أو أزمة السكن التي بدأت تتفجر في مصر، حتى أنه قبل إجراء أي سياسة خاصة "بالانفتاح" في مصر، وفي العام 1972، كان هناك فيلم سينمائى اسمه "أزمة سكن"!!..

وكان السلام مع إسرائيل واسترداد الأرض، ودون خوض في التفاصيل، بدأت التنمية الحقيقية لمصر بعد السلام، حيث لم تكن الخدمات في مصر أو التصنيع على خير ما يُرام!!.

وهنا وعلى مستوى "الإسلام السياسي"، يجب أن ننظر إلى عفو مرسي عن الإرهابيين بعين اعتبار، وعلاقة الإخوان الوثيقة مع الأمريكان منذ أزمان، والتقارب مع السعودية منذ هزيمة يونيو في الوقت نفسه بريبة.

فهذا كله يمنحنا بُعداً جديداً ومُختلفاً عن التحليلات السابقة، في النظر إلى الفتنة الطائفية والإرهاب المُتاجر بالدين في مصر.. فرُبما تأخذنا تلك الأمور إلى أن الفعل منذ السبعينيات كان مُدعماً دولياً ونفذه الإخوان، وليس مُجرد فعل محلى أخرق من أفراد أو جماعات مُستقلة تسببت فيه سياسات محلية لا يمكن تبرئتها أيضاً!!.

لقد كانت بداية عصر مبارك بداية من الصفر تقريباً لتنمية مصر، بكل ما حوته من عراقيل دولية وأزمات محلية!!..
 
ولن تسقط مصر!!..

وللحديث بقية..

والله أكبر والعزة لبلادي..

وتبقى مصر أولاً دولة مدنية.
الجريدة الرسمية