رئيس التحرير
عصام كامل

سمير غطاس: الحكومة تُضلل الشعب.. الإصلاح الاقتصادي دمر الطبقة الوسطى.. مصر لم تشهد معارضة حقيقية منذ 1952.. موازنة الدولة تم تستيفها ورقيا.. ولا أمل في إصلاح التعليم

سمير غطاس
سمير غطاس

قال سمير غطاس، عضو مجلس النواب إن الأوضاع السياسية في مصر تحتاج إلى تغيير حقيقي، وإتاحة الفرصة للصوت الآخر، لأن المعارضة الحقيقية تساعد بشكل كبير في بناء المجتمع، وأوضح أن الديمقراطية الحقيقية قادرة على بناء أي مجتمع، وأن نظام الصوت الواحد يضر أكثر مما ينفع، منتقدا ما وصل إليه حال الأحزاب في مصر، وخلال الحوار فتح غطاس النار على الحكومة بسبب السياسات والقرارات الخاطئة التي تقوم بها، وفي مقدمتها التضليل باسم الإصلاح الاقتصادي، مشيرا إلى أن ما يحدث محاولة للإصلاح المالي، مستشهدا بزيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار واختفاء الطبقة المتوسطة.. وإلى نص الحوار


كيف ترى أهمية وجود المعارضة في المجتمع المصري؟

_ استقر في الفقه السياسي العالمي باستثناء مصر والدول التي تحكم بشكل شمولي أنه لا توجد ديمقراطية بدون معارضة.

أنت استبعدت مصر من وجود معارضة حقيقية؟
_ هذا حقيقي مصر بالفعل لم تعرف إلا المعارضة المفبركة التي تضر الدولة أكثر مما تنفعها، فمنذ 1952 لم تعرف مصر معارضة بشكل حقيقي وكامل، باستثناء بعض ظواهر المعارضة في شكل أفراد، وليس تيارا موحدا أيام السادات في البرلمان وشكلوا معارضة رمزية.

وهل كانت هناك معارضة قبل 1952؟
بالفعل كانت هناك معارضة.. وفي 1952 تم تصفية المعارضة بشكل نهائي إلى أن وصلنا إلى الحزب الواحد، لاسيما وأن السيطرة في مصر من خلال تيار أمني سياسي يضر أكثر مما ينفع.

وكيف لنا أن نصل إلى المعارضة الحقيقية؟
المعارضة تبدأ بإطلاق حرية التنظيم الحزبي.

وما أهمية وجود المعارضة في المجتمع؟
المواطن الذي يعيش في مناخ ديمقراطي هو الذي ينتج ويبتكر وينتمي ويضحي من أجل هذا البلد، وهو ضرورة للمصلحة التنموية، والديمقراطية هي أحد عوامل مصر للخروج من دائرة الدول النامية، وهي السبيل في استقطاب الاستثمارات المباشرة، بعيدا عن القروض، والمعارضة ليست ضرورة على الجانب السياسي فقط بل إن "المعارضة سلوك".

وهل الأحزاب القائمة في مصر قادرة على خلق معارضة حقيقية؟
_ لا توجد أحزاب في مصر، لأن القائمة عبارة عن أحزاب فروع لشركات أو عائلية وأسرية، أو أحزاب شكلها الأمن، ولا أمل في هذه الأحزاب لأنها لم تلعب مطلقا دورها كحزب سياسي.

ولماذا لا يمكن التعويل على هذه الأحزاب؟
_ لأنه لا يوجد حزب في مصر له قواعد شعبية أو مستقر سياسيا أو ماليا ولا يسعى إلى السلطة، لأن أحد أهداف أي حزب سياسي أن يكون له خطط يستهدف من خلالها الوصول إلى السلطة لتنفيذ برامجه وأفكاره، والوصول للحكم في السابق كان عن طريق الانقلابات أما الآن فعن طريق المنافسة السياسية.

وماذا عن الوفد وهو من أعرق الأحزاب؟
_ للأسف الوفد يتدهور إلى الأسوأ، ووصل به الأمر إلى خروج أحد قياداته إلى حزب آخر، وهو ما يؤكد تدهور حزب كان له دور بارز قبل 1952، وبعد هذا التاريخ تحالف مع الإخوان، وهي كانت سقطة كبيرة لحزب من المفترض أنه كان محسوبا على الليبرالية، ومنذ هذا التاريخ والوفد أصبح لا أمل فيه.

من موقعك كأحد المعارضين في البرلمان.. الموازنة تمثل أهمية كبيرة للدولة كيف ترى التعامل معها من جانب الحكومة والبرلمان؟
تمت الموافقة عليها في وقت قليل جدا، حيث تم تستيفها ورقيا، وللأسف الشديد الموازنة التي تحكم مصر منذ 4 سنوات تخل بالدستور، ولو كان هناك تفعيل للدستور لسقطت هذه الموازنة والحكومة وكذلك حل البرلمان، لأنها لم تستوف النسب الدستورية المخصصة لبعض القطاعات وأهمها الصحة والتعليم.

وهل أزمات التعليم في مصر أموال فقط؟
_ لا أمل في إصلاح التعليم في مصر إلا بموازنة حقيقية وحوار مجتمعي حول النظام الجديد الذي أعلن عنه وزير التعليم.

وهل لم يتم الوفاء بالاستحقاق الدستوري في قطاع التعليم فعليا؟
_ الاستحقاق الدستوري 136 مليار جنيه سنويا، وحتى الآن لم يتم الوفاء به، والمعلمون ما زالوا يعانون من تدني المرتبات، وعدم وجود تدريب، ومن آن لآخر تظهر قضايا فساد داخل الوزارات وآخرها وزارة التموين ويكون أبطالها في كثير من الأحيان مستشاري الوزراء والمسئولين.

كيف يمكن إصلاح هذا الوضع؟
_ ليس في وزارة التموين فقط، ولكن على سبيل المثال وزير الصحة السابق «جاب زميله» مستشار، وفي بضع شهور حصل على 5 ملايين جنيه، وتم كشف الموضوع، ولولا ذلك لأصبح مليارديرا، المشكلة ليست في المستشارين ولكن المشكلة أن الحكومة الحالية «حكومة تكنوقراط» والمطلوب حكومة سياسية.

وهل هذا الأمر يؤدي لمزيد من الفساد؟
_ من الطبيعي في ظل غياب الرقابة وضعف البرلمان أن تظهر قضايا الفساد.

وماذا عن الحكومة وعدد الوزارات؟
_ «ليه أكثر من 30 وزير في مصر؟».. هذا العدد من الوزراء لا حاجة لنا به، وهذا العدد الكبير بسبب وجود خلل سياسي لغياب الحكم المحلي، وهو ما يؤدي لتضخم الجهاز البيروقراطي للدولة، وتسبب في تجاوز حجم الدين المحلي 4 تريليونات، وللأسف الرؤية في الإصلاح الإداري للدولة متمثلة في تخفيض عدد العاملين، على الرغم من أن هناك ما يقرب من 200 فرد في مصر على درجة وزير.

وما خطورة ذلك؟

_ هذا مرض سرطاني متضخم في مصر بسبب غياب حكم محلي حقيقي بكامل الصلاحيات، ووجود الحكم المحلي الحقيقي يقضي على الفساد وتقليل البيروقراطية، لذا لابد من تغيير جذري في طبيعة النظام السياسي القائم.

في إطار حديثنا عن الحكومة.. كيف ترى خطوات الإصلاح الاقتصادي التي انتهجتها وما ترتب عليها من زيادة في معدلات التضخم؟
_ للأسف الشديد هناك تضليل من الحكومة، وأجهزة الإعلام التابعة لها في هذا الأمر، لأنه يتم الخلط ما بين الإصلاح الاقتصادي والإصلاح المالي، وما تشهده مصر ليس إصلاحا اقتصاديا، وإنما هناك محاولة للإصلاح المالي، وما يؤكد على ذلك أن الإصلاح الاقتصادي كان يجب أن ينعكس إيجابيا على المواطن المصري، ولكن هذا ما لا يحدث، لاسيما في ظل ما نشهده من زيادة في معدلات التضخم وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق بسبب الامتثال لكل شروط صندوق النقد الدولي.

وكيف ترى أزمة الاقتراض من الخارج؟
_ الحكومة في آخر 4 سنوات هي المسئولة عن وصول الدين الخارجي إلى ما يقرب من 82 مليار دولار، وهي لم تسبق في تاريخ مصر، وبسبب الاقتراض 37% من الموازنة العامة للدولة تذهب لسداد فوائد الدين، ليس هذا وفقط، وإنما من المتوقع أن يصل الدين الداخلي في الموازنة العامة للدولة 2019 /2020 إلى 100 مليار دولار، وهذه الديون والقرارات الاقتصادية تسببت في تدمير الطبقة المتوسطة في مصر فضلا عما وصلت إليه الطبقة الفقيرة.

وأين البرلمان؟
_ «مفيش دور للبرلمان» ما يحدث داخل البرلمان هو انعكاس حقيقي للحالة السياسية التي تعيشها مصر.


الجريدة الرسمية