عودة الحزب الوطني
عندما قدم الدكتور حسام بدراوي آخر أمناء الحزب الوطني، نصيحة للرئيس الأسبق حسني مبارك بأن يتنحى بإرادته عن الحكم، كان يدرك أنه ربما يدفع حياته ثمنا لتلك النصيحة لو لم يفلح في إقناع الرئيس.. استفزت نصيحته رجال الرئيس الذين كانوا يحاولون إقناعه بأن ما يجري في الشارع ليس ثورة.. إنما مجرد «زوبعة في فنجان» يمكن القضاء عليها في ساعات محدودة، وعليه أن يتمسك بالحكم.
وقد ثبت أن الرجال الذين يحيطون بالرؤساء لا يعنيهم سوى تحقيق مصالحهم الخاصة المرتبطة باستمرارهم في الحكم.. وسرعان ما يولون وجوههم نحو الرئيس القادم، إذا لم يفلحوا في استمرار الرئيس الحالي.
وليس سرا يذاع أن بعض القيادات الحزبية، تحاول إعادة تجربة الحزب الوطني ولا يعترفون بفشلها الذريع ويتجاهلون ما جرى لحزب مصر، الذي تخلى عنه رموزه وهرولوا لحزب الرئيس- الحزب الوطني-، وقد دفع الصحفي الكبير مصطفى أمين حريته ثمنا للفظ «الهرولة» الذي وصف به نزوح النواب من حزب مصر، واعتبر معاديا للرئيس السادات.
يحذر آخر أمناء الحزب الوطني من إعادة تجربة الوطني أو الاتحاد أو الاشتراكي، وأنها ليست مناسبة للفترة التالية من حكم الرئيس السيسي لأنها ترتبط في الأذهان ببقاء الحاكم في منصبه مهما تعددت مدد الحكم.
ويؤكد بدراوي أن تكرار هذا النموذج يعني نفس النتائج التي أفرزت هزيمة ٦٧، واغتيال الرئيس السادات والثورة على مبارك، والرفض الشعبي لحكم الإخوان.
ويواصل.. إن كتلتي دعم مصر وفي حب مصر، وتحويلها إلى أحزاب سياسية، مصيرها الفشل الحتمي للعمل السياسي بهذه الطريقة.. ومن يتابع تصاعد الدعوات المطالبة بتعديل الدستور هذه الأيام، والتي انطلقت من بعض النواب ووزراء سابقين من مبارك وعدد من الإعلاميين لا بد أنه سيصاب بالارتباك.
لذلك يطالب بدراوي الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالعمل الفعلي مع الأحزاب الجادة الممثلة في البرلمان الحالي والقادم، مهما كانت توجهاتها، وتأكيد عدم سعيه لفترة رئاسة ثالثة، بأي حجة مما سيجعله أجرا في تأييد العمل الحزبي بوضوح وشفافية، ويشير إلى أنه استمع إلى الرئيس الأسبق مبارك عشرات المرات ينفي التوريث، ولكن توطد في النفوس والإعلام أن الحكم سيورث.
والحقيقة أن ما طرق إليه بدراوي في مقاله بالمصري اليوم من آراء حول المستقبل السياسي، تحتاج إلى مشاركة الجميع في الحوار حولها سواء بالرفض أو القبول..