الحقائق الغائبة في «57357»
هل تعلم أن كل 100 جنيه تتبرع بها لمستشفى 57357 يذهب منها 24 جنيها فقط لعلاج الأطفال الذين يعالجون فيها، ويذهب المبلغ الباقى 76 جنيها لـ 3 بنود هي رواتب العاملين فيها والإعلانات بالفضائيات والصحف ومشروعات الصرف الصحى بالقرى.
المفترض وفقا للمنطق وميزانيات المستشفيات العالمية أن يحدث العكس، أي تذهب النسبة الأكبر من التبرعات وهى الـ76 جنيها للعلاج والباقى للرواتب والإعلانات وغيرها من البنود الأخرى.
الحقيقة أننى لست وحدى الذي تستفزه إعلانات مستشفى 57357 المتكررة كل دقيقة في كل القنوات ليس في رمضان فقط بل على مدار العام، فهذه الإعلانات المتكررة تطرح سؤالا عن من يدفع تكلفتها المادية المرتفعة.
حتى وقت قريب لم يجرؤ أحد على الاقتراب مما يحدث في تلك المستشفى، ولم يتصور أحد يوما أن تكون بها مخالفات لأنها باختصار تمارس عملا خيريا في علاج أطفال أصيبوا بالمرض الخبيث وهو السرطان، وبمنطق أن أي حديث في هذه المنطقة سيؤثر سلبا على التدفقات المالية لها.
إلى أن أبلغنى صديقى الزميل الصحفى أسامة داود عضو مجلس نقابة الصحفيين السابق والمتخصص في قطاع الصحة بأن لديه مادة صحفية ومستندات موثقة بمخالفات مالية وطبية عن مستشفى 57، وأنه فاتح عددا من شيوخ مهنتنا في النشر لكنهم «اتاخدوا» أو «اتخضوا»، ومعظمهم كان يرى أن أحدا لا يجرؤ على الاقتراب من الكيان المقدس القائم على التبرعات أو يكشف مخالفات مالية جسيمة فيه، لكننى كنت أدرك أن الأذرع الإعلامية الكثيرة للمستشفى والمنتشرة في مهنتنا ستحول دون النشر، أو ستحدث تدخلات واتصالات قد تمنع النشر من المنبع.
عرضت عليه مفاتحة الصديق عصام كامل رئيس تحرير «فيتو» الذي رحب بالنشر، تعرض عصام لضغوط كثيرة رفضها جميعا وتلقى مكالمات تثنيه عن نشر الحلقة الثانية، لكنه كان شجاعا ومضى في النشر بل وطلب من أسامة المزيد.
في نفس التوقيت كان الكاتب والسيناريست وحيد حامد اقتحم عش الدبابير في مقال له تحت عنوان «تبرعوا لإهانة مصر»، قال فيه، أن هذا المقال سيجلب على شخصى الكثير من المتاعب. وأن مستشفى 57357 تطارد المشاهد مطاردة الثعلب للدجاجة، وإعلاناته كأنها الذباب الذي لا يمكن هشه أو نشه، وطالب المؤسسات الخيرية بكل أنواعها أن تعلن صراحة عن حجم التبرعات التي تتلقاها سنويًا أو شهريًا، وكذلك حجم الأموال التي يتم إنفاقها على هذه الإعلانات.
تفاصيل المخالفات في مستشفى 57357 منشورة على حلقتين في آخر عددين ورقيين قد صدرا من «فيتو» وكذلك على بوابتها، ويمكن للجميع أن يقرأها بما فيها من توجيه أموال التبرعات إلى مصارف أخرى غير التي يستهدفها المتبرعون، فأى مواطن يتبرع من حقه أن يضمن توجيه ذلك التبرع إلى الطفل المريض الذي يستحق العلاج وليس إلى إعلانات وأجور ظهور مشاهير ليسوا محتاجين، وكذلك استعانة رئيس مجلس الأمناء بعدد من معارفه وأصدقائه وزرعهم في المناصب القيادية بالمستشفى، ورفض إدخال بعض الأطفال للعلاج رغم وجود أسرة شاغرة.
أقر بأن طاقم الأطباء والتمريض في تلك المستشفى يقوم بعمل إنسانى شاق وذي مخاطر وطبيعة خاصة لإعادة الحياة لأطفال يطاردهم شبح الموت، واعترف بأنهم يعملون في مناخ يستحق أن يتقاضوا رواتب تجعلهم راضين وقانعين غير ساخطين أو ناقمين وهم يؤدون مهامهم الإنسانية والخطيرة، ولكننا نرفض أن تلتهم الإعلانات نسبة كبيرة من تبرعات الناس للمستشفى، وننتظر من الدكتور شريف أبو النجا رئيس مجلس الأمناء أن يصدر بيان مكاشفة ومصارحة للرأى العام يرد فيه على ما ورد في تحقيق «فيتو» من حقائق وأرقام ووثائق تستدعى تدخل الجهات الرسمية لتصحيح الأوضاع في مستشفى بناه المصريون بأموالهم وتبرعاتهم.