رئيس التحرير
عصام كامل

5 يونيو.. ليلة بكى فيها الإخوان.. حصار الرباعي العربي لدويلة قطر أربك حسابات الجماعة.. تدخلات الأمريكان أنقذت مستقبلها.. وباحث: «بيان الفجر» فضح تحالف تركيا وإيران

جماعة الاخوان الارهابية
جماعة الاخوان الارهابية

أمام تحركات قطر المريبة، ومساعيها الدائمة لنشر الفتنة داخل عدد من الدول العربية، لم تجد (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) حلا لإيقاف جنون الأمير القطري، سوى إعلان مقاطعة الدوحة، وسحب سفراء الدول الأربعة، أملا في أن تعود قطر إلى رشدها، ولم تكن الدوحة فقط هي من تضررت من قرارات المقاطعة فقد كانت ليلة إعلان القرار من أسود الليالي على جماعة الإخوان، التي اتخذ قياداتها الدوحة مقرا دائما لهم.


ليلة حزينة
ففي فجر 5 يونيو من العام الماضي، كان الإسلاميون وفي القلب منهم جماعة الإخوان الإرهابية على موعد مع ليلة حزينة، لم يمروا بأسوأ منها منذ عزل محمد مرسي عن حكم مصر أواخر يونيو عام 2013؛ حاصر الرباعي العربي إمارة قطر، برًا وبحرًا وجوا، جعلوا منها منطقة منكوبة سياسيًا، لا مفر من عزلها بجانب حلفائها، ردًا على إعياء العرب بالدمار والدماء والأشلاء.

مرّت برؤس الإخوان جميع السيناريوهات.. الدوحة بجانب إسطنبول هما سند الجماعة الوحيد، في حياة جميع من فيها يناصبها العداء، ويرسم لها سيناريوهات متعددة للخلود في الجحيم، وإخفاء اسمها من خريطة الحياة السياسية والاجتماعية للأبد.

التوبة
ما بين إعلان التوبة وتسليم أنفسهم لمصر، والهرب لأي دولة لا تزال تحمل مشاعر إيجابية تجاه الإسلام السياسي، تمحورت خطة الإخوان ومواليها من التيارات الدينية التي ساندتها في أزمتها ضد الدولة المصرية؛ اجتماعات مكثفة لمكتب لندن الحاكم بأمره في الإخوان منذ عقود، مقترحات تلقى هنا وهناك لشخصيات بارزة من الجماعة، وجميعها يطالب الصف الأول للإخوان على الأقل بالخروج من قطر، سواء لتخفيف الضغوط عليها، أو للإبقاء على نبتة الجماعة وفكرتها حتى لا تهلك وتفنى عن آخرها.

خلية الأزمة
على الجانب الآخر، لم تصل خلية الأزمة التي شكلتها قطر لاتخاذ موقف حاسم تجاه الإخوان، بعدما تسببت الجماعة في اندلاع هذه النيران ضد الدوحة، خصوصًا في الساعات الأولى التي شهدت ارتباكًا كبيرة لنظام الحمدين، بسبب الضربات المتلاحقة للتحالف العربي، الذي تشكل من أربع دول، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، هي الأكبر عددًا وتأثيرًا، وهم أيضا أصحاب النفوذ على المستوى العالمي، ولا سيما فيما يخص القضايا العربية والإسلامية.

أجرى قيادات الجماعة وقتها عشرات الاتصالات برجالها في الجزائر وتونس وحتى اليمن، لم تترك كل من يملك علاقة دافئة مع دول التحالف العربي وعلى رأسهم مصر، طلبت وساطتهم لتخفيف الضغوط على قطر ومن ثم الإخوان؛ بدا للجماعة أن هذه الخطوات المتسارعة تخفى وراءها قوة جبارة ستزيل الإخوان وقطر وتركيا على التوالي من الوجود.

كان حجم تنسيق التحالف مع دول عربية وإسلامية وأفريقية، وفي جميع دول العالم لعزل قطر دبلوماسيًا وسياسيا لا يمكن تصوره، رأت الجماعة وحلفاؤها التغييرات التي تحدث على المستوى الجيوسياسي من جراء المقاطعة، ورغم ذلك كان هناك بصيص من ضوء، يزيل ولو جزء من آثار الخوف والرعب الذي تملك جميع حلفاء الدولة الخليجية الصغيرة، كان يعرفون جيدا «معزة قطر» لدى الأمريكان، وهنا تكمن نقطة التحول.

يوم أسود
جرى الدم من وجوه الإخوان في تلك الليلة، يقول طارق البشبيشي، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إنه مع بدء إجراءات المقاطعة، عاشت الجماعة أسود أيامها، ولكن بمرور الأيام تم استيعاب الحدث بسبب دعم الأمريكان لقطر ومعهم الأتراك والإيرانيين، وهي دول ــ وفقا للبشبيشي ــ تشترك في مشروع واحد، مناوئ لمصالح الشعوب العربية، ويعمل على إضعافها ونشر الفوضى وعدم الاستقرار في دولها، عن طريق دعم الإرهاب لتفتيت الدول المحورية في المنطقة، والضاربة في جذور التاريخ.

ويتابع: "الصراع الحقيقي ليس بين الدول الأربع وبين قطر، ولكنه في حقيقته مع أمريكا التي تستخدم قطر قفازا قذرا لمخططاتها في منطقة الشرق الأوسط، ويضيف: لو دققنا سنجد أن الأمريكان يسيطرون تماما على أرض قطر، ويزرعون فيها أكبر قاعدة عسكرية لهم في العالم، وحولوا النظام السياسي بها إلى بنك ينفق على سياسة أمريكا المشبوهة في المنطقة.

ويرى «البشبيشي» أنه لولا التدخل الأمريكي في الخلاف بين الدول الأربعة قطر لانتهت الأزمة وسقط النظام القطري، وتم استبداله بعائلة أخرى تضمن عودة قطر لرشدها ولأحضان محيطها العربى؛ فالتأثير الاقتصادي الذي أحدثته مقاطعة الدول الأربعة لقطر كان كبيرا جدًا، لكنه ليس بالدرجة التي تتسبب في انهيار النظام على الأقل حتى الآن، ولكن الأيام ليست في صالح النظام القطري بسبب العزل البرى والمقاطعة الشاملة التي يحكمها جيرانها عليها.

فيما أكد محمد دحروج الداعية الإسلامي، والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن بيان الدول الأربعة منذ عام مضى، صاحبه خوف كبير، يرتقي لدرجة الرعب من الإخوان والإسلاميين، مع أن قطر بالنسبة إليهم، ليست إلا محطة ترانزيت، وليس أكثر.

ويضيف: "توقعوا استجابة قطر للضغوط العربية بجانب تخلى الغرب عنها لصالح الرباعي، الأمر الذي قد يوقعهم في قبضة الأنظمة العربية المعادية لهم، بما يقضي عليهم، وينهى على سيرتهم".

ويختتم حديثه: كانت ليلة كافية بفضح التحالف التركي الإيراني القطري الإخواني، ضد الدول العربية؛ أصبح واضحا للجميع حجم التآمر على البلدان العربية، ومن تحديدا يناصبها العداء، موضحا أن الأحلاف التي ساعدت النظام القطري لاسترداد وعيه السياسي بعدما كان على وشك الهلاك، كشفت نفسها للرأي العام قبل الحكومات، وأصبح عداؤهم مهما طال الزمن، أمرا لا مفر منه.
الجريدة الرسمية