رئيس التحرير
عصام كامل

قطر ترتمي في أحضان إيران.. أبواب الدوحة مفتوحة علانية أمام المسئولين بطهران.. دعم اقتصادي وزيارات متبادلة وعلاقات أمنية وعسكرية.. وخبراء: زواج على «ورقة المقاطعة» والحماية كلمة السر

رئيسي قطر وإيران
رئيسي قطر وإيران

مصائب قوم عند قوم فوائد.. الوصف الأمثل لما حدث خلال العام الماضي، بين إيران وقطر، فبعد مقاطعة الرباعي العربي للأخيرة، وجدت طهران الطريق مفتوحًا أمامها لاختراق الدوحة، والسيطرة على مفاصلها الاقتصادية والسياسية والعسكرية أيضًا.


قطر وإيران
عقب مقاطعة التحالف الرباعي العربي لقطر لدعمها وتمويلها الإرهاب وزعزعة استقرار دول المنطقة، فوجئ المتابعون بقوة ومتانة العلاقات بين النظام القطري ونظام الملالي في إيران، هذه العلاقة يحلو للبعض تسميتها بزواج المتعة، وإن كنا نراها زواجا كاثوليكيا لا يجوز فيه الطلاق إلا بسقوط أحد النظامين، فما يجمع الدوحة وطهران أكبر من مجرد «متعة»، فإيران لديها نظام ديني متشعب العلاقات وله أذرع في كل دول المنطقة، وفي المقابل النظام القطري يبني توسعه ونفوذه على التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، الذي يمتلك هو الآخر فروعًا في غالبية الدول العربية والإسلامية.

علاقات سرية
ليلة المقاطعة كشفت العلاقات السرية بين الدوحة وطهران، ويمكن القول إن هذا اليوم المفصلي في تاريخ الدول العربية بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص، حيث كشف مدى ارتباط قطر بإيران وتركيا وهما الدولتان اللتان يغلب عليهما حكم تيار الإسلامي السياسي، وهو التيار الذي يعطي لقطر القوة والنفوذ في المنطقة، حيث كشف عن العلاقات المتجذرة بين طهران والدوحة.

عقب 5 يونيو أصبحت أبواب الدوحة مفتوحة علانية أمام المسئولين الإيرانيين، بعدما كانت هذه الزيارات تتم في السر، جاءت زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للدوحة عقب أيام قليلة من المقاطعة لتشكل الدعم العلني من جانب آيات الله لنظام الحمدين في الدوحة.

دعم اقتصادي
إلى جانب الدعم المعنوى الإيراني لـ"تميم".. حصل الأمير القطري على دعم اقتصادي وزيارات متبادلة بين مسئولين قطريين وإيرانيين، وارتفع حجم التبادل التجاري بين طهران والدوحة لنحو مليار دولار خلال عام المقاطعة، بعدما كانت 250 مليون دولار في 2016.

كما أقام النظام القطري علاقات أمنية وعسكرية مع النظام الإيراني وسط تقارير تشير إلى أن الحرس الثوري هو من يؤمن قصر أمير قطر تميم بن حمد، وكشفت المعارضة القطرية عن تأسيس النظام القطري، لشبكة مافيا إلكترونية متخصصة في القرصنة والجريمة الإلكترونية، بالتعاون مع خبراء تابعين للحرس الثوري الإيراني، وتم توسعة نشاطها قبل انطلاق الربيع الإخواني في بعض العواصم العربية.

اتفاق أمني عسكري
وفي أكتوبر 2015 وقعت قطر وإيران اتفاقا أمنيا عسكريا، حيث التقى قائد حرس الحدود الإيراني قاسم رضائي بمدير أمن السواحل والحدود في قطر على أحمد سيف البديد، ليوقعا على اتفاقية تعاون "حماية الحدود المشتركة" بين البلدين.

وتعقيبًا على هذا الأمر قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية: توسع العلاقات بين قطر وإيران خلال عام المقاطعة يرجع لسببين، السبب الأول هو أن قطر ليس منتجة لمواد استهلاكية، فكانت في حاجة لدولة منتجة أو دولة تمر عبرها المنتجات الاستهلاكية عقب وقف السعودية تصدير المواد الغذائية، فكانت العلاقات مع إيران الدولة الأقرب لها، والحليف التركي، وبعض الدول الأخرى التي من مصلحتها كسب السوق القطري ذات النمط الاستهلاكي، وأن العلاقات القطرية الإيرانية صارت عكس ما كان تريده دول المقاطعة، حيث كانت دول المقاطعة تأمل في إنهاء الدوحة علاقتها مع طهران، لكن بعد 5 يونيو توسعت العلاقات بين إيران وقطر.

السبب الآخر – حسبما قال رخا- عدم التوصل إلى حل بين دول المقاطعة والدوحة، حيث أصر الرباعي العربي على استجابة قطر لمطالب الـ13 فيما أبدت الأخيرة بعض التساهل مع بعض المطالب، وهو ما جعل موقف المصالحة متجمد، وفي الوقت ذاته أعطى دافعًا قويًا للعلاقة بين الدوحة وطهران.

مساعد وزير الخارجية الأسبق، عاد وأشار إلى أن الدوحة ضبطت الاندفاع إلى طهران، عقب فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات ضد إيران، وهو ما دفع النظام القطري للتمهل في الاقتراب من طهران تجنبًا لإحراج مع واشنطن.

حضن إيران
من جانبه قال محمد حامد، الباحث في العلاقات الدولية: قطر ارتمت في حضن إيران أكثر بعد قرار المقاطعة العربية، ويمكن القول إن إيران وتركيا أزالتا الرباط الخناق عن الدوحة بعد المقاطعة العربية، كما أن العلاقات بين قطر وإيران توسعت وتعمقت خلال عام المقاطعة، ما بين العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بما يشكل ضربة للتوجهات العربية في مواجهة إيران.

مضيفًا: كما عمق الدوحة ارتباطها بالنظام الإيراني، عبر خطوط ملاحية جديدة بين البلدان وكذلك عقد صفقات اقتصادية وتبادل زيارات مسئولين إيرانيين، وكان آخرها زيارة وفد من 70 مسئولا إيرانيا إلى الدوحة لتوقيع اتفاقيات اقتصادية، وهناك تواجد للإيرانيين في قطاعات قطرية عديدة كـ "التمريض والاتصالات والأمن والتجارة"، وهو ما يشير إلى أن التعاون يزداد قوة بين البلدين وقرار المقاطعة سرع من هذا التعاون.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية