رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية «الكنز المجهول» في معهد بحوث الإلكترونيات.. «فيتو» ترصد الرحلة من حجرة في المركز القومي للبحوث لصرح علمي كبير.. المدينة العلمية «حلم التطور».. وريسيفر مصري باكورة ا

فيتو

أن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي.. هكذا سارت مصر التي لم تدرك تلك الحقيقة إلا في عام 1989، فقبلها بأعوام قليلة كان الكمبيوتر يمثل صرخة علمية عالمية، وبات الجميع مدركا أننا على وشك ثورة اتصالات ستكون فيها الكلمة الأولى لمن يملك «تكنولوجيا يومه»، فلم يعد هناك أي هزل في أمور كتلك.


قرار جمهوري
قرار جمهورى كان الحل، تحديدًا حين أصدر الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك قراره الذي حمل رقم 38 عام 1989 لإنشاء معهد يحمل اسم « بحوث الإلكترونيات»، مهمته الأساسية إجراء الدراسات التي تتضمن البحوث الأساسية والتطبيقية بأحدث التكنولوجيات في هذا المجال الإلكترونيات والمعلوماتية وتطوير وتنمية الطاقات الخلاقة في مجال وتكوين مجموعة استشارية، إضافة إلى دعم الاقتصاد وزيادة إمكانيات التنافس صناعيًا وإستراتيجيًا من خلال زيادة القيمة المضافة من حيث الجودة والإنتاجية.

ورغم أن المعهد لم يحتل أكثر من حجرة في المعهد القومى للبحوث، فإن مهامه كانت أكبر من أن يتحملها منفردًا، إذ اتضح أنه مع أزمة كان حلها في التكنولوجيا، فبات هذا المكان بمثابة «ملجأ الحكومة التكنولوجي» الذي تلجأ إليه لمعالجة أي نقص، وما هي إلا سنوات قليلة حتى بات المعهد مسئولًا عن المشروعات البحثية ذات المردود القومي، والاكتشاف السريع للفيروسات المعوية، ونظام تأمين المتاحف باستخدام الموجات الدقيقة.

أزمة مياه
منتصف تسعينيات القرن الماضي، وتزامنًا مع بدء الحديث عن أزمة المياه التي بدأت بوادرها تلوح في الأفق، بات المعهد مطالبا أيضًا بالتنقيب عن المياه الجوفية باستخدام الرادار الاختراقى للأرض، وهو ما حدث مع بدء تدشين شبكات المحمول، إذ أصبح المعهد مسئولا عن أبراج التقوية ومحطات اتصالات المحمول وقياس الإشعاعات التي تأتى منه؛ حتى لا تتسبب في أي ضرر للمواطن.

الأمن القومى هو الآخر كان حاضرًا في معهد بحوث الإلكترونيات، فكان المعهد أول من ساهم في إنشاء أول قمر صناعى مصري، إلى جانب تطوير إرسال البيانات عبر الأقمار الصناعية، ما ساهم في انتشار ثورة الاتصالات المصرية من انتشار الهواتف المحمولة والقنوات الفضائية وشبكات الإنترنت لاحقًا.

الانطلاق
في السنوات الأخيرة تغير الموقف كليًا، فما كان مهما خلال السنوات الماضية أصبح في الوقت الحالى ضرورة لا غنى عنها، وبات لا يليق بمعهد بحوث الإلكترونيات أن يكون مجرد غرفة داخل المركز القومى للبحوث، لذلك كانت أولى البشائر نقله إلى منطقة النزهة الجديدة، ولكن الرحيل كان تلك المرة بحلم كبير، حلم اسمه «المدينة العلمية للإلكترونيات» لتكون أكبر مدينة علمية للإلكترونيات في أفريقيا والشرق الأوسط، وتولد من خلالها آلاف المنتجات الإلكترونية المحلية تنافس مثيلاتها التي تصنع في الصين واليابان وغيرهما من الدول الصناعية العملاقة، لتصبح بذلك من أهم موارد الحكومة الاقتصادية.

الحلم
كان موعد الحلم الحقيقى في مارس 2016 حين تم عرض الفكرة على الرئيس عبد الفتاح السيسي ولاقت ترحيبا كبيرا ليتم وضع جدول زمنى لها على مرحلتين تبدأ الأولى في أكتوبر 2018، على أن يتم الانتهاء من المرحلة الثانية يوليو 2019، مع توفير التمويل اللازم سواء داخل أو خارج الموازنة.

من جانبه قال الدكتور هشام الديب رئيس معهد بحوث الإلكترونيات، متحدثًا عن كواليس إنشاء المدينة العلمية للبحوث الإلكترونية: «تتم وفق أعلى مستويات التخطيط، فقبل الإنشاء تم جمع جميع البيانات المطلوبة بالمواصفات التي يجب العمل بها لإنشاء مدينة علمية ذات مواصفات عالمية مثل نظيراتها في العالم».

مضيفًا: أهم ما يميز المدينة مواردها البشرية التي تضم 285 باحثا، ما بين مناصب؛ مساعد باحث، وباحث، وأستاذ باحث، وأستاذ متفرغ، و118 إداريا، فالمدينة العلمية كانت منطقة استثمارية تابعة لهيئة الاستثمار ووزارة التعليم العالى والبحث العلمي، لكن قانون حوافز العلوم والتكنولوجيا مكنها من أن تكون مستقلة بذاتها لتفتح آفاقا جديدة لها في علاقتها بالصناعة.

وبجانب الثروة البشرية، ستكون المدينة التي تكلف بناؤها ملايين الدولارات كما يوضح «الديب»، مكتبات إلكترونية ومجمع معامل يخدم الباحثين التابعين للمعهد والمتخصصين من الخارج، وبجانب ذلك استطاع معهد بحوث الإلكترونيات بفضل هذا المشروع الدخول في تحالف قومى يضم 15 جهة بحثية هدفها تطبيق أفكار البحث العلمى وتحويلها لمشروعات اقتصادية، كما انضمت المدينة العلمية إلى الجمعية العالمية «تكنوبوليس» وهى منظمة تهدف إلى بناء مدن علمية وتكنولوجية ذات تنافسية عالمية، وربط العلم والتكنولوجيا مع الابتكار الإقليمي.

باكورة الإنتاج
في حين كشف الدكتور هشام الديب، أن باكورة إنتاج معهد بحوث الإلكترونيات كان إنتاج أول ريسيفر مصرى مزود بخاصية الواى فاي، وقد تم التعاقد مع إحدى الشركات لتصنيعه، كذلك العدادات الذكية التي تم تصنيعها من خلال تطوير العدادات الموجودة بالمخازن وتوزيعها وقد وفرت على الدولة الملايين من الدولارات إذ كان يتم استيرادها من الخارج.

" نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية