الدستورية تؤيد قانون السماح للصيدلي بتملك أكثر من صيدلية
قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق في الدعوى رقم 21 لسنة 37 قضائية "برفض الدعوى التي أقيمت طعنًا بعدم دستورية نص المادة (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة المعدل بالقانون رقم 253 لسنة 1955.
وتنص المادة على أن: "لا يمنح الترخيص بإنشاء صيدلية إلا لصيدلي مرخص له في مزاولة مهنته يكون مضى على تخرجه سنة على الأقل قضاها في مزاولة المهنة في مؤسسة حكومية أو أهلية ويعفى من شرط قضاء هذه المدة الصيدلي الذي تؤول إليه الملكية بطريق الميراث أو الوصية ولا يجوز للصيدلي أن يكون مالكًا أو شريكًا في أكثر من صيدليتين.
وقال المستشار رجب سليم المتحدث باسم المحكمة الدستورية إن المحكمة استندت في حكمها إلى أن لكل حق من الحقوق والحريات الدستورية الدائرة التي يتحرك في إطارها، ويمارس من خلالها، تحددها طبيعته والعناصر المكونة له، التي تمثل من هذا الحق أصله وجوهره، لما كان ذلك، وكان المشرع قد ضمن النص المطعون فيه تنظيمًا للأوضاع الخاصة بالترخيص بإنشاء الصيدليات العامة وتملكها، بما يمكنها ومالكها من الاضطلاع بدورها الذي تقوم به كإحدى أهم المؤسسات الصيدلية، وذلك في مجال تقديم الخدمة الطبية للمواطنين، باعتبارها أحد عناصر الرعاية الصحية المتكاملة التي حرص الدستور على كفالتها في المادة (18) منه كحق من الحقوق الدستورية، وقد راعى المشرع في هذا التنظيم تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، الذي أوجبته المادة (27) من الدستور.
وفي ضوء الأهداف التي رصدها وسعى إلى تحقيقها من وراء ذلك، التي أوضحتها المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 127 لسنة 1955 المشار إليه، وهي مراعاة صالح الجمهور مستهلك الدواء للتخفيف عن كاهله بقدر المستطاع، وصالح المزاولين لمهنة الصيدلة، وحماية تلك المهنة من الدخلاء حتى يتوفر للجمهور الدواء بأيسر الوسائل وأضمنها وبأرخص الأسعار، وإبعاد المنافسة غير المشروعة عن محيط العمل في هذه المهنة ذات الطابع المتميز لارتباطها الوثيق بصحة الجمهور وحياة المرضى.
وتابعت المحكمة أنه بات تحديد المشرع لحق الصيدلي في تملك صيدليتين عامتين، هو الوسيلة التي اختارها لتحقيق الأهداف المتقدمة، والتي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بحماية الصحة العامة التي تعد أحد أهم المصالح العامة التي يتعين على الدولة مراعاتها، وفاءً منها بالتزامها الدستوري المقرر بالمادة (18) من الدستور، في كفالة حق المواطن في الصحة والرعاية الصحية المتكاملة طبقًا لمعايير الجودة الدولية، الذي يتصل بالضرورة باتخاذ التدابير الكفيلة بالتحقق من سلامة وكفاءة الأدوية والخدمات الطبية التي تقدم للمواطنين، في مختلف مجالاتها، فضلًا عن اتصال كل ذلك اتصالًا مباشرًا بتنظيم مهنة الصيدلة كمهنة حرة في أحد مجالاتها المهمة والحيوية، وذلك بهدف تحقيق صالح الجمهور مستهلك الدواء، والمزاولين لمهنة الصيدلة، ومنظورًا إلى تلك المهنة ليس باعتبارها تجارة تستهدف المضاربة وتسعى لتحقيق الربح، بل غايتها تقديم الخدمة العامة.
ليكون إنشاء هذه الصيدليات وتملكها، ومزاولتها لنشاطها، وكفالة الدور الفاعل لمالكها في الإشراف على نشاطها وإدارتها والعاملين بها، محددًا كل ذلك في الإطار الذي سنه المشرع، هو المحدد بالدائرة التي يمارس فيها كل من حق الملكية ومزاولة المهنة الحرة في هذا المجال، الذي يتصل بالصحة العامة وحمايتها من الأخطار التي تتعرض لها، إضافة إلى تعلقه بالأدوية كسلعة لها طبيعة خاصة تميزها عن غيرها من باقى السلع، وطبيعة الخدمة الطبية التي تقدمها الصيدلية العامة، وآثارها على صحة المواطنين، الذي يرتبط ارتباطًـــا منطقيًّا وعقليًّا بالغايـــــــة التي عنيّها المشرع وسعى إلى تحقيقها من إقرار النص المطعون فيه، وتتناسب معها، بما لا مصادمة فيه للحق في الملكية التي كفلها الدستور في المادتين (33، 35) منه.