رئيس التحرير
عصام كامل

نقاب الطالبات.. والامتحانات


مع موسم الامتحانات يثور السؤال عما إذا كان يجوز للطالبات أن تذهبن إلى الامتحانات وهن منتقبات، من عدمه؟ ذلك أن هناك رأيا أن النقاب يحول دون التعرف على شخصية الطالبة، كما أن القضية حساسة كونها ترتبط بمعتقدات وتفسيرات دينية.


نعلم بالطبع أن الدستور والقانون وأحكام المحاكم العليا أجمعت على أن ارتداء الطالبات للنقاب لا ينطوي على إخلال أو عدم التزام بالزي المدرسي، إنما هو في حقيقته إضافة إلى هذا الزي وليس انتقاصًا منه، وهذه الإضافة تمثل تمسكًا بالفضيلة والأخذ بمظاهر الاحتشام والخلق القويم.

وإذا كان الحجاب يمثل الحد الأدنى للزي الشرعي، فإن إضافة النقاب إليه ليس من شأنه الإخلال بالمظهر العام للطالبة أو الإخلال بالنظام العام ولا يوجد ما يمنع الطالبة أن ترتدي النقاب ولا يجوز حرمانها من دخول المدرسة والانتظام في الدراسة إن فعلت ذلك.

من ناحية أخرى فإن قرار وزير التربية والتعليم رقم 113 لسنة 1994 المعدل بالقرار رقم 208 لسنة 1994 الذي اشترط في غطاء الشعر ألا يحجب الوجه لا يغير من الأمر شيئا بل يمثل اعتداءً على حرية العقيدة والحرية الشخصية وفقًا لما جاء بالقانون والدستور، لأن ارتداء الطالبة النقاب ليس من شأنه الافتئات على إدارة المدرسة من ضرورة التحقق من شخصية الطالبة في مواطن معينة سدًا لزريعة أو لأخرى، وهو ما انتهت إليه الفتاوى الشرعية الصادرة في هذا الشأن كما في حالة دخول المدرسة تحوطًا للعناصر الدخيلة أو أداء الامتحانات منعًا للانتحال.

وهذه الضرورة تقدر بقدرها وتشفع بحسب فيما يلزم لمواجهتها بالقدر اللازم لسد الذرائع فيها، مثل تكليف المنتقبة بالكشف عن وجهها عند اللزوم مع رصد مختصة من بنات جنسها للتحقق منها حيث لا حجة لها في الامتناع ولا بديل لها عن الامتثال ولا مشقة لإدارة المدرسة في التطبيق ولا عرقلة للدراسة أو لامتحان ولا مدعاة لمشاحنة أو لجدال إزاء حفاظ في الأصل على حرية ثابتة في ارتداء النقاب وسد مقدور للذرائع في موطنها دون تجاوز إلى حظر مطلق.

ولا يغير من ذلك ما قد يقال من أن للوزير المختص أو أي من مساعديه الحق في أن يضع القواعد والضوابط اللازمة لحفظ النظام العام، لأن ذلك التنظيم الذي يستهدفه يجب ألا يمس ما يدخل في دائرة العقيدة التي أوجب المشرع الدستوري على الدولة كفالتها للمواطنين، فضلًا عن أن ارتداء النقاب تتداخل فيه حرية العقيدة والحرية الشخصية والحريتان لصيقتان بشخص الإنسان وحياته الشخصية، لأنه طالما استوفى الزي الذي ترتديه الطالبة لشروطه وأوصافه الشرعية فليس لوزارة التربية والتعليم أن تحول بينها وبين ارتدائه أو إلزامها بارتداء زي لا ترغبه طالما قناعتها وعقيدتها أن تلك الأزياء لا تتفق وأحكام الشرع الإسلامي وإجبارها على ارتداء هذا الزي ينطوي على المساس والاعتداء على حريتها الشخصية وهو ما حظره الدستور.

وهكذا يبين أن النقاب لا يحول دون تحقق المدرسة أو الجامعة من شخصية الطالبة وفقا للضوابط التي أشرنا إليها.. ومن ثم فلا تعارض بين حرية الطالبة في ارتداء النقاب، وبين تمكين المؤسسة التعليمية من ممارسة حقها في التيقن من شخصية الطالبة الممتحنة.. وللحديث بقية

الجريدة الرسمية