الثقافة VS الإرهاب.. صحفيون وأدباء يؤكدون أهمية الإعلام في مواجهة التطرف.. مطالبات بمراجعات فكرية وإستراتيجية للحوار مع الشباب واستغلال طاقاتهم.. ونقد لـ«سطحية» موضوعات برامج الـ«توك شو
عقدت مساء أمس لجنة علوم الإدارة في المجلس الأعلى للثقافة برئاسة الدكتور صديق عفيفي رئيس اللجنة رئيس أكاديمية طيبة ندوة تحت عنوان "تفعيل الثقافة في مكافحة التطرف والإرهاب".
جاء ذلك بحضور الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام، والدكتور سعيد المصري الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة ونخبة من كبار الإعلاميين والكتاب الصحفيين وأساتذة الجامعات وخبراء أمنيين ومفكرين.
وقال الدكتور صديق عفيفي رئيس لجنة علوم الإدارة إن هذه الندوة بمثابة عصف ذهني حول كيفية تنشيط دور الثقافة في مواجهة التطرف والإرهاب بما في ذلك المساهمة الفعالة للثقافة في مواجهة فكر التطرف والإرهاب قبل أن يولد.
وأضاف أن اهتمام لجنة علوم الإدارة بهذا الموضوع لأنه قضية مجتمعية ولأن مواجهة الإرهاب تتطلب سلوكيا إداريا.
وأكد الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد أهمية تنظيم علاقة الإعلام بالثقافة، بحيث يكونا طرفين متساويين لأن الثقافة دون الإعلام تكون غير قادرة على الوصول إلى جماهير عريضة وكذلك فإن الإعلام دون ثقافة يكون إعلاما سطحيا.
وتابع قائلا: "اليوم تواجهنا مشكلة الإرهاب وهي مشكلة ضخمة تتطلب عملا عسكريا وأمنيا واجتماعيا وفكريا وإعلاميا وإداريا ووحدة فكر وعمل تعليمي وإذا أردنا أن نجتث الإرهاب لا بد أن نبحث عن وسائل أخرى يتعاون فيها الإعلام والثقافة لاجتثاث هذه الظاهرة ومن حسن حظنا أن مصر صمدت في مواجهة الإرهاب وكان الهدف أن تقع مصر لكن بصمودنا في المعركة ضد الإرهاب أدى ذلك إلى بوادر انحسار واضحة أضف إلى ذلك أن الأطراف المناهضة لم تعد بذات القوة فمثلا قطر تزداد ضعفا وإيران تزداد ضعفا من خلال مشاكلها الداخلية".
وأوضح مكرم محمد أحمد أنه يظل الأمر متعلقا بمدى نجاحنا في تحقيق الترابط الحقيقي بين الثقافة والإعلام في مجال مكافحة الإرهاب وأنا كرئيس للمجلس الأعلى للإعلام ازداد احتياجا لتنسيق مشترك بين الثقافة والإعلام لتوحيد جهودنا ونتمنى أن نصل في النهاية إلى خطة ولا نستعجل حتى نتفق على الخطوط العامة لها.
ولفت الكاتب الصحفي مصباح قطب عضو لجنة علوم الإدارة منسق الندوة، إلى أن هناك بعض الممارسات الإعلامية التي تساند الإرهاب مثل ما تبثه قناة الجزيرة من مشاهد دموية لداعش وغيرها من الجماعات الإرهابية.
وأشار الكاتب الصحفي محمود بكري إلى أن فئات الشباب هي الأكثر تأثرًا بما يحيط بالمجتمع المصري من أفكار متطرفة محذرا من خطورة مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر الأكثر خطورة، حيث تقوم الجماعات الإرهابية باصطياد الشباب كما يتم اصطياد الشباب من خلال الزوايا والمساجد الصغيرة التي تستغل في حشو رءوس الشباب بالفكر المتطرف.
وأضاف بكري أننا نحارب الإرهابيين ولا نحارب الفكر الإرهابي بالسبل الصحيحة مؤكدا أن مواجهة الفكر الإرهابي تتطلب تكاتف جميع الجهات خاصة الجهات الأمنية والإعلامية والفكرية وغيرها كما طالب بتشكيل كتائب إلكترونية لمواجهة فكر التطرف والإرهاب بحيث يتم تغذية هذه الكتائب الإلكترونية برؤى محددة ومخاطبة العقول مع وضع خطط لإدارة إعلام الأزمة.
شبكة الإنترنت
وأوضح الكاتب الصحفي المستشار الإعلامي بجامعة الدول العربية معتز صلاح الدين أن الإرهابيين يستخدمون شبكة الإنترنت في العديد من المهام التي تحقق أهدافهم الدنيئة ومنها بث بيانات إعلامية مصورة بهدف بث الرعب في قلوب المتلقين مطالبا بعدم اعتبار الجماعات الإرهابية مصدرا للمعلومات ومنددا بما تقوم به قناة الجزيرة على سبيل المثال من بث لهذه البيانات وهو عمل تقوم به الجزيرة جنبا إلى جنب مع ما تقوم به قطر من دعم للإرهاب.
وأكد أن الإرهابيين يستخدمون الإنترنت أيضا في تجنيد إرهابيين جدد والحصول على تبرعات بطرق ملتوية والبحث عن المعلومات وفي الاتصالات وإصدار التعليمات والتلقين وكذلك في التخطيط لأعمالهم الجبانة وفي التنسيق.
القنوات الفضائية
وأعلن معتز صلاح الدين أنه مع ضخامة حجم وسائل الإعلام أن الإرهابيين وسعوا من استخدامهم لهذه الوسائل، مشيرا إلى أن عدد القنوات الفضائية العربية حاليا 1230 قناة فضائية وجمهورها يصل إلى 220 مليون مشاهد في الوقت نفسه، ودراسة حديثة تضمنت تزايدا كبيرا في حجم المستخدمين العرب لمواقع التواصل الاجتماعي حيث وصل عدد مستخدمي فيس بوك في الدول العربية إلى 158 مليون مستخدم بالإضافة إلى 13 مليون مستخدم لتويتر وأكثر من 7 ملايين مستخدم لإنستجرام بمجموع 178 مليون مستخدم عربي لمواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن عدد المواقع الإلكترونية الإعلامية العربية وصل إلى 5200 موقع إلكتروني إعلامي وعدد الصحف اليومية والأسبوعية والشهرية والدورية وصل إلى 5050 صحيفة عربية.
المواقع الإلكترونية
وأشار إلى أن الإرهابيين على سبيل المثال لديهم 6100 موقع إلكتروني إرهابي على مستوى العالم منهم 770 موقعا باللغة العربية يروج للفكر المتطرف والإرهابي على مستوى العالم العربي وأضاف أن هناك 605 ألف حساب على تويتير يروج للإرهاب وللفكر التطرف ورغم قياد إدارة تويتر قبل أكثر من عام بحذف 235 ألف حساب يروج للإرهاب إلا أنه للأسف أغلب هذه الحسابات تعود مرة أخرى بمسميات مختلفة، لافتا إلى وجود نحو 170 ألف صفحة على فيس بوك تروج الفكر المتطرف والإرهابي.
وطالب معتز صلاح الدين بعدم بث أي بيانات للجماعات الإرهابية وكذلك التقليل من بث مشاهد العنف بصفة عامة وتضمين بعض الأعمال الدرامية رسائل غير مباشرة تكشف الفكر الإرهابي وأن تواكب وسائل الإعلام أي مستجدات في ظاهرة الإرهاب مثل توعية المواطنين باستخدام الإرهابيين للإنترنت في تجنيد الشباب أو بث أفكارهم المتطرفة وكذلك تقديم برامج حوارية حول الإرهاب يتحدث فيها خبراء الاجتماع وعلم النفس والأمن والإعلام والرياضيين والفنانين ورجال الدين بحيث تكون هناك مواجهة إعلامية مستمرة للفكر الإرهابي.
المراجعات الفكرية
وتحدث الكاتب الصحفي محمد الشافعي فأشار إلى أن فكرة المراجعات الفكرية السابقة التي حدثت في تسعينيات القرن الماضي كانت ناجحة وطالب بإستراتيجية لمواجهة الإرهاب تشارك فيها الجماعة الثقافية والتعليم والإعلام، لافتا إلى أن بعض المناهج التعليمية ترسخ للفكر المتطرف والإرهاب مؤكدا أنه من الضروري أن نتوجه بالحديث إلى الجهات المستهدفة خاصة الشباب حتى نحصنهم من الفكر المتطرف.
وتحدث بعد ذلك العميد سمير راغب رئيس المؤسسة العربية للدراسات الإستراتيجية فأكد أهمية التعاون بين الثقافة والإعلام في مواجهة الإرهاب، مضيفا أنه لا بد من الإعلام لتوصيل الثقافة، مشيرا إلى أن ما تقوم به قناة الجزيرة هو عمل مخابراتي وليس عملا إعلاميا،
وأشار أن مصر مستهدفة بمثل هذه النوعية التي تقوم بها قناة الجزيرة، وأكد أهمية الثقافة في مواجهة الفكر الإرهابي.
وتحدث الكاتب الصحفي أحمد الصاوي رئيس تحرير صوت الأزهر فتساءل هل الإعلاميين الذين يتصدرون الساحة مؤهلين للتصدي لقضايا الإرهاب؟ وضرب مثلا على ذلك عندما قام إعلامي كبير بإجراء حوار مع إرهابي وكانت النتيجة عكسية وظهر الشخص الإرهابي بمظهر الصامد وقارن بين هذه الواقعة وبين ما حدث في التسعينيات عندما قررت الدولية التحاور مع الإرهابيين وقدمت متخصصين وقامات عظيمة للتحاور معهم ومنهم مكرم محمد أحمد.
وأشار إلى أنه يوم 1 مارس 2017 صدر إعلان الأزهر للمواطنة والتعايش الذي حضره قيادات وشخصيات دينية بارزة من مصر والمنطقة العربية وتضمن الإعلان الذي صدر بحضور فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا تواضروس الإقرار أن الدولة هي دولة جميع مواطنيها والجميع متسايين في الحقوق ورغم أهمية الحدث فإن برامج التوك شو الكبرى لم تهتم به.
ولفت الكاتب الصحفي أسامة الدليل رئيس قسم الشئون الدولية في الأهرام العربي إلى أهمية العلاقة بين الثقافة والإعلام في مواجهة الإرهاب واصة أننا نقوم باتصال جماهيري وننتج الصورة المنظورة وكذلك الصورة الذهنية وهذا أخطر شيء لأن الإرهاب في النهاية هو صورة ذهنية، مشيرا إلى أن الإرهاب بدأ عندما تم فتح بيوت الزوايا الدينية وتراجع دور قصور الثقافة التي كانت تتضمن جميع الأنشطة من الرسم والرحلات والأنشطة المتعددة، مطالبا أن يتم إحياء قطاع الثقافة الجماهيرية فورًا لإحياء دور قصور الثقافة بحيث تكون منارة اجتماعية ضد الفكر المتطرف والإرهاب.
افتقار التغطيات الإعلامية
وتحدثت الدكتورة شيماء أبو الليل من مركز الدراسات بأكاديمية ناصر العسكرية فأشارت إلى أنها رصدت العديد من النقاط حول التغطية الإعلامية للإرهاب ومنها غياب التغطية الإعلامية ذات الطابع التفسيري والاستقصائي وافتقار التغطية للإستراتيجية الإعلامية مما يؤدي إلى عدم وجود رؤية واضحة وكذلك غياب المعلومات الدقيقة المستقاة من الجهات الرسمية ووجود تغطيات عفويه تفتقد للتخطيط وطالبت بتفعيل ميثاق الشرف الإعلامي وضرورة الالتزام به.
الإعلام الرياضي
وأكد الدكتور عصام الهلالي أستاذ علم الاجتماع الرياضي فأكد أهمية استخدام الإعلام الرياضي في مواجهة التطرف خاصة أن الإعلام الرياضي له جمهور عريض من الشباب وانتقد بعض الممارسات الحالية في الإعلام الرياضي التي تغذي التعصب والتطرف مؤكدا بضرورة تصحيح المسار.
وتحدثت الدكتورة نيفين جمعة من المركز القومي للبحوث الاجتماعية الجنائية، فأشارت إلى أن المركز يبذل جهدا علميا في قضية الإرهاب مؤكدة أنه لا بد من مقاومة الإرهاب بالثقافة، وأهمية وجود الاحصائيات والبيانات الدقيقة عن الإرهاب حتى تكون الصورة واضحة لمواجهته.
ولفت الدكتور سعيد المصري الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة إلى توليه منصب الأمين العام المجلس الأعلى للثقافة الشهر الماضي وأنه ليس غريبا عن المجلس فقد كان عضوا في لجنة علم الاجتماع بالمجلس وكان مساعدا لوزير الثقافة عامي 2014 و2015.
وأضاف قائلا: "لقد تابعت بإعجاب هذه الندوة وأحيي لجنة علوم الإدارة برئاسة الدكتور صديق عفيفي على هذا النهج الذي تعمل به ونحن أحوج ما نكون لتفعيل العلاقة بين لجان المجلس الأعلى للثقافة وأشار إلى أن ما قامت به اللجنة من هذه الندوة وما سيعقبه من تشكيل مجموعه تنتهي إلى أفكار معينة وبعد ذلك تعرض على المجلس الأعلى للثقافة ويقرها ومن ثم يدعو المجلس الأعلى للإعلام للعمل بها، فهذا عمل منهجي متميز ولجنة علوم الإدارة سباقه في هذا الأمر ونحن بصدد أن نعقد اجتماعا للمجلس الأعلى للثقافة في الأيام المقبلة.
وفي نهاية الاجتماع أعلن الدكتور صديق عفيفي رئيس لجنة علوم الإدارة بالمجلس الأعلى للثقافة أن هذه الندوة كانت بمثابة عصف ذهني لتحديد إطار التحرك وسيتم عرض الرؤية على المجلس الأعلى للثقافة الذي بعد أن يقرها يعرضها على الجهات المختصة وأشار إلى أنه لبلورة ما تم طرحه من أفكار ورؤى سيتم تشكيل مجموعة عمل من الحاضرين ومن يرغب في المشاركة في مجموعة العمل هذه عليه أن يطلب ذلك، بحيث تقوم هذه المجموعة ببلورة الرؤى لوضع إستراتيجية مواجهة التطرف والإرهاب، وتم تشكيل مجموعة عمل لهذا الشأن مكونة من: الكاتب الصحفي محمود بكري -الكاتب الصحفي محمد الشافعي - الدكتور محمد المري - العميد سمير راغب -الكاتب الصحفي المستشار الإعلامي معتز صلاح الدين -الكاتب الصحفي علاء الحلواني - الدكتورة شيماء أبو الليل.