الحكومة لـ«المخترعين»: «فوتوا علينا بكرة»..ابتكارات الحاصلين على جوائز معرض جنيف الدولي «محلك سر».. و«أمينة» رفضت عرض سفير سويسرا لتنفيذ «صابونة الأرز»
المسئولون عن البحث العلمى في مصر سواء وزير التعليم العالى والبحث العلمى الدكتور خالد عبد الغفار، أو الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمى أو رؤساء المراكز البحثية، يمكن القول إنهم لا يتقنون سوى «أبجدية التصريحات»، ولغة الأرقام التي يستخدمونها لـ«الاستهلاك الإعلامي»، عندما يأتى الحديث عن الميزانيات التي يتم وضعها وإنفاقها في إطار دعم الدولة للمخترعين.
مبتكري جنيف
ما حدث للباحثين المصريين المشاركين في معرض جنيف الدولى للاختراعات، وتحديدا الذين حصلوا على جائزة المعرض، يثبت - بما لا يدع مجالًا للشك- حقيقة السياسة التي تُدار بها منظومة البحث العلمى في مصر، مع الأخذ في الاعتبار أن ملتقى جنيف الذي يعد الأكبر عالميًا في مجال الاختراعات لا يعطى جوائزه إلا بعدة شروط لعل أهمها أن يكون البحث قابلا للتنفيذ وذات عائد اقتصادي، أي لا يوجد حجة لأى بلد لعدم تنفيذ تلك الأبحاث، والأهم من ذلك أن الحصول على تلك الجائزة تعنى أننا أمام أفضل باحثين في الدولة.
أمينة عياد
لم تشفع الميدالية الذهبية التي حصلت عليها الباحثة أمينة عياد في معرض جنيف، التي كانت ضمن بعثة المخترعين لجنيف 2017، في أن يرى بحثها النور، وكان ابتكارها عبارة عن «صابونة» يتم تصنيعها من قش الأرز لعمل صابون طبيعى دون مواد كاوية، وبالتالى يتم الاستفادة المزدوجة من التخلص من قش الأرز بوسيلة اقتصادية.
كأى فتاة مصرية، بمجرد أن حصلت «أمينة» على الميدالية انهالت عليها عدة عروض، في مقدمتها عرض مباشر من سفير سويسرا الذي تواصل مع أكاديمية البحث العلمى الراعية الرسمية لبعثة جنيف لإنتاج مصنع للصابون، لكن الباحثة رفضت، وسعت أن يكون مشروعها في مصر من خلال عمل خط إنتاج ضخم للصابون على أرض الواقع، فخط الإنتاج يكلف ما يقرب من مليون جنيه والمعدات متوفرة بكوريا الجنوبية والصين.
حبيس الأدراج
لكن ما حدث أن نشوة الفرحة ذهبت مع عرض السفير السويسرى وبقى اختراع «أمينة» حبيس الأدراج، ليتم تدريسه في الأكاديمية وقد مر أكثر من عام حتى الآن، رغم أن ضمن شروط التقدم لـ«جنيف» أن يكون البحث تم دراسته جيدًا والأغرب من ذلك أن أكاديمية البحث العلمى نفسها قد درست كل الأبحاث، أمينه لخصت المأساة قائله: حين نسأل الآن على مصيرنا يقولون لنا «لسه»، أما مصيرنا كباحثين فقد توقف.
محمد سعد
حظ الباحث محمد سعد سالم، لم يكن بأفضل من «أمنية»، فالشاب الذي حصل على الميدالية البرونزية في معرض جنيف الدولى للابتكارات لابتكاره جهازا يعمل على تحويل عوادم السيارات لطاقة كهربائية، لم يرَ ابتكاره النور حتى الآن، وهو عبارة عن حل لمشكلة الاحتباس الحرارى من خلال نموذج يتكون من جزءين عبارة عن سبيكة معدنية تتكون من مجموعة من أشباه المواصلات تعمل على امتصاص الحرارة الخارجة من العادم لتتحول عن طريق مجال كهرومغناطيسى إلى فرق جهد كهربي، وعن طريق تلك السبيكة استطاع تحويل الحرارة الخارجة من العادم إلى طاقة كهربائية.
«سعد» استطاع تسويق نفسه جزئيًا حين حصل على المركز الأول على مستوى الوطن العربى في مهرجان الشباب العربى الثانى عشر بمحافظة الإسكندرية، وسلمه الجائزة المهندس خالد عبد العزيز، كما سافر بعد ذلك إلى روسيا كعضو لجنة ثقافية لمدة 12 يومًا لمتابعة ابتكارات الباحثين، لكن تلك الجولة لم تكن أيضًا لها أي فائدة، فالابتكار ما زال حبيس الأدراج شأنه شأن «صابونة قش الأرز».
أحمد عباس
إلى قائمة «أبحاث الأدراج» انضم أحمد عباس، مبتكر تقنية لتوليد الكهرباء من حركة تسيير عربات المترو، والتي نال عنها الميدالية الذهبية بمعرض جنيف، وميدالية من الجالية المصرية بسويسرا وشهادة خاصة من جمعية «WWIEA» بكوريا وشهادة تقدير من دولة البرتغال.
فكرة «أحمد» بسيطة، فبحسب دراسته فإن خط المترو الأول يحتاج إلى ثلاث محطات فقط للكهرباء، ويدفع من أجل ذلك ملايين الجنيهات، فماذا لو تم بناء مغناطيس كهربائى ضخم بدل تلك المحطات دون تكاليف تذكر؟!، تلك الفكرة التي نالت إعجاب اللجنة المنفذة لجنيف، لم تلقَ أي اهتمام بعد انتهاء المسابقة، فقد ذهب إليهم أكثر من مرة وقدم دراسته وخاطب أكاديمية البحث العلمى لتساعده وهو ما لم يحدث بل إن رد الأكاديمية كان في إحدى المرات «مش فاكرينك»، ويبحث الباحث الآن عمن يجد له أي حل لتلك الأزمة.
محمود صقر
على الجانب الآخر يصر الدكتور محمود صقر، رئيس أكاديمية البحث العلمي، أن الدولة تدعم كافة الابتكارات التي تستحق المشاركة بعناية فائقة، ثم الترتيب للمشاركة بالمعرض والحجز الأمر الذي يحتاج إلى تكاليف مادية تتحملها الأكاديمية، كما يتم دعم المبتكرين المشاركين بتذاكر وبدل للسفر.