محطات في حياة سمراء النيل مديحة يسري
كانت نجمة تلألأت في سماء زمن الفن الجميل، واحدة من ألمع نجمات الفن وأكثرهن جمالًا وشهرة، حتى إن مجلة "التايم" خلال حقبة الأربعينيات اختارتها لتكون ضمن قائمة أجمل عشر نساء في العالم.
وخلال مسيرتها الطويلة ومشوارها الفنى على مدى سنوات وسنوات، مرت "سمراء الشاشة" بمحطات كثيرة منها:
ولدت مديحة يسري أو هنومة حبيب خليل، في القاهرة في 3 ديسمبر عام 1921، تلقت تعليمها في "مدرسة الفنون" واكتشفها المخرج المصري محمد كريم، وكان أول أدوارها في فيلم "ممنوع الحب" عام 1942، أمام محمد عبد الوهاب، وكان أول أدوار البطولة للجميلة في العام ذاته في فيلم "أحلام الشباب"، ولكن بدايتها الحقيقية كانت حينما اكتشفها (يوسف وهبي).
مثلت مديحة يسري أمام عمالقة الغناء والتمثيل على رأسهم محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، وشكلت مع محمد فوزى "دويتو" خاصا، وقدمت عددًا كبيرًا من الأدوار المتنوعة بين الكوميديا والتراجيديا، وظهرت في أدوار البطولة والابنة والحبيبة، واستمرت في التمثيل وتقديم الأعمال الفنية، رغم أن العمر قد رسم علاماته على وجهها، واحترمت هي حكم السن وقدمت أدوارًا تناسب عمرها، وقدمت في مشوارها أفلاما قد تصل إلى الـ90 فيلمًا، وكان آخر ظهور سينمائى للجميلة مديحة يسري في فيلم "الإرهابى" عام 1994، والذي كان يقوم ببطولته الفنان عادل إمام.
لم يكن الحظ حليفًا للفنانة مديحة يسري في حياتها العاطفية، فقد خاضت تجرِبة الزواج أربع مرات، ثلاثة من الوسط الفنى، الأولى من المطرب والملحن "محمد أمين"، والثانية من المنتج والفنان أحمد سالم، ثم الفنان محمد فوزى الذي شاركته في تأسيس شركة الأسطوانات "مصرفون"، وآخر زيجاتها كان الشيخ "إبراهيم سلامة الراضى"، شيخ الطريقة الحامدية الشاذلية الصوفية، كانت تبحث خلال زيجاتها المتعددة عن الإخلاص والحب والوفاء، ولكن لم تجد سوى الخيانة والغدر، ولكن كان محمد فوزى استثناء من بين كل هذا، فبالرغم من كل شيء كانت له مكانته الخاصة في قلبها.
لم تمر سمراء الشاشة بلحظة أصعب كتلك اللحظة التي فقدت فيها ابنها وحبيبها عمرو محمد فوزى، بطل الكاراتيه، وهو في ريعان شبابه فلم يكن عمره يتخطى حينها الـ26 ربيعًا، إثر حادث سيارة عام 1982، وكانت هي التي أهدت له هذه السيارة التي كان يسير لها سريعًا في طريق المطار فاصطدمت بالجزيرة الوسطى وانقلبت مرتين ومات داخل السيارة، كان هذا الحادث بمثابة غصة لم تتلاش يومًا ولم يخفت ألمها، فظل قلب الأم المكلومة يبكى صغيرها لفترة طويلة، وتحدثت هي عن هذا الحادث وقالت: "تعرضت لانهيار عصبي وعولجت منه بصعوبة وذهبت لأحد الشيوخ وقال لى ابنك هينتظرك على باب الجنة ويمسك بيدك، وكلامه ريحني وهدانى كتير وبعد كده بصبر وبإيمانى والصلاة استطعت أن أتخطى محنة فراقه".
بعدما شهدت مصر قرار التأميم في الستينيات، تم تأميم كافة ممتلكات مديحة يسري، تأمم مصنعها وفيلتها وشركة الإنتاج التي كانت أسستها مع طليقها محمد فوزى، وعدد من السيارات الخاصة، ما اضطرها إلى بيع كل ما تملك من المجوهرات لكى تضمن إمكانية الإنفاق على نفسها، وحولت مقر سكن لها إلى منزل لأنها بعد هذا القرار أصبحت بلا أي بيت.