رئيس التحرير
عصام كامل

التمويل الأجنبي والتجريس!


قبل نحو عقدين من الزمان تحدث معى الزميل الإعلامي خيرى رمضان لدعوتي للقاء تليفزيوني معه، وأضاف قائلا إنه يقدر موقفي الرافض لتلقي مبلغ مالي من وزير إعلام لدولة خليجية كان يزور القاهرة وقتها.. فقلت له كيف عرفت بذلك الأمر وأنا لم أتحدث فيه مع أحد.. فقال لي عرفت ذلك من سفارة بلد الوزير الخليجي بالقاهرة، وقد كشفوا من قَبَلَ الأموال ومثلما كشفوا رفضك.. وأضاف قائلا إن من يعطي مالا هو أول من يعلن ويكشف عن ذلك ويفضح من أعطاه!


وهذه تعد قاعدة في كل حالات التمويل الأجنبي في شتى المجالات سواء لمنظمات المجتمع المدني أو غيرها من المنظمات الاجتماعية والرياضية أو لأي أشخاص وأفراد..

نعم الأموال تمنح سرًا وخفية وبدون إعلان، ولكن من يمنح هذه الأموال يتحين دوما الفرصة للإعلان عن تلك الأموال التي منحها سرا والكشف عمن قبلوا الحصول عليها أو تلقيها.. فهو لا يهتم فقط بالسيطرة على من منحه أمواله والتحكم في قراراته ومواقفه واستخدامه لتحقيق مصالحه، وإنما هو معنى أيضا بتجريس وفضح من حصل منه على أموال سرا.

هذا ما يفعله كل مانحي الأموال سرا في العالم سواء للمنظمات أو الهيئات أو الشخصيات في دول عديدة.. حتى الولايات المتحدة التي قاتلت في وقت من الأوقات من أجل أن تفرض علينا قبل عدة سنوات مضت منح أموال سرا ومن وراء ظهر الحكومة لبعض منظمات المجتمع المدنى المصرية، سرعان ما قدمت للقيادة المصرية عام ٢٠١١ كشفا تضمن أسماء المنظمات والشخصيات التي قبلت هذه الأموال الأمريكية سرا، وحجم وقيمة ما تلقته من أموال..

وقد نشرت هذا الكشف بالكامل في كتابي الذي صدر قبل ست سنوات مضت بعنوان "أسرى المال السياسي"، والذي أعادت الهيئة العامة للكتاب نشره وإصداره في طبعة خاصة لمكتبة الأسرة.

وهكذا التجريس هو أحد أهداف من يمنحون أموالا للغير في دول أخرى.. والتجريس له أهدافه أيضا فهو يؤدي إلى النيل من المجتمعات ومن نخبها السياسية والاجتماعية والرياضية أيضا.. التمويل الأجنبى السرى يا سادة يا كرام لعنة وسوف يفتضح أمره فيما بعد وبمعرفة مانحي الأموال.
الجريدة الرسمية