«فيتو» تحاور المصري منسق افتتاح وختام مونديال روسيا: حققت حلم حياتي
كان يومًا شاقًا للغاية، مهام لا تكاد تنتهي ودوام استمر ما يزيد عن ١٤ ساعة، الوقت تخطى الحادية عشر مساءً، هنا قرر محمد ثابت أن يمنح جسده قسطًا من الراحة، استقل سيارته متجهًا إلى منزله بالقاهرة، كل شيء رتيب واعتيادي، دقائق ووصل إلى مسكنه، اطمأن على أسرته وكيف كان يومهم، واتجه بعدها نحو غرفته، قاصدًا «اللاب توب» تصفح بريده الإلكتروني، لعله يجد جديدا يغير من الأمر شيئًا، هنا كانت المفاجأة الرسالة التي غيرت مسار يومه، لحظة تجاوزت أحلامه، كانت رسالة موجهة إليه من الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» تخبره أنه وقع عليه الاختيار، كمنسق إعلامي بملعب لوجنيكى، الذي يستضيف افتتاح وختام فعاليات كأس العالم لعام ٢٠١٨، المقام بروسيا.
محمد ثابت، المنسق الإعلامي للاتحاد الأفريقي لكرة القدم «كاف»، المصري الذي اختارته «فيفا» مسئولا إعلاميًا خلال افتتاح وختام فعاليات كأس العالم لكرة القدم ٢٠١٨ بروسيا، مسيرة نجاح ربما تجاوزت سنوات عمره الست وثلاثين، والتي بدأت منذ ١١ عامًا مضت، ما بين استديوهات التحليل الرياضي، وتغطية وتنظيم البطولات العالمية، وصولا إلى مسئولية التنظيم الإعلامي لكأس العالم، تلك المهمة التي يشاركه فيها نظيره البرازيلي.
في عام ٢٠٠٧، كانت أولى خطوات الشاب العشريني، القادم من محافظة الشرقية، نحو التميز والنجاح، فبرغم من حصوله على بكالوريوس التجارة، إلا أنه أطاح بالتخصص، وأثبت أن الموهبة والإصرار بمقدورهما تحقيق ما عجز عنه المتكاسلون، يقول: «تخرجت في كلية التجارة عام ٢٠٠٥، إلا إنني لم أحيد عن هدفي للوصول إلى أعتاب التقديم الرياضي، استكملت دراستي وحصلت على دبلومة الإعلام من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وكانت قنوات دريم هي أولى هذه العتبات».
احتضنت «ثابت» في بداياته كبرى القنوات المحلية والعربية، فانضم إلى برنامج العاشرة مساءً، وبعدها انتقل إلى دريم سبورت، ومنها إلى قناة «أيه أر تي»، ليستقر به الحال فيما بعد داخل قناة النيل للرياضة، والتي تم انتدابه من خلالها إلى كأس العالم ٢٠١٠ بجنوب أفريقيا، في نسخته التاسعة عشر، كأول بطولة تقام على أرض أفريقية.
يبدو أن الطريق نحو العالمية، كان ممهدًا أمام الشاب المصري، فمنذ أن تخرج وعقد العزم على تحقيق حلمه، لم يتخلف عن المشاركة في تنظيم بطولة دولية في كرة القدم سواء كان ممثل فيها المنتخب المصري أم لا، نجاحات يسردها ثابت نفسه:« منذ أن استكملت دراستي شاركت في تنظيم كل بطولات أفريقيا منذ عام ٢٠٠٧، وكذلك كأس العالم للشباب ٢٠١٠، وكأس العالم تحت ١٧ سنة وتحت ٢٠ سنة وكأس القارات، وأيضا كأس العالم لكرة القدم في ٢٠١٠ و٢٠١٤، وأيضًا كأس العالم للأندية».
«فيفا» هي المحطة الأبرز في حياته، كانت البداية في عام ٢٠١٣ يقول: «من خلال عملي وأنشطتي مع الاتحاد الأفريقي لكرة القدم كاف، تابعني الاتحاد الدولي لكرة القدم، وتم انتدابي من قبل فيفا لتنظيم كأس العالم تحت ١٧ سنة في شتاء ٢٠١٣، الذي أقيم في الإمارات العربية المتحدة، وبعدها تم انتدابي أيضا في كأس العالم ٢٠١٤ الذي أقيم في البرازيل، وغيرها من فعاليات وبطولات دولية».
تساؤلات عدة، يطرحها كثيرون، حول وصول محمد ثابت في هذه السن إلى الاتحاد الأفريقي لكرة القدم «كاف» ومن ثم انتدابه لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» يعلق: «بحب شغلي جدا وبجتهد قدر المستطاع، وأنا ماشي في طريقي ربنا بيفتحلي طريق تاني، ووساطتي في الـ«فيفا» ربنا، وراضي باللي وصلتله الحمد لله».
كابتن خالد بيومي، المحلل الرياضي الشهير، اسم يتردد كثيرًا كلما وجد محمد ثابت، الذي اتخذ من «بيومي» نموذجًا وقدوة في مجال التحليل الرياضي والتنظيم الإعلامي، ولا سيما أن صلة القرابة التي تجمع بينهما جعلته يتأثر به منذ الصغر، بل كان دعمه وتحفيزه سببًا رئيسيًا في بلورة حلم محمد ثابت وحبه للمهنة التي يمارسها وأصبح أحد نجومها الدوليين يقول: «خالد بيومي خالي، وهو صاحب الفضل في كل ما وصلت إليه الآن، فهو الداعم والموجه، بل ساهم بشكل كبير في تشكيل وجداني وميولي، هو من أحببني في التحليل الرياضي وشجعني في كل الخطوات التي سلكتها للوصول إلى هذا المستوى، ولكن ريما يتخيل البعض أن الكابتن خالد، توسط لانضمامي إلى كاف أو فيفا، ولكن العالم بسياسات وقوانين هذه المؤسسات العريقة، يعي تمامًا أن لا مجال هناك للوساطة، الناس دي ما بتهزرش إما أن تكون ناجحا وإما لا شيء، وفي العموم الوساطة في أي مجال ربما توفر لك البداية ولكن من المحال أن توفر لك الاستمرارية والنجاح».
ليس من الضروري أن تمتلك قدمًا ذهبية، لتحرز هدفًا عالميًا يربك مرمى المنافس، ينسب إليك ويرفع شأن البلد التي تنتمي إليها، ولكن هناك أهدافًا أخرى لا تقل تأثيرًا، قوامها الإصرار والعزيمة، من شأنها أن تجعل من اسمك ملء السمع والأبصار، هكذا كان محمد ثابت، الذي استطاع بكفاءته أن يقنع أكبر منظومة عالمية لكرة القدم، أنه الأجدر على تولي مسئولية التنسيق الإعلامي لأكبر الملاعب التي تقام عليها مباريات كأس العالم في روسيا.